الثلاثاء 22 أبريل 2025

بعد توقف الحرب ..هل تنجح لبنان في إعادة ترسيم الحدود ؟

باور بريس

 

لبنان تطالب ماركرون بالتدخل لعودة تحالف توتال للتنقيب عن الغاز

 

وخبراء لبنانيين يطالبون بعودة ملف ترسيم المياه الاقليمية علي طاولة المفاوضات 
 

 تمثل قضية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بما تتضمنه من حقوق استغلال الثروات الطبيعية وخاصة حقول الغاز الواعدة في البحر الأبيض المتوسط، ملفًا بالغ التعقيد والحساسية. على مدار سنوات، شهدت هذه القضية مفاوضات متقطعة وغير مباشرة، سعت إلى إيجاد حلول توافقية تضمن حقوق الطرفين وتساهم في استقرار المنطقة.  

ورغم مطالبات الرئيس اللبناني جوزيف عون مارس الماضي  تدخل الرئيس الفرنسي لإقناع توتال بالعودة إلى التنقيب عن النفط والغاز في المربعات البحرية الا ان المباحثات توقف مرة اخري لاسباب غير معلومة

 

من جانبه قال ياسر هلال خبير اسواق الغاز اللبناني في مقابلة بالتليفزيون اللبناني  ان إصلاح قطاع النفط والغاز قد يكون أكثر أهمية في هذه المرحلة. والمدخل الرئيسي لإصلاح القطاع وإطلاق ورشة الاستثمار فيه، هو إنشاء هيئة ناظمة للنفط والغاز فعلية وليس هيئة ملحقة بوزارة الطاقة  كما هو الوضع حالياً. مع الاعتراف بالدور الكبير الذي لعبته الهيئة الحاليةرغم انعدام صلاحياتها ورغم الإهمال المتعمد لها.

أما المدخل الثاني فهو إعادة النظر بالإطار التشريعي والتنظيمي. وبخاصة الجوانب المتعلقة بمشاركة الدولة في ملكية الموارد النفطية من خلال إنشاء شركة نفط وطنية. والتي تم استبعادها بموجب المراسيم التطبيقية للقانون واتفاقيات البحث والاستكشاف  التي أطلقوا عليها «تحبباً» إسم اتفاقيات مشاركة بالإنتاج

واشار هلال ان  جو صدي وزير الطاقة الحالي يدرك جيدا أكثر من غيره، أن إصلاح القطاع هو السبيل المضمون لدفع شركة توتال وقطر للطاقة وإيني وبقية الشركات الدولية، للعمل في لبنان، وليس ممارسة الضغوط السياسية عليها.

فهذه الشركات يهمها قبل وجود النفط والغاز وجود مناخ استثماري ملائم، قوامه الاستقرار السياسي والتشريعي والتنظيمي والإداري. فشركة توتال اكتفت بتنفيذ الحد الأدنى من التزاماتها أو أقل من الحد الأدنى، ليس لأنها مشاركة في حملة «تركيع لبنان». بل لأنها رفضت «تركيعها» من قبل أركان المنظومة، بتدخلات وملابسات  «بهلوانيات» لا تخطر على بال.

تبدأ من القاعدة اللوجستية، وتمر بمسرحية إقفال دورة التراخيص الثانية ومحاولة تغيير شروط العقد بعد تقديم المزايدة. ولا تنتهي بملابسات اتفاقية البلوك رقم 9 و «لغم» ترسيم الحدود البحرية مع قبرص وسوريا واستكماله مع إسرائيل ويجب تعاود قضية ترسيم الحدود الي الواجهة مرة اخري في ظل ماتشهده لبنان من عودة للاحتضان العربي والدولي من خلال العهد الجديد

تحالف توتال للتنقيب عن الغاز

وقامت تحالف توتال وايني وقطر للطاقة بالتوقف عن التنقيب عن الغاز  بعد انتهاء أعمال الحفر في البئر الاستكشافية في البلوك رقم 9 في أكتوبر 2023، أعلنت الشركة أنها لم تعثر سوى على الماء، ولم تكتشف كميات غاز ذات جدوى اقتصادية مقارنة بالتجارب السابقة وصرح وزير الطاقة اللبناني وليد فياض في يناير 2025 أن شركة توتال لم تلتزم ببنود الاتفاقية الموقعة معها، مشيراً إلى وجود "غموض تام" في موقف الشركة وعدم إفصاحها عما إذا كانت ستعطي التقرير المطلوب بشأن مