الأحد 24 نوفمبر 2024

دكتور عبد الله العوضي يكتب:لمن .. نفط و غاز لبنان ؟!

باور بريس

 

أكثر من عقد من  زمن المفاوضات بين لبنان و إسرائيل ، عبر الوسيط الأميركي ، بعد موافقة " حزب الله " على ذلك ، حتى الساعة النتيجة المختصرة لصالح إسرائيل بعد فوزها بحقل الغاز الرئيسي " كيرش " الذي كان لبنان يعده المنقذ لما يعاني من أوضاع اقتصادية معقدة ، لأن هذا الترسيم كان من المفترض أي  يدر على  الاقتصاد الوطني بمبلغ يقدر مبدئيا بثمانية مليارات من الدولارات في تشغيل هذا الحقل الذي ذهب إلى الطرف الإسرائيلي باردة مبردة ، مقابل حقل " قانا " .

وقاحة  .. إسرائيلية !

مصدر لبناني رفيع لـ"الشرق"، حول "تجدد النزاع بين لبنان وإسرائيل على حقل كاريش في المتوسط" : الخطوة الإسرائيلية تعتبر بمثابة مجازفة بأمن المنطقة واستقرارها .
لذا ندعو الأمم المتحدة و أميركا إلى التدخل لوضع حد لهذه "الوقاحة" الإسرائيلية ،
و المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية لم تنته بعد، وكذلك مهمة آموس هوشستين، الوسيط الأمريكي ( 8/6/2022 )

" حزب الله " على خط النار ؟!

