الثلاثاء 08 أبريل 2025

دكتور عبد الله العوضي يكتب: أوكرانيا عند أمريكا.. " للبيع " ؟!

باور بريس

 

روسيا - أوكرانيا، استقلال في تسعينيات القرن الماضي و غزو في الألفية الثالثة، إننا أمام مشهد سياسي عالمي و ليس أوروبي - أميركي فحسب.
دقت ساعات السنة الرابعة للحرب بإيقاعات مختلفة عن كل السنوات السابقة، بسبب دخول ترامب على خط المواجهة السياسية بقوة الصفقات التجارية الضخمة  . 
تتسارع خطوات السلام  منذ عرض مختصر ترامب على الرئيس الأوكراني  لوقف الحرب، السلام مقابل استرجاع 500 مليار دولار صرف على أوكرانيا منذ اندلاع الأزمة، لقد حسمها ترامب و حسبها نقدا و عدا و قسمها على على أوروبا كذلك ب 150 مليار دولار و الباقي لأميركا ، لا نعرف إن كان ذلك مفاجئا لزيلينسكي أم من ترتيبات  كواليس  و كوابيس سياسة الأمر الواقع؟!

ما وراء .. التاريخ

نعود إلى ما وراء التاريخ، قبل ثلاث سنوات من الآن، لكي ندرك حجم المأساة و التمادي في حرب عالمية المسار ، و بين شد و جذب أميركا - أوروبا . 
بايدن هو من أشعل فتيل الحرب بين روسيا و أوكرانيا و لو بشكل غير مباشر، حين خاطب بوتين بقوله : أنت لا تحتاج لأكثر من 36 ساعة لاجتياح أوكرانيا؟! 
سياسيا ، كان هذا هو إشارة البدء ، بل الضوء الأخضر الأميركي للذهاب إلى الميدان بلا تحفظ، بل بتحفيز من الولايات المتحدة الأميركية .
من غير أي مقدمات لإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا ، بالدفع الرباعي الأميركي ، ينقلب السحر على الساحر ، و ينقلب موقف أميركا لصالح روسيا و كأن الأرض انشقت و بلعت عقود من الحرب الباردة بين القوتين العظميين ؟!
نقلًا عن وزير الدفاع الأمريكي قوله : نحن اليوم أقرب أكثر من أي وقت مضى لتحقيق السلام بين أوكرانيا وروسيا ، أميركا استثمرت أكثر من أي دولة أخرى في مساعدة أوكرانيا والآن حان وقت السلام ، و لن ننشر قوات أميركية في أوكرانيا وكنا واضحين جدًا بهذا الخصوص ، و كل ما يقوم به "ترامب" في المفاوضات بشأن أوكرانيا وروسيا نابع من موقف قوة ( 23 / 2 / 2025 فوكس نيوز ) 
و الملاحظ أن هذا التصريح يصدر أول يوم من بدء الحرب الروسية الأوكرانية ، قبل ثلاث سنوات على وجه التحديد ، و هذا يعني بأن الأيام المقبلة ستشهد العديد من الأحداث من الوزن الثقيل و لكنها لن تكون حربا طاحنة بل صفقات تربح فيها أميركا بالدرجة الأولى و ليس مهما من يكون الخاسر الأكبر ؟!

صوت المعركة.. و صدى السياسة!

من النادر أن يتطابق صوت المعركة مع صدى السياسة و خاصة في الأروقة الرمادية ، عن ماذا يحدثنا الطرف الأوكراني المعتدى عليه  ؟
نقلًا عن رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية في تصريح له بأن : كوريا الشمالية تزود روسيا بنحو 50% من احتياجاتها من الذخيرة ، و بمدافع الهاوتزر وأنظمة إطلاق صواريخ  . ( رويترز- 23 / 2 / 2025 ) 
عندما تذكر سيرة كوريا الشمالية في أي خبر ، أميركا الدولة العظمى تقف على قدميها أولا قبل جارتها كوريا الجنوبية و التي كانت مع أختها الشمالية في يوم من أيام التاريخ المنسية إمبراطورية لا تقل قوة عن أي منافس لها ، و كانت أميركا هي التي طبقت عليها نظرية كيسنجر " فرق تسد " ، فقط بكلمتين مسمومتين حولت تلك الإمبراطورية إلى دولتين عدوتين إلى حين . 
و لن نذهب بعيدا في تتبع أخبار زعيم كوريا الشمالية ، و هذا أحدث خبر ، اختفاء 20 جندياً في كوريا الشمالية نظروا للزعيم في عرض عسكري .
أفادت تقارير إعلامية ، بأن سلطات كوريا الشمالية أخفت 20 جندياً من قوات النُخبة بعد أن «عرّضوا حياة» الزعيم كيم للخطر من خلال انتهاك قاعدة أمنية، بالنظر إليه خلال تدريبات عسكرية. و نقلت صحيفة ميرور عن وسائل إعلام كورية، أن الجنود اعتُقلوا في سبتمبر الماضي أثناء زيارة كيم  إلى قاعدة قوات النخبة، حيث ارتكبوا خطأ أمنياً فادحاً بالنظر إليه أثناء حملهم الأسلحة، ما اعتبره الحرس الخاص به تهديداً مباشراً لسلامته.
وأضافت مصادر أن الجنود اختفوا منذ ذلك الحين، وتلقت عائلاتهم رسائل تهديد بالقتل، فيما اختفى والدا أحد الجنود بعد أن حاولا الاستفسار عن مصير ابنهما، وتمت مصادرة منزلهما، وإخبار الجيران بأنه أُعيد تخصيصه لشخص آخر.
وكشفت مصادر أن أمن كيم وبّخ الجنود بشدة، معتبراً أن سلوكهم خلال التدريبات كان غير لائق، وأثار قلق الفريق الأمني حتى أنهم اتُهموا بعدم الجدية
وفي حين لم يتم الإعلان رسمياً عن مصير هؤلاء الجنود، فإن بعض التقارير أشارت إلى أنهم ربما تعرضوا للإعدام، أو تم حبسهم في مكان معزول.( الخليج / 9 / 3 
، 2025 ).
من خلال متابعتنا لأخبار هذه الدولة التي تعد منبوذة عالميا بل الذي يتعامل معها قد يتعرض لعقوبات أميركية بالطبع لأن بينهما صراع دامي لا يخفى على أحد و خاصة و أن هذا الزعيم لا يملك من قوة غير " الزر النووي " أو بادرة صراع عند كل خلاف .

الإستقالة .. مقابل السلام ؟!

لقد أخذت الحرب المستمرة في أوكرانيا بعدا آخر منذ تولي ترامب منصبه الرئاسي لفترة ثانية ، و نعرف حقيقة هذا المسار المستجد من الرئيس الأوكراني نفسه عندما قال بأنه : يجب أن ننخرط في أي مفاوضات ونحن جزء لا يتجزأ من أوروبا ويجب أن تكون ممثلة في المفاوضات .
و قد وضع استقالته ثمنا و تضحية سياسيا من أجل " السلام " المأمول أو المطلوب مهما كان المقابل ، يقول في هذا الصدد أنا  : 
مستعد للاستقالة إذا جلبت السلام إلى أوكرانيا أو تم قبولنا في "الناتو"
رغم أن السلام الروسي مشروط بأن " الناتو " خط أحمر " و هو الدافع الرئيسي للحرب ضد أوكرانيا .
و فوق ذلك قام ترامب بإدخال شرط جديد على خط السلام الموعود و هو كما أشار إليه زيلينسكي ، اتفاق المعادن كله يتعلق بحماية أوكرانيا وبدون ضمانات أمنية لن نوافق على أي اتفاق ، و قد قال : أرفض الاعتراف بأن أوكرانيا مدينة للولايات المتحدة بمبلغ 500 مليار دولار ( 23 / 2 / 2025 )

مجرد .. صراع !

هذا المسار المفروض من علٍ ، سوف يعقد الشروع في عملية السلام و يكثر من العقبات أمامه ، مما يطيل أمد " اللاحرب و اللاسلم " . في وقت فيه السلام غاية في حد ذاته و وسيلة لتحقيق الاستقرار و الأمن . 
أميركا ترامب لم تعط مهلة التفكير لأوكرانيا في مصيرها السياسي ، حتى سارعت الخطى إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرارات و بيانات تلزم بها أوكرانيا لتحديد ما يراد منها و ليس ما تريدها من روسيا !
حيث صرح بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم بان : إدارة ترامب دعت أوكرانيا إلى سحب قرار سنوي في الأمم المتحدة يدين حرب روسيا ، و  هي تريد تبديل القرار السنوي ببيان ترعاه واشنطن يدعو إلى إنهاء الصراع .
و لكن أوكرانيا رفضت سحب قرارها المزمع التصويت عليه في اجتماع الجمعية العامة . ( واشنطن بوست - 23 / 2 / 2025 )
أميركا تريد تحويل مسار الحرب في أوكرانيا إلى مجرد صراع لا غير بعد سنوات من التدمير ، و حتى الإدانة الشفوية و الرمزية ليس لها محل من الاحترام والتقدير في أروقة المنظمة الأممية ، و هي سابقة في التاريخ السياسي و في صميم العلاقات الدولية .

صندوق.. ال " 500 مليار " ؟!

أميركا دخلت على خط المواجهة مع أوكرانيا و لا تقول روسيا معها ، لأن ترامب قلبَ الطاولة و وضع عليها أوراق المقامرة التي يتقن اللعب بها جيدا لطول خبرته .
فما تريده أوكرانيا مختلف تماما عما تمارسها أميركا في هذا الملف الذي يراد طويه في أسرع وقت و بدفع أثمان باهظة و بفاتورة المغلوب على أمره!
أوكرانيا طرحت إقامة شراكة مع 
أميركا بشأن مواردها الطبيعية النادرة لإقناع "ترامب" بتقديم دعم إضافي لجهودها في الحرب 
والاتفاقية تنص على توجيه العائدات لصندوق مملوك  لأميركا بنسبة 100% وعلى أوكرانيا أن تساهم في الصندوق حتى يصل إلى 500 مليار دولار .
أما المقترح المُعدل فإنه ينص على إمكانية أن تعيد  أميركا استثمار جزء من العائدات في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب ، و الأدهى و الأمر في أن المقترح الأميركي المُعدل يتضمن كذلك أحكامًا تتعلق بالإيرادات من الأراضي التي تحتلها روسيا حاليًا في حالة تحريرها ( نيويورك تايمز - 23 / 3 / 2025 )
لم تترك أميركا لأوكرانيا فرصة لأخذ نفس واحد ، فضلا عن تتنفس الصعداء ، فهذا السلوك ليس غريبا على ترامب ، بل في فترته الأولى طالب العالم العربي بدفع 70 تريليون بأثر رجعي مقابل الحماية الأميركية للمنطقة منذ قيام إسرائيل .
منطق الإبتزاز و التسول غير الدبلوماسي قد طغى على السياسة الخارجية الأميركية في هذه المرحلة التاريخية من الصراع العالمي .

ضمانات .. أمنية !

الرئيس الأوكراني يقول : "لست مستعدًا" لتوقيع اتفاق معادن مع الولايات المتحدة ، فهي تريد انتزاع 500 مليار دولار من أوكرانيا ، و 
" كييف" تريد أن يتضمن أيّ اتفاق يتم توقيعه مع الولايات المتحدة ضمانات أمنية ( فرانس برس - 23 / 3 / 2025 ) 
ترامب ذاهب بأميركا إلى بناء قواعد جديدة و لكنها " مقززة " فضلا عن أنها مستهجنة في عالم العلاقات الدولية .
أميركا تمارس الإبتزاز لانتزاع ما تريد من أوكرانيا ، و لا توجه كلمة تأنيب لروسيا على ما مضى منها في  حربها ضد أوكرانيا التي كانت يوما واحدة من بنات أفكارها و من بُناة عالم الإتحاد السوفييتي السابق ؟! 
أوكرانيا تبحث عن أغلى سلعة في الوجود من بعد الإنسان أمنه ، هذا يعني بأن ال 500 مليار لا علاقة لها بالأمن " ، أي صفقة غير آمنة و إن وافقت عليها ، فلن يكون بسبب العين الخضراء لزيلينسكي ، بل من العين الحمراء لترامب ؟! 
بدون أي مقدمات الرئيس الأمير كي يقول : أعتقد أننا قريبون من التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا
و نقلًا عن مسؤول روسي قوله : مسؤولون أميركيون وروس سيجتمعون لمناقشة إنهاء الحرب في أوكرانيا التي تسعى للحصول على ضمانات واضحة من  أميركا بشأن المزيد من المساعدات  .( إيه بي سي نيوز و بلومبرغ - 23 / 2 / 2025 ) 
هذا الاجتماع يخلو من الطرف الأوكراني المتضرر من الحرب ، و لا نعلم بمبررات ذلك ، و لكن من الواضح بأن هناك أجندة سياسية يراد فرضها على أوكرانيا و إجبارها للقبول بها مهما كان جحم الإجحاف في باطنها ؟!

