الأحد 22 ديسمبر 2024

نزار السيسي يكتب: إتفاقيه الوحده الاقتصاديه

باور بريس

بعد مضي ما يقارب من خمسه عقود علي أول تجربة تكاملية عربية، يتوقف الباحث ملياً ليرصد ما حفلت به عبر تلك السنين الطويلة من معطيات، وما تواجهه حالياً من تحديات، تشكلها المتغيرات السياسية والاقتصادية علي الصعيد العربي والاقليمي والدولي. وما هذه التحركات والتصريحات التي تصدر من هنا أو هناك حول صيغ ومقترحات بديله للتعاون الاقليمي إلا تعبيرا عن المأزق الذي يواجهه التكامل الاقتصادي العربي بوضعه الراهن. 
وربما كانت التجربه وما تمخض عنها حتى اليوم من ضآله المنجزات وما رافق مسيرتها من سلبيات تعطي الاخرين ذريعه طرح البديل في ظل تراجع النظام الاقليم العربي. 
لعل الازدواجيه التي تعاني منها آليات التكامل الاقتصادي العربي هي اخطر تلك التحديات التي اضرت الشيء الكثير في العمل العربي المشترك بما تمثله من هدر في الموارد وتنافس ضار حول كيفيه بلوغ الاهداف وانعكاسات ذلك بالتالي على عدم الجديه في التنفيذ.
وسجل العمل العربي المشترك حافل بجوانبه المختلفه بالعديد من صيغ التعاون والتكامل وخاصه في الحقل الاقتصادي. وغني عن البيان ان هذا العمل ارتبط بقيام جامعه الدول العربيه باعتبارها اول تنظيم قومي واقليمي في تاريخ العرب المعاصر. بيد أن مصطلح العمل الاقتصادي العربي المشترك مصطلح فضفاض يتسع ليشمل صورا مختلفه من التعاون الاقتصادي في أضيق صيغه المتمثله بتسهيل التبادل التجاري، وفي اوسع صيغه التكامليه متمثله بالوحده الاقتصاديه. وقد خاض العرب في كل هذه التجارب بدءا من تشكيل اللجنه الاقتصاديه الدائمه المنصوص عليها في الماده الرابعه من ميثاق جامعه الدول العربيه عام 1945، ومرورا بانشاء المجلس الاقتصادي العربي عام 1950 بموجب الماده الثامنه من معاهده الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي وانتهاءا بانشاء مجلس الوحده الاقتصاديه العربيه بموجب اتفاقيه الوحده الاقتصاديه العربيه لعام 1957، وفي اطار هذه التنظيمات التعاقديه والمؤسسيه للعمل الاقتصاد العربي اتخذت آلاف القرارات وابرمت عشرات الاتفاقيات الجماعيه واقيم العديد من المشروعات في شؤون التجاره والمال وانتقال رؤوس الاموال وتنقل الايدي العامله.
وقد حالف النجاح بعض هذه المشروعات وصادف بعضها الفشل وربما كان مشروع الوحده الاقتصاديه والسوق العربيه المشتركه اكثر صيغ التكامل الاقتصادي تعثرا في تاريخ العمل الاقتصاد العربي حتى اليوم وسأخصص مقالي عن شئون وشجون الوحده الاقتصاديه التي تمر تجربتها الثريه بمأزق خطير قد يعصف نتيجه عوامل داخليه واخرى خارجيه بأكثر منجزات العرب طموحا خلال اكثر من سته عقود مضت.
ولفهم التطورات التي شهدها مشروع الوحده الاقتصاديه العربيه لابد من العوده الى الظروف التاريخيه التي احاطت بابرام اتفاقيه الوحده الاقتصاديه وقيام المجلس الذي أوكل اليه أمر الاشراف على شؤونها، فبدون الاحاطه بهذه الظروف يصعب على القارئ تقييم التطورات التي رافقت قيام وتعثر اول تجربه للتكامل الاقتصاد العربي ذلك ان الحكم على نجاحه وفشل تجربه ما يجب ان ياخذ بنظر الاعتبار الظروف التي نشأت في ظلها وحكمت مسيرتها ثم نعرج بعدئذ على دراسه وتحليل مأزق الوحده الاقتصاديه في ضوء المداخل التكامليه وتقييم ومتابعه التجربه والازدواجيه القائمه بين الاجهزه القوميه التي تقود العمل الاقتصاد العربي المشترك ومحاولات توحيدها او اعاده هيكلتها والمقترحات المقدمه من الحكومات العربيه والخبراء العرب في هذا الخصوص من خلال رؤيه عايشها الكاتب مع العمل الاقتصادي العربي المشترك لنجيب على التساؤل الملح:: الوحده الاقتصاديه العربيه الى اين؟!