يمكن القول بأن " الدولة اللبنانية مختطفة من قِبل " حزب الله  " و بالتالي أي تحرك للحكومة تجاه حل أي مشكلة تواجهها هذا الحزب بسلاح " التعطيل " 
مصدر أمني إسرائيلي لـ"رويترز":
المسيّرات التي اخترقت المجال الجوي، تابعة لـ"حزب الله" اللبناني و كانت تتجه نحو "منصات الغاز الإسرائيلية" في المنطقة الاقتصادية البحرية ( 2/7/2022 )
و أكدت مصادر لصحيفة "العرب" اللندنية: بأن " حزب الله" يعود إلى التصعيد مع إسرائيل، قبل أن يتسلّم القادة اللبنانيون رد "تل أبيب" على عرضهم لتسوية الخلاف .
و يشير تصعيد "الحزب" إلى أنه يتحكم بالسياسة الخارجية اللبنانية، ويحتكر سلطة القرار الداخلي، وهو ما ساهم في توتير علاقات لبنان الخارجية .
فهو يستثمر ملف الخلاف البحري مع إسرائيل بما يخدم أجندته الداخلية والخارجية، إذ يغطي به على أزماته الداخلية ويوظفه لخدمة الأجندات الإيرانية في المنطقة( 5/7/2022 ) 
و حكومة تصريف الأعمال في لبنان، تصف إطلاق حزب الله 3 طائرات مسيّرة فوق حقل غاز "كاريش" الواقع في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل في البحر المتوسط، بأنه "تصرف غير مقبول" ( سي ان ان 5/7/2022 ) 
و الغريب ، أن هذا " الحزب " ترى في تصرفاتها غير المقبولة لدى الحكومة ، أنه قارب نجاة لبنان.
هذا ما ذهب إليه الأمين العام ل " الحزب " : بأن المقاومة في لبنان تمسك باللحظة التاريخية لإنقاذ لبنان ، لا استخراج للنفط في كل الكيان الإسرائيلي إذا لم يأخذ لبنان حقه .
و لسنا متأكدين أننا ذاهبون إلى حرب ، قد نشهد استهدافًا موضعيًّا وردًّا يناسبه، والأمر مرتبط بردّ الإسرائيلي الذي قد يدحرج الأمور للحرب ، و قد يخضع الإسرائيلي حتى من دون حرب (  قناة " الجديد " اللبنانية 20/7/2022 ) 
أما الرئيس اللبناني ، فإنه مع المشروع الدولي عبر الوسيط الأميركي .
عون طلب من " الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، استئناف مساعيه لإعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة، خصوصًا أن لبنان يريد من خلالها أن يتمكن من استثمار ثروته النفطية والغازية في المياه اللبنانية، وأن يحافظ على الاستقرار والأمن في المنطقة الحدودية . ( الرئاسة اللبنانية - 9/6/2022 )
و الطرف الإسرائيلي ذاهب باتجاه رغبة الرئاسة اللبنانية ، و جاء ذلك في مقابلة وزير الدفاع الإسرائيلي، مع موقع "واللا الإخباري": نجري مفاوضات مع الحكومة اللبنانية عن طريق الولايات المتحدة، ونحن على استعداد للتوصل إلى حل يسمح للحكومة اللبنانية بالاستفادة من مواردها ، و لكن  "حزب الله" يرغب في التصعيد، و هذا لن يمنعنا من ضخ الغاز من الحقل ( 10/8/2022 ) 
و على ضوء ذلك الوسيط الاميركي صرح لـ"الجزيرة": بأن 
الاتفاق بين لبنان وإسرائيل يعزز الأمن في المنطقة نظرًا لوجود حدود بحرية نهائية بينهما ، و هو 
لا يحل النزاعات بين لبنان وإسرائيل ولا ينهي التوتر بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي .
إلا أن لبنان وإسرائيل أكدا نيتهما تنفيذ الاتفاق مع مشاركة المعلومات عبر الولايات المتحدة ، و شركات الغاز ستبدأ العمل بعد الاتفاق وسيتدفق الاستثمار الأجنبي إلى لبنان لتعزيز ازدهاره . ( 10/11/2022 )
و يأتي هذا وسط تحذيرات "حزب الله" لإسرائيل من "التلاعب بالوقت" بشأن هذا الملف (  فرانس 24 - 31/7/2022 ) 
هذا و قد صدر بيان الخارجية الأمريكية حول وضع المفاوضات البحرية الإسرائيلية-اللبنانية:
ملتزمون بتسهيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى قرار بشأن ترسيم الحدود البحرية ، و لا يمكن تحقيق التقدم نحو حل إلا من خلال المفاوضات بين الاطراف و نرحب بالروح التشاورية للأطراف للتوصل إلى قرار نهائي، يؤدي لمزيد من الاستقرار للبنان وإسرائيل والمنطقة . 
و قد علق يائير رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بـ"تويتر":
إسرائيل تدرس مسودة اتفاق بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية مع لبنان .
و الاقتراح الاميركي للترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل يحافظ بشكل كامل على مصالحنا الأمنية والاقتصادية .
إسرائيل تحاول التوصل إلى هذه الصفقة منذ أكثر من عشر سنوات ، و لا مانع لدينا من تطوير حقل غاز لبناني إضافي وسنحصل على حصتنا المالية منه بالتأكيد  .( 2/10/2022 ) 
و نقلت هيئة البث الإسرائيلية، عن مسؤول سياسي قوله : إن رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وافقا على المُقترح الاميركي بشأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان"، وأوضحت الهيئة أنه سيتم اعتماد الخط 23 لترسيم الحدود، بحيث ستكون مُعظم الأراضي المُتنازع عليها تحت سيطرة لبنان، فيما ستكون منصة غاز "كاريش" خاضعة للسيطرة الإسرائيلية (  3/10/2022 )
و لم تعجب المعارضة موقف " يائير  " من سير المفاوضات و على رأسها " نتنياهو " الرئيس الحالي للحكومة الاسرائيلية  ، حيث رد على الفور في تسجيل مصور نشره بـ"تويتر" حول تسلم إسرائيل مسودة الاتفاق مع لبنان لتسوية الحدود البحرية قوله:
استسلم "يائير " بشكل مخزي لتهديدات "حزب الله"، ويُفرط في منطقة خاضعة للسيادة الإسرائيلية تحتوي على حقل غاز طبيعي من حق مواطني إسرائيل فقط .
فهو يتصرف بمفرده من دون عرض الاتفاق على الكنيست أو عمل استفتاء شعبي ،  و ليس لديه الحق في التخلي عن منطقة ذات سيادة إسرائيلية لصالح دولة معادية ( 2/10/2022 ) 
و يبدو أن ردة الفعل هزت أركان رئيس طاقم التفاوض الإسرائيلي أودي أديري ، فقدم استقالته ، على أن يخلفه في منصبه " ليؤر شيلات مدير عام وزارة الطاقة آنذاك . ( إذاعة الجيش الإسرائيلي ) .