أنواع .. السلام

لم يمر على تاريخ البشرية حرب لم يعقبها سلام ، و لكن السلام كذلك أنواع منها سلام الذل و الإنكسار و التسليم بشروط المنتصر كما حدث مع اليابان ، و هناك سلام الأنداد و على قدم المساواة ، و هنا حل السلام بديلا عن الإستمرار في الإنتقام العبثي ، و هناك سلام يأتي عبر الوسطاء المحايدين ، و سلام آخر الإختيار كان فيه سيد الموقف و ليس الإجبار ، و أخيرا هناك حب  السلام و كذلك حرب السلام ، فأي هذه الأنواع من نصيب أوكرانيا .
يقول وزير خارجية أوكرانيا: أكدت لنظيري الأميركي الرغبة القوية في تحقيق سلام شامل وعادل ودائم .
هذا النوع من السلام بحاجة إلى ضمانات أمنية و دعامات صلبة لكي يتحقق بالصورة التي تريدها أوكرانيا ، و ليس بالطريقة التي يريد فرضها ترامب ؟! 
في الوقت الذي تعزف فيه موسيقى السلام ، ترتفع فيه أصوات طبول الحرب ، و هذا  نقلًا عن دبلوماسيين: زعماء أوروبيون يعدون حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا بنحو 20 مليار يورو
ترى هذه المساعدات من أجل إطالة أمد  الحرب أم لبيان دعم أوروبا لأوكرانيا و الضغط على روسيا من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات ؟!

لا .. لوحدة الأراضي ؟!

و نقلًا عن مصادر دبلوماسية: الولايات المتحدة تقترح قرارًا أمميًا لا يذكر وحدة أراضي أوكرانيا (  بوليتيكو و فرانس برس - 22 / 2 / 2025 )
و فحوى هذا القرار يعني ترك 20 - 30 % من الأراضي الأوكرانية بيد روسيا  ، و بموافقة المنظمة الأممية .
الولايات المتحدة ترفض المشاركة في رعاية مشروع قرار للأمم المتحدة يدعم وحدة أراضي أوكرانيا ويدين "العدوان" الروسي (  رويترز - 20 / 3 / 2025 )
ترامب يعمل في واد  و أوكرانيا  تسبح وحيدة في محيط من الأمواج السياسية المتلاطمة  !
ترامب يقول : يجب أن يلتقي "بوتين" و"زيلينسكي" معًا ، روسيا تريد التوصل لاتفاق ينهي الحرب في أوكرانيا ، و نحن نقترب من توقيع اتفاق مع أوكرانيا بشأن المعادن  ( 22 / 2 / 2025 )
يتحدث ترامب نيابة عن الجميع و بلغة الفرض " يجب " و ليس ينبغي  ، و المعادن أولا في المقدمة مهرا للسلام المنشود .
أميركا تقدم لأوكرانيا نسخة معدلة من اتفاقية حول المعادن النادرة للتوقيع عليها ، مسؤولو إدارة "ترامب" وبعض المسؤولين الأوكرانيين يضغطون على "زيلنسكي" لإبرام الصفقة ، مصير الاتفاق بيد "زيلنسكي"، ورفضه قد يعمق الأزمة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا (أكسيوس - 21 / 2 / 2025 )
في الأشهر الأولى من الحرب الروسية الأوكرانية ، كان بعض التحليلات  يذهب إلى أن الهدف النهائي لهذه الحرب هو إرسال رسالة لبولندا ، قبل إرسال الدبابة و ذلك لدورها الرئيس في تفكيك الإتحاد السوفييتي السآبق!
أما  الآن فإن الرئيس البولندي يصرح بأنه : لا سبيل لوقف إراقة الدماء وتحقيق السلام في أوكرانيا إلا بـ"دعم  أميركي "
من ناحية أخرى المفوض الأوروبي للدفاع يقول بأن :الاتحاد الأوروبي سيقدم حزمة مساعدات لأوكرانيا تأكيدًا على دعمه لها ( 21 / 2 / 2025 )

فرصة.. ذهبية!

