محمد الشاهد يكتب " اقعد في المكان ال محدش يقومك منه"
“اقعد في المكان اللي محدش يقومك منه.”
جملة بسيطة لكنها تختزل دروسًا عميقة في كيفية التعامل مع الحياة. هي ليست فقط دعوة للاستقرار، لكنها نصيحة ذهبية لكل شخص يريد أن يحدد مكانه في العالم بناءً على إمكانياته وقدراته.
في الحياة، الطموح شيء جميل، بل إنه الوقود الذي يدفعنا لتحقيق الأحلام. لكن الطموح إذا لم يُوجَّه بحكمة، قد يتحول إلى عبء. الإنسان يحتاج أن ينظر إلى نفسه بصدق، يعرف قدراته وحدوده، ويتقبل الواقع كما هو. لا يعني ذلك أن يتوقف عن السعي أو الحلم، ولكن عليه أن يكون واقعيًا في تقدير خطواته.
كم من شخص طموحه الكبير أوقعه في مواقف أكبر من إمكانياته، وبدلًا من أن يحقق نجاحًا، خسر كل شيء. الحياة ليست سباقًا للمظاهر أو لإثبات من هو الأفضل، بل هي رحلة تحتاج إلى تخطيط وفهم دقيق للذات. الحكمة هنا أن تختار مكانك بعناية، المكان الذي يناسبك ويُبرز أفضل ما لديك. ليس المهم أن تكون في القمة دائمًا، ولكن أن تكون في موقعك المناسب، الموقع الذي تستطيع أن تثبت فيه ذاتك دون قلق أو خوف من أن تُجبر على الرحيل.
الشخص الذي يعرف إمكانياته جيدًا، يستطيع أن يحدد إلى أي مدى يمكنه التقدم. الطموح الأعمى قد يدفعك للتسلق إلى أماكن لا يمكنك الثبات فيها. تمامًا كمن يصعد جبلًا دون حبال أمان؛ قد يصل إلى القمة، لكنه لن يستطيع البقاء هناك طويلاً. الحكمة الحقيقية تكمن في معرفة متى تتقدم، ومتى تتوقف، ومتى تقول: هذا هو مكاني.
في الحياة العملية، الأمر لا يختلف. من المهم أن تختار الوظيفة التي تناسب مهاراتك، وتعرف ما يمكنك تقديمه قبل أن تطالب بمكانة أكبر من إمكانياتك. النجاح ليس في حجم المكان الذي تصل إليه، بل في مدى استحقاقك له وقدرتك على المحافظة عليه.
العبرة في الحكمة. “اقعد في المكان اللي محدش يقومك منه” ليست دعوة للرضا بالقليل أو الاستسلام للواقع، لكنها دعوة للواقعية، للتخطيط، وللتفكير بعقلانية. هي تذكير بأنك عندما تكون في مكان يناسبك، ستشعر بالراحة، وستحقق النجاح بثبات، دون خوف من أن يتم إزاحتك أو استبدالك.
في النهاية، الإنسان يحتاج أن يسأل نفسه دائمًا: هل أنا في المكان الذي يناسبني؟ هل هذا هو الموضع الذي يمكنني فيه أن أثبت نفسي وأحقق ذاتي؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأنت قد فهمت الدرس الحقيقي من هذه الحكمة. وإن لم تكن، فقد حان الوقت للتفكير من جديد، لتعيد ترتيب أولوياتك، وتبحث عن مكانك الذي تستحقه بحق.