خط سير .. المفاوضات

أي مفاوضات تتعرض لموجات من المد و الجزر ، وفقا للمعطيات و  مقدار التنازلات مع الأخذ في الاعتبار ، استحقاقات المرحلة الراهنة .
و بالنسبة للبنان الأمر مختلف ، لأنه واقع بين كماشة إسرائيل و " حزب الله " و  إيران .
هذا المثلث أضلاعه متساوية و لكن عضلاته ضعيفة ، بسبب التدخلات الدولية و الإقليمية و الداخلية.
سوف نتناول هنا الشهور الأخيرة من هذه المفاوضات ، من بعد العشر سنوات التي مضت ليس على خير .
لبنان ثري في الحضارة و الثقافة ، و قوي في السياسة و الحريات ، و لكنه تفتقر إلى الموارد التي تغنيها عن سبل الاقتراض بشتى صورها . 
و ظهر النفط على السطح ، كي يصبح بديلا عن السؤال على مستوى الدول ، أعطوه أو منعوه.
و جاء النفط عل هيئة الفأس الذي يستخرج به البترول و الغاز للاكتفاء عن ذل السؤال ، مهما كان المعطي و شروطه القاسية أو التعجيزية أحيانا. 
ليس هناك مفاوضات أيا كانت تمضي بسلاسة الحديث و بكثرة الابتسامات المتبادلة ، و خاصة إذا كان الخصم عدو بالأصالة و آخر خصم أو منافس بالوكالة .

بدايات .. النهاية!

لن نذهب بعيدا عن الجانب الرسمي الذي يمثل الدولة اللبنانية ، صرح هذا المصدر و إن لم يذكر اسمه ل " سبوتنيك " قوله بأن لبنان وإسرائيل تقتربان من التوصل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين  . ( 20/8/2022 ) 
بعد هذا التصريح بأيام  " القناة الثانية عشرة" الإسرائيلية ذكرت في تقرير لها أن المباحثات التي أجراها عاموس ، الوسيط الاميركي أفضت إلى تفاهمات بين إسرائيل ولبنان قد تؤدي إلى اتفاق، مُشيرة إلى أنَّه سيتم إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، بحيث يتم نصب منصتي غاز، إحداهما في لبنان والأخرى في إسرائيل، موضحة أن المسافة بين المنصتين لن تتجاوز خمسة كيلومترات؛ بهدف منع استهداف المنصة الإسرائيلية . ( 29/8/2022 ) 
أما أميركا الراعية الأولى لمشاريع السلام في المنطقة فقد صرحت من خلال موقع "أكسيوس".. نقلًا عن مسؤول في البيت الأبيض قوله : لم تبدأ حتى الآن عملية صياغة اتفاق بشأن النزاع البحري بين إسرائيل ولبنان ، و لكننا نواصل تضييق الفجوات بين إسرائيل ولبنان ونعتقد أن التسوية الدائمة ممكنة ، و حل هذا النزاع يمثل أولوية رئيسة لإدارة  "بايدن" . ( 31/8/2022 )