في كل الحروب ، يدخل الشك إلى اتفاقيات وقف إطلاق ، لأن هناك من يرى بأنها فرصة ذهبية لاستعادة القوة لمزيد من السيطرة و ليس التقهقر . 
نقلًا عن مصادر مطلعة عن الاستخبارات الأميركية والغربية: 
يُعتقد أن "بوتين" يعتبر وقف إطلاق النار فرصة لإعادة تسليح قواته والاستعداد للعودة لتحقيق أهدافه، دون تغيير في طموحاته
و يرى بأن المحادثات مع الولايات المتحدة فرصة لاستعادة مكانة روسيا كدولة طبيعية على الساحة الدولية بعد العزلة الاقتصادية والدبلوماسية .
روسيا تواصل تحقيق مكاسب عسكرية، واقتصادها قادر على دعم الحرب لفترة طويلة، مما يمنحها مرونة في المفاوضات دون الحاجة لتقديم تنازلات كبيرة ( سي إن إن - 21 / 2 / 2025 )

أوراق .. تفاوضية!

ما السر في انحياز أميركا لروسيا في الحرب الروسية الأوكرانية ، و هي التي قامت طوال السنوات الماضية بتدريب القوات الأوكرانية على السلاح الأميركي ، بل لقد استنفدت احتياطيات ذخائرها هناك ؟! 
يمكن لنا معرفة هذا السر المعلن لدى ترامب الذي يقول : روسيا لديها أوراقًا في أيّ محادثات سلام لإنهاء الحرب لاستحواذها على أراض كثيرة ،و مستشار الأمن القومي الأميركي يضيف بأن : هناك الكثير من الإحباط من قبل الإدارة إزاء الوضع في أوكرانيا .
و كذلك هناك مكافأة لروسيا بهذا الشأن يصرح وزير الخزانة الأميركي قوله بأن : تخفيف العقوبات عن روسيا قد يكون على الطاولة في المحادثات بشأن حرب أوكرانيا .
أما زيلينسكي الذي كان يلبس " تي شيرت " المظلومية " طوال سنوات الحرب ، أصبح لدى مسؤول بالبيت الأبيض في قوله : زيلنسكي" يحاول مع زعماء أوروبيين تشويه جهود "ترامب" ( 20 / 2 / 2025 )
غريب أمر السياسة الأميركية ، بالأمس القريب كان الرئيس الأوكراني حبيبا تحول اليوم إلى " مشوش " ؟!

في تناغم .. السلطات الثلاث!

في فترة ترامب ليس هناك مسافة كبيرة فاصلة بين الحكومة و الكونجرس و مجلس الشيوخ الأميركي ، بل نستطيع القول بأن هناك تناغم بين السلطات الثلاثة في ما اتخذه الرئيس من قرارات تنفيذية سريعة المفعول ، فالمعول عليه هنا انحصر في الشعب و السلطة القضائية التي تعمل الفارق في الأيام القليلة المقبلة !
و من ذلك القبيل ، رفع 150 دعوى قضائية في المحاكم الأميركية تطعن في شرعية تصرفات إدارة ترامب خلال أول شهرين له كرئيس للولايات المتحدة (  بلومبرغ - 24 / 3 / 2025 )
و للتذكير فقط بأن هناك حكم قضائي ضد ترامب في فترته الأولى صدر بحقه بعد أن هاجم البرلمان عسكريا و سقط قتلى في حينه ، و هذا الحكم يعتبر سابقة قانونية في تاريخ القضاء الأميركي حيث نص على أن ترامب ارتكب جريمة تصنف بأنها " أكبر من الخيانة العظمى " ؟! 
ترى على ماذا يعوّل الرئيس الأوكراني في لقاءاته مع المسؤولين  الأميركان ؟!
يقول زيلينسكي  : تحدثت مع السيناتور ليندسي غراهام ونقدر بشدة دعم الكونغرس للشعب الأوكراني في معركتنا ضد العدوان الروسي ، من المهم أن تظل الضمانات الأمنية على الطاولة وأن تعمل لصالح أوكرانيا من أجل السلام الحقيقي والدائم .

