استاذ العلوم السياسية بجامعة القدس
د. أيمن الرقب يكتب : تأثير الحرب علي اقتصاد غزة
لم يكن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة في أحسن حالاته قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ م بعد العملية العسكرية النوعية التي نفذتها المقاومة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي و المستوطنات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة، حيث عانى الاقتصاد الفلسطيني منذ عام ٢٠٠٠ م من العديد من الأزمات نتيجة الحروب التي لم تتوقف على قطاع غزة الذي انهت قدراته، وقد تم إغلاق وتدمير آلاف المصانع الفلسطينية نتيجة عمليات الاحتلال في قطاع غزة وحصاره لسنوات ومنع دخول العديد من المواد الخام التي دفعت الكثير من المصانع للإغلاق، إضافة لتدمير القطاع الزراعي بشكل كبير، هذا بدوره دفع العديد من العمالة لسوق البطالة، حيث وصلت البطالة في قطاع غزة قبل السابع من أكتوبر إلى ما يزيد عن ستون بالمائة من بينهم ثلاثمائة الف خريج جامعي من التخصصات المختلفة.
لقد اعتمد سوق العمالة الفلسطينية بالسابق وبالتحديد قيل قيام السلطة الفلسطينية على العمل في المدن الإسرائيلية حيث وصل عدد العمال الفلسطينيين الذين يعملون في المدن الإسرائيلية من قطاع غزة ما يقارب مائة وثلاثون الف وعشية أحداث السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ م لم يتجاوز العدد عشرة آلاف عاملا فلسطينا من قطاع غزة.
شهد قطاع غزة طفرة اقتصادية في السنوات الأولى لقيام السلطة الفلسطينية وامتد هذا الازدهار حتى عام ٢٠٠٠م وانطلاق انتفاضة الأقصى التي دفعت الاحتلال لحصار الأراضي الفلسطينية، لقد امل الرئيس الفلسطيني بتحويل قطاع غزة لسنغافورة العرب وصرح بذلك أكثر من مرة، الا ان فشل المفاوضات السياسية خاصة بعد اغتيال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي إسحق رابين، ودخول المفاوضات السياسية مرحلة التجميد الفعلي جمد بذلك كل الاحلام والآمال الفلسطينية
اما الحرب الحالية على قطاع غزة فقد دمرت ما تم بنائه على مدار عشرات السنين من بني تحتيه ومشافى وجامعات ومدارس ومساكن وتشير أحدث تقارير إحصائية لوزارة الاشغال الفلسطينية إلى أن رفع أنقاض المباني قد يكلف أكثر من ٩٠٠مليون دولار، حيث دمر الاحتلال أكثر من ٧٠ بالمائة من المباني والمدارس والمشافي والجامعات في قطاع غزة كما دمر شبكة المياه والكهرباء والصرف الصحي بشكل كلي، وتؤكد وزارة الأشغال الفلسطينية أن إعادة بناء قطاع غزة وإعادته للحياة يحتاج العديد من السنوات.
كما تقارير دولية أخرى تشير إلى حاجة قطاع غزة إلى ما لا يقل عن ثمانين مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة وهذا بحاجة إلى تبرع سخي من دول العالم لتحقيق ذلك و كل هذا مرتبط بوقف الحرب على غزة،. كما أن عملية رفع الأنقاض عملية معقدة محفوفة بالمخاطر نتيجة وجود الآلاف من القذائف الإسرائيلية التي لم تنفجر و ردمت مع الأنقاض .
هذه التقارير جميعها كتبت باحصائيات تقديرية دون وضع تكاليف تدمير شمال قطاع غزة الذي يدمره الاحتلال بشكل كامل مما سيزيد بشكل واضح تكاليف إعمار قطاع غزة ماديا وزمنيا، إضافة لإعادة إعمار قطاع غزة المرتبط بوقف الحرب اولا السكان بحاجة لإعادة تدوير الحياة من جديد و يسعي الاحتلال الإسرائيلي من خلال التدمير الممنهج إحباط الشعب الفلسطيني و فقدانه الأمل في الحياة في قطاع غزة و مغادرته طوعا، ولم يخفى وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسئيل سيموتريتش رغبته في تخفيض سكان قطاع غزة إلى أقل من النصف، وأنهم يسعون من خلال عمليات التدمير لدفع جزء كبير من سكان قطاع غزة مغادرته طوعا للبحث عن حياة في مكان آخر.