مصلحة.. لبنان

هل ما جرى حتى الساعة ، في ثناياه مصلحة لبنان ؟! 
الرد لدى رئاسة مجلس الوزراء في لبنان.. ميقاتي، رئيس الحكومة : 
دعا رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة للبحث في العرض المقدم من الوسيط الاميركي بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية، وسبق هذا اللقاء اجتماع اللجنة التقنية .
لقد كانت لي ولرئيس مجلس النواب بعض الملاحظات، واللجنة التقنية أخذت بها كاملة، وسيكون لنا رد سيُرسل إلى الوسيط الاميركي ، و أودّ التأكيد بأن الأمور مُتجهة على الطريق الصحيح، وأن موقفنا موحد لمصلحة لبنان . ( 3/10/2022 ) 
و كذلك الغرب ، ليس غريبا على لبنان و مشاكله و خاصة فرنسا التي لها جذور عميقة و مصالح قوية قد تكون أكثر من أميركا بحكم التاريخ الماضي .
موقع "واللا الإخباري" الإسرائيلي.. نقلًا عن دبلوماسي غربي مطّلع على المفاوضات يصف بأن  : تعليقات لبنان على مسودة الاتفاق بناءة، ولا تتضمن عوائق قد تمنع توقيع الاتفاق ، و التقارير الصحفية اللبنانية حول رفض لبنان لبعض البنود في مسودة الاتفاق الخاصة بترسيم الحدود "خاطئة" ( 5/10/2022 ) 
و رد على ذلك التصريح  مصدر لبناني مطّلع على المفاوضات لـ"الشرق" بأن: الجانب اللبناني ينتظر الردّ الإسرائيلي على الملاحظات التي بعث بها إلى الوسيط الاميركي 
و القرار النهائي بشأن الملف بأكمله "ينتظر ما سيعود به الوسيط من تل أبيب" ، و أما 
الملاحظات اللبنانية عبارة عن "اعتراضات واستفسارات تقنية" ( 6/10/2022 )

إسرائيل.. لا تنتظر ؟!

إسرائيل ، ذراعها العملية ممتدة أكثر من طول لسانها ، فهي أثناء المفاوضات ، شرعت في البناء على الارض أو في الماء ، هذا ما قالته صحيفة "يسرائيل هايوم" : إن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تستعد لبدء تشغيل منصة الغاز "كاريش"  ، و تشغيل المنصة سيكون تجريبيًا، وسيبدأ بضخّ الغاز من المنظومة البرية إلى المنصة (لاختبار أنابيب الغاز الواصلة بينهما)، ثم ستبدأ المنصة بعدها في عملية استخراج الغاز، وضخّه إلى المنظومة البرية .
أما عملية تشغيل منصة "كاريش" ستتم وفقًا للاعتبارات "المهنية-الفنية" فقط، وبمعزل عن تهديدات أمين عام "حزب الله" ، و المنظومة الأمنية تستعد لاحتمال اندلاع مواجهة محدودة مع "حزب الله"، رغم التقديرات بأن احتمالية وقوعها ليست مرتفعة ( 8/10/2022 ) 
و أكد هذه الخطوة العملية موقع "واللا" الإسرائيلي،* الذي أفاد بإعلان شركة "إنرجين" البريطانية ربط منصة غاز "كاريش" بأنابيب التوصيل وبدء عملية الضخ التجريبي العكسي من الشاطئ للمنصة. وأوضح الموقع أن "تدفق الغاز على الساحل هو مجرد جزء من عملية تشغيل المنصة وليس بداية ضخ الغاز"
و في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية*،  أن المنظومة الأمنية كثفت استعداداتها للتعامل مع سيناريوهات اندلاع تصعيد مُحتمل مع "حزب الله" في الجبهة الشمالية، على خلفية قيام شركة "إنرجين" بأعمال الضخ التجريبي للغاز من حقل "كاريش" المُتنازع عليه مع لبنان . ( 9/10/2022 )
و علق الصحفي الإسرائيلي " باراك رافيد " بـ"تويتر": تم إحراز تقدم في المفاوضات حول اتفاقية الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيلي  ، و أيضا تم تبادل مسودات جديدة؛ في محاولة لسد الفجوات المتبقية في الاتفاق  ( 8/10/2022 ). 
بين هذه الفجوات بانت مخاوف إسرائيل كما ذُكرت في موقع "واللا" الإسرائيلي، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إنه : "توجد مخاوف من أن فشل التوصل إلى اتفاق مع لبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية، يدفع الأمم المتحدة إلى اعتماد الخط 29 كخط حدودي للتفاوض، ما سيجعل وضع منصة غاز كاريش مثيرًا للجدل" ( 9/10/2022 )

شهية .. مفتوحة !

شهية إسرائيل مفتوحة كما هو الوضع مع حدودها " اللامحدود " في  جغرافية خارطتها .
هكذا تتعامل إسرائيل مع شريط المفاوضات الجارية في عدها التنازلي ، بمزيد من التنازلات من طرف واحد .
و هو ما أشار اليه مصدر لبناني لـ"الشرق" بأن : لبنان يدرس تفاصيل الاعتراض الإسرائيلي على ملاحظاته بشأن المقترح الذي قدمه للوسيط الاميركي ، و معظم التهديدات الصادرة عن إسرائيل بشأن ترسيم الحدود "تهويل" وتل أبيب "لن تغامر عسكريًا" ، حتى تنازل لبنان عن "حقل كاريش" وقبوله الخط 23، "لم يشبع شهية تل أبيب" .
أما المفاوضات مع إسرائيل "مستمرة وبقوة"، وكرة الحل في ملعب واشنطن ) . (9/10/2022)
نأخذ شريحة من رأي بعض المحللين الذين شاركوا في حلقة من برنامج "ما وراء الخبر"، بعنوان "ماذا يعني استخراج الغاز من حقل كاريش؟"، على قناة "الجزيرة": شلومو غانور، كاتب ومحلل سياسي قال بأن : موضوع حقل كاريش منفصل عن الاتفاق مع لبنان؛ وذلك بسبب أنه يتواجد داخل "المياه الاقتصادية الإسرائيلية" . أما واصف عواضة : عقب بأنه : ليس لدى لبنان أي اعتراض على الموقف الإسرائيلي ما دام لا يتم استخراج الغاز من "كاريش" نحو البر . ( 10/10/2022 )

النهوض.. الاقتصادي

لبنان يريد أن ينهض اقتصاديا ، لقد شبع من لعبة الطائفية و السياسة التي لم توفر خبزا كافيا و لا رفاهية معتبرة .
فالنفط والغاز الطبيعي ، هذا التوأم الاقتصادي جاء في وقته ، و لا بد و أن يأخذ حظه من التنمية الضرورية لرعاية الاجيال بما يليق مستقبله أمام الأمم الأخرى بجدارة و استحقاق. 
و هو ما أشار إليه الرئيس اللبناني في حديثه إننا : نأمل في إنجاز كل الترتيبات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية خلال فترة زمنية قصيرة بعدما قطعت المفاوضات شوطًا متقدمًا ، و 
انطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز يحقق بداية دفع جديد لعملية النهوض الاقتصادي ( الرئاسة اللبنانية- 10/10/2022 )

الصيغة.. النهائية

إلى هنا تصل المفاوضات خط النهاية ، في سباق ماراثوني من النفس الطويل ، لو كانت عبر المركبة لاستنفدت كل النفط و الغاز الطبيعي المستخرج من حقلي " كارش و قانا " ، لطول مسافة السباق و كثرة عراقيله . 
ذكر موقع "واللا الإخباري" الإسرائيلي.. نقلًا عن مسؤول أميركي عن خط النهاية عندما سلَّم الوسيط الاميركي ، إسرائيل ولبنان الصيغة النهائية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية .
النسخة النهائية من الاتفاق مُعدلة وأُضيفت إليها بعض التغييرات عقب تدهور المفاوضات قبل فترة قصيرة ؛ بسبب رفض إسرائيل الملاحظات اللبنانية ، و توقيع الاتفاق بات قريبًا للغاية .( 10/10/2022 )
لقد دخل " حزب الله " على خط المفاوضات ، بعد أن كان دائما في مقدمة خطوط التماس مع إسرائيل ، وفقا لمصادر لبنانية لـ"رويترز": "حزب الله" يوافق على شروط صفقة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، واعتبر أن المفاوضات "انتهت" .
انحلت العقدة إذا ، وانفرجت أسارير الحكومة باجتماع رئيسها مع وزير الطاقة ، ووفد من شركة توتال الفرنسية، ووجّه "ميقاتي" خلال الاجتماع ممثلي شركة توتال المباشرة بالإجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فورًا . (  رئاسة الوزراء اللبنانية - 11/10/2022 )