حماسة.. فرنسا؟!

أما الطرف الأوروبي ، و على رأسه فرنسا الأكثر حماسة للدفاع عن أوكرانيا و خاصة أنه رفع ميزانية الدفاع في الناتج الإجمالي للدولة من 2% إلى 3% ، و كأن ماكرون سيخوض حربا للتو ضد روسيا ؟!
يقول الرئيس الفرنسي بأننا : نقف إلى جانب أوكرانيا وسنتحمل كامل مسؤولياتنا لضمان السلام والأمن في أوروبا ، و نتقاسم الهدف مع ترامب لوضع حد للحرب العدوانية الروسية المستمرة منذ نحو 3 سنوات ( 20 / 2 / 2025 )
علما بأن ترامب وعد الأوروبيين أن يعيد إليهم مبلغ ال 150 مليار دولار التي دفعها الإتحاد الاوروبي لمساعدة أوكرانيا ؟! 
الغريب هنا في اختفاء الخيط الرفيع بين موقف ترامب الشخصي و موقف الحكومة الأميركية بكل مؤسساتها الدستورية .
يقول مستشار ترامب للأمن القومي بأن  : الخطوة القادمة في المحادثات مع روسيا ستكون قيام الفرق الفنية بمناقشة التفاصيل ، و 
لن نتسامح مع استياء كييف ردًا على المبادرات الاقتصادية لواشنطن .

" كييف " .. نكرة ؟!

لماذا أصبحت " كييف " نكرة في ما يتم اتخاذ القرارات المصيرية بشأنها ، حتى بدون تواجدها في الساحة مع جميع الأطراف.
نعتقد بأن أوروبا لم تعد قادرة على مواجهة أميركا المرتجلة في خطواتها تجاه أوكرانيا بعيدا عن إطار المشاورات التي لم تأخذ حيزا من النقاش السياسي مع أوروبا التي تريد أوكرانيا أن تكون جزءا منها .
و في هذا الصدد يقول المستشار الألماني بأن : أوكرانيا تدافع عن نفسها ضد حرب العدوان الروسية منذ نحو 3 سنوات ، تصريحات ترامب بشأن زيلنسكي خطيرة ( 20 / 3 / 2025 )
ماذا تستطيع أوروبا تقديمه لأوكرانيا مقابل تقزيم أوكرانيا من قبل ترامب  ؟!

أبيع بلدي .. كيف ؟!

إلى متى يقاوم الرئيس الأوكراني مشروع ترامب في تحويل هذه الحرب إلى مجرد صفقة تجارية مثل أي سلعة يتم تداولها بين أصحاب المال و رجال الأعمال ؟!
يقول زيلينسكي  بأن : الجيش الأوكراني قادر على الصمود، ولا يمكنني أن أبيع بلدي ، أود أن يكون لدى فريق "ترامب" مزيد من الحقيقة بشأن أوكرانيا ، و  " ترامب" ساعد "بوتين" في إنهاء عزلته، وهو يعيش في "فضاء المعلومات المغلوطة" ، و استبدالي لن ينجح الآن إذا كان أحد يريد ذلك ( 19 / 2 / 2025 ) 
ثلاث خسائر استراتيجية تنتظر أوكرانيا و هي واضحة في حديث زيلينسكي ، و قد يتم الوصول إليها 
في غضون هذا العام و على أكثر تقدير في العام المقبل 2026، و أقصى مدى عن ذلك خلال فترة ترامب إن لم تقع تغييرات ليست في الحسبان ؟! 
تخلي أميركا عن أوكرانيا تماما إن لم يتم التوقيع على صفقة البيع المعروضة على طاولة المفاوضات المرهونة للسلام .
إن حصل ذلك ، هل ستستمر أوروبا في دعم أوكرانيا كالسابق ، أم قد ترضخ لضغوط ترامب " المتهورة " ؟! 
و الأمر الآخر هو  قضم روسيا لما بين يديها في استمرار الحرب أو حتى برضوخ أوكرانيا لسلام ليس له لون و طعم أوكراني و لا أوروبي ، إنما فقط أميركي ؟! 
منذ أن أصبحت كرة النار الأوكرانية في يد ترامب لا اللاعبين الأساسيين كيفية الإستحواذ عليها دون أن تحرق أصابع مصالح دولهم  .
ترامب يلقي باللائمة على القيادة الأوكرانية  و يقول بأنها : هي من سمحت باستمرار الحرب حتى الآن ، و كأن روسيا لا مكان لها من الإعراب في الأزمة الروسية الأوكرانية . 
و يضيف قائلا : لن أعارض إرسال قوات أوروبية لأوكرانيا لحفظ السلام ، فهذا أمر جيد ، و كذلك 
المحادثات مع روسيا في الرياض كانت "جيدة جدًا" .