إسرائيل.. صدى الاتفاق

بعد ذلك خرج المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال مقابلة مع قناة "آي 24 نيوز" للقول بأن: تهديدات "حزب الله" لم تنجح في تغيير موقف إسرائيل، بل أضعفت الموقف اللبناني ، و عندما رفضت إسرائيل كافة المطالب اللبنانية المتعلقة بالاتفاق، لم يكن هناك أيّ مجال أمام لبنان إلا تعديل موقفه؛ من أجل التوصل إلى اتفاق، وهذا ما حدث بالفعل .
الاتفاق مع لبنان جيد جدًا لإسرائيل، ويُلبي كافة احتياجاتها الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية، ويُعد إنجازًا كبيرًا لإسرائيل . 
و هذا الاتفاق سيضمن الاستقرار على الحدود الشمالية، وسيقلل من اعتماد لبنان على إيران و"حزب الله" على الأقل من ناحية الطاقة ( 11/10/2022 ) 
و أضافت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.. نقلًا عن رئيس مجلس الأمن القومي قوله بأن : اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان لا يتناسب مع مصالح إيران في لبنان الذي لم يحصل على 100 في المئة من مطالبه ، و الاتفاق سيقلص من اعتماد الحكومة اللبنانية على "حزب الله"، وهو ما يتعارض مع مصلحة إيران . ( 12/10/2022 )

قضمة .. 17% من " قانا " ؟!

إسرائيل في كل العالم و في المنطقة بالذات  تفعل ما تريد ، منذ 1947 ، هي كذلك و العالم الغربي بلا استثناء لا تخالف ذلك بل تتحالف معها و تساندها .
نعود قرابة شهر للوراء ، في فترة الشد و الجذب بين جميع أطراف هذه الاتفاقية المجحفة ، من خلال مصادر أفادت 
لقناة *"العربية"*، بأن الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين "إسرائيل" و"لبنان" بات شبه مكتمل، مؤكدةً أن حقل "كاريش" النفطي سيبقى مع إسرائيل، في حين يكون حقل "قانا" كاملاً من حصة لبنان ( 4/9/2022 ) .
ماذا حصل بعد ذلك ، عقدت إسرائيل مؤتمرا صحافيا من ثلاثة أساطين ، رئيس الوزراء ، و وزير الدفاع ، و وزيرة الطاقة للإعلان عن الانتهاء من التوقيع على الإتفاق ،  حيث أشار فيه رئيس الحكومة إلى أن : الاتفاق مع لبنان يزيل احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مع "حزب الله"
و حصة إسرائيل 17 في المئة من عائدات حقل "قانا"، و"حزب الله" لن يحصل على أيّ من عائدات الغاز ، و سنبدأ باستخراج الغاز من حقل "كاريش"، وأيّ هجوم عليه يُعد اعتداءً على إسرائيل .
أما وزير الدفاع ، فقد ذكر بأن : 
الاتفاق مع لبنان سيحفظ أمن إسرائيل ويضعف "حزب الله"
و يقلص تأثير إيران على لبنان .
و أما وزيرة الطاقة قالت بأن : 
الاتفاق مع لبنان سيؤدي إلى جني أرباح اقتصادية بعد تطوير حقول الغاز  . ( 13/10/2022 ) 
و جاء دور المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، لقناة "الحرة" ليؤكد بقوله أن : الاتفاق يحد من نفوذ حزب الله وإيران في لبنان ، و هو اتفاق دولي ملزم ، و إسرائيل حققت مصالحها من توقيع الاتفاق ، و الضمانة الاميركية لها أهمية كبيرة في تنفيذ الاتفاق  . ( 27/10/2022 ) 
و ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن الحكومة الإسرائيلية صادقت "بشكل نهائي" على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان . ( 27/10/2022 )

الردع .. و " حزب الله " !