الإمارات .. و الحياد الإيجابي

لإمارات في مقدمة الدول الداعمة للسلام في أي منطقة تمر بصراعات دامية ، و في الازمة الروسية الاوكرانية لها قصب السبق في تبادل الأسرى لدى كلا الطرفين ، فالحياد الإيجابي جزء أصيل من سياستها الخارجية و من ثوابتها الإنسانية .
و بناء عليه دولة الإمارات ترحب بالمباحثات التي انطلقت في العاصمة السعودية الرياض بين الوفدين الروسي  و الأميركي ، بشأن الأزمة الأوكرانية، معربةً عن أملها في أن تكون المحادثات خطوة هامة نحو جسر الهوة وتعزيز التواصل والحوار لإنهاء هذا الصراع (  وام - 18 / 2 / 2025 )
في هذا الصدد غرد الدكتور أنور قرقاش قوله بأن: استضافة الرياض للمباحثات الأميركية الروسية بشأن الأزمة الأوكرانية إنجاز كبير للدبلوماسية السعودية ولدول الخليج والعرب، وخطوة تعكس الدور الفاعل للسعودية الشقيقة في تعزيز الأمن والسلام الدولي .نأمل أن تسهم هذه الجهود في إنهاء الحرب في أوكرانيا وترسيخ الاستقرار في النظام الدولي ( 19 / 2 / 2025 )

الإنتظار.. و الإنهيار؟!

هناك شكوك حول حقيقة السلام الذي سيحيط بأوكرانيا وفق رؤية ترامب حسب مصادر مطلعة قولها بأنه: لا معلومات استخبارية تشير إلى أن "بوتين" مهتم حاليًا بالتوصل لسلام حقيقي ، مقابل 
معلومات استخبارية أخرى تظهر أن "بوتين" لا يزال يسعى للسيطرة على كل أوكرانيا ، و مشاركة " بوتين" في المفاوضات لمعرفة التنازلات التي يمكنه الحصول عليها ، لأن أهدافه لا تزال ذات طابع توسعي إلى أقصى حد و هو يعتقد أنه قادر على الانتظار حتى "تنهار" أوكرانيا وأوروبا ( إن بي سي نيوز - 18 / 2 / 2025 ) 
هذا الهاجس يشكل محور انعدام الأمن القومي ، و خاصة عندما صرح بوتين في بداية الحرب بأنه على استعداد للتضحية بثلاثين مليون جندي إذا كان النصر يتطلب ذلك و جربنا ذلك في الحرب العالمية الثانية ؟!
يقول وزير الخارجية الروسي : 
الحوار مع الطرف الأميركي كان "مفيدًا جدًا" ، و سنشكل مسارًا خاصًا مع أميركا بشأن إنهاء حرب أوكرانيا ، و المشاورات حول أوكرانيا ستبقى دورية بين "موسكو" و"واشنطن" ، سنعمل على تهيئة الظروف لعقد لقاء بين "بوتين" و"ترامب" .
لم نتفق على مراحل محددة لإنهاء حرب أوكرانيا ، و لن نسمح بنشر قوات تابعة لـ"الناتو" في أوكرانيا "تحت رايات أوروبية" ( 18 / 2 / 2025 )

استعمار .. روسي !