أخيرا " وُلد " الاتفاق ، و إن كان منقوصا أو مبتورا و منزوع معظم دسمه ، فقد صرح الرئيس اللبناني قوله لـ"رويترز" بأن : 
استكشاف الغاز هو "الفرصة الأخيرة" للبنان للتعافي الاقتصادي ، و دور "حزب الله" كان مفيدًا كـ"رادع" في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل . ( 29/10/2022 )
أما أمين عام " الحزب " ، فقد ألقى كلمة بهذه المناسبة أبرز ما فيها أن : اتفاق ترسيم الحدود البحرية انتصار كبير للبنان والشعب والمقاومة .
الدولة اللبنانية اعتمدت الخط 23 (الخط الذي يقطع حقل "قانا") كخط للحدود البحرية، والمقاومة لا تضع خطوطًا حدودية لا في البر ولا في البحر .
إذا قررت الدولة اعتماد الخط 29 (الخط الذي يقطع حقل "كاريش") فالمقاومة ملزمة بأن تقاتل لتحرير كل المساحات البحرية الواقعة شمال هذا الخط ، فهي منذ التحرير عام 2000 أكدت أنها لا تتدخل في ترسيم الحدود الجنوبية وأنها مسؤولية الدولة وذلك لأسباب عقائدية وسياسية .
حكومة "لابيد" لم تكن قادرة على الذهاب نحو الحرب ولا على إلغاء الاستخراج من حقل "كاريش" لذلك اضطرت للذهاب إلى التفاوض ، و كل المنصات والحقول والمنشآت الموجودة في المياه الفلسطينية المحتلة تطالها صواريخ ومسيّرات المقاومة الإسلامية في لبنان 
( 29/10/2022 ) 
و في يوم الشهيد كذلك أكد على أنه : لا يمكن الوثوق بالضمانات الاميركية في الحفاظ على اتفاق ترسيم الحدود البحرية .( 11/11/2022 )

حصار .. الجبهات الثلاث !

بعد هذا السلام الاقتصادي ، و هذا الانجاز الشاق ، نشرت 
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تقريرًا تحليليًّا يلقي الضوء على الجبهات الثلاث التي تواجهها إسرائيل، والتي يتصاعد التوتر فيها في الآونة الأخيرة. جاء فيه : 
على صعيد الجبهة الأولى هناك قلق يشعر به ، تلفت الصحيفة رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق، حيال الملف النووي الإيراني، لكن الحكومة الإسرائيلية يقظة للتهديد الأمني المتزايد من إيران .
أما على صعيد الجبهة الثانية، إنه كان يفترض أن يصبح لبنان "ساحة هادئة" بعد توقيع اتفاقية بحرية مع إسرائيل، لكن "حزب الله" ألقى مؤخرًا خطابًا تصعيديًّا ضد إسرائيل وبدأ في تهديدها .
بالنسبة للجبهة الثالثة، لا يمر يوم من دون تحذير منظمات الاستخبارات للحكومة من إمكانية حصول المزيد من التصعيد في الضفة الغربية والقدس الشرقية  .( 24/2/2023 ) 
أما رأي السفير الأميركي الأسبق لدى الغرب في وضع لبنان من بعد الاتفاق قوله في مجلة "ذا ناشونال إنترست"، إن الولايات المتحدة تستطيع منع انهيار لبنان من خلال التركيز على وضعه كأولوية بشكل يمنع تدهوره أكثر ، لأن معاناة اللبنانيين هي نتيجة لفساد النخبة المالية والسياسية، التي استفادت من "خطة بونزي" التي تسببت في تدهور عملة البلاد وقادت لأزمة في القطاع المصرفي .
فمن ناحية أخرى ، الولايات المتحدة سهّلت الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان؛ ما منع اندلاع حرب. وواشنطن بحاجة لقيادة المجتمع الدولي للضغط على لبنان وانتخاب رئيس مستعد للإصلاح  .( 24/1/2023 )

اقتراب .. بلا احتراق

اعتقد أن  لبنان بهذه الخطوة استطاع ممارسة سياسة الاقتراب من العدو دون الاحتراق بناره ، و في العلاقات الدولية تعتبر من القواعد المعتبرة ، إذا مضت الأمور وفقا للخطة المرسومة في تحقيق مصلحة لبنان العليا.