مسار الرئيس الأوكراني يمضي خلاف ما تظهره روسيا ، فهو يصرح بأن : اجتماع الرياض كان مفاجئًا لنا، وهو غير ملزم لنا ولا نهتم 
بنتائجه و نريد من الأميركيين أن يحضروا إلى "كييف" للتفاوض وليس إلى أي مكان آخر .
لا إمكانية لإحلال السلام في ظل غياب أحد الأطراف عن المباحثات و لن نتخلى عن أراضينا، ولن نرضى باستعمار روسي  . ( 18 / 2 / 2025 ) 
من هذين الموقفين نتبين التباين الواضح بينهما ، و لا توجد أرضية مشتركة لركوب قطار السلام بالعجلة التي يدفع بها ترامب و كأن الأمر قاب قوسين أو أدنى .

قوات حفظ سلام.. انقسام؟!

انقسام أوروبي حول إرسال قوات لأوكرانيا : استعداد بريطانيا لإرسال قوات حفظ سلام لأوكرانيا إذا " لزم الأمر " ، و انزعاج المانيا من النقاش  " السابق لأوانه " بشأن نشر قوات في أوكرانيا .
إعلان بولندا تقديم مساعدات مالية و عسكرية لأوكرانيا بدلا من نشر قوات ، و اعتبار إيطاليا أن إرسال قوات لأوكرانيا " خيار معقد و أقل فاعلية " 
توتر أمريكي- أوروبي: ضغوط أميركية على الحلفاء الأوروبيين ب " الناتو " لتخصيص 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي للدفاع .
تجاوز الإنفاق العسكري الروسي حجم الإنفاق الدفاعي لأوروبا ( 462 مليار دولار مقابل 457 مليار دولار ب 2024 .
تهميش أوروبا :تأكيد أوروبي على أن تحقيق سلام دائم في أوكرانيا مرهون بإشراك الأوروبيين في المحادثات . ( مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية-18 / 3 / 2025 ) 
خلاف بين الدول الأوروبية بشأن إرسال قوات إلى أوكرانيا: ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا مترددة بعد أن قالت بريطانيا إنها مستعدة لإرسال قوات . 
اشتبكت الدول الأوروبية بشأن إرسال قوات إلى أوكرانيا، خلال اجتماع أزمة كان يهدف إلى التوصل إلى إجماع حول كيفية الرد على محادثات السلام التي يجريها ترامب مع روسيا . 
تخشى بعض العواصم الأوروبية أن يغسل "ترامب" يديه قريبًا من أوكرانيا ويطلب من القارة ضمان أمن البلاد بعد أيّ وقف لإطلاق النار؛ ما يعني الالتزام بموارد مالية وعسكرية تتجاوز بكثير المستويات الحالية ( فايننشال تايمز - 18 / 2 / 2025 )
السؤال هنا ما مصلحة ترامب في ضرب إسفين الخلافات السياسية الأوروبية البينية في لحظة السلام الذي يراد التوصل إليه بطريقته ؟!

لحظة.. أكثر قتامة ؟!

نحن أمام مرحلة " لخبطة " الوسط العالمي، سياسيا و اقتصاديا، فمن يتقن اللعب فيها ينجو بجلده ، و من لا يتقن قواعد اللعبة لا يستمر طويلا في هذا الملعب الشائك و الشائق ! 
تلخص مجلة " الإكونوميست " المشهد الأوكراني بكل دقة من قبل أن يتولى ترامب مهامه الرئاسية، وقبل أن تدخل الحرب سنتها الرابعة بسلاسة .
أشارت المجلة المرموقة إلى أن: الأسبوع الماضي ( 13 /  2  / 2025 ) , هو الأكثر قتامة ، أوروبا منذ سقوط الستار الحديدي.
يتم بيع أوكرانيا، يتم إعادة تأهيل روسيا . 
و في عهد ترامب لم يعد من الممكن الإعتماد على أميركا في وقت الحرب .
المجلة تلمح لتحالف أوروبي صغير قد ينسف الناتو من أجل قرار سريع لحماية القارة  . ( 20 / 2 / 20 25  ) 
تنسج فصول قصة أوكرانيا ببريق المعادن الثمينة مقابل بيع الإنسان الأوكراني، هكذا غدت أميركا ترامب الذي على أتم الاستعداد للمقامرة في كل شيء أمام تحقيق مصلحته الشخصية، و لو غلفها بشعاره " أميركا أولا " و من بعده الطوفان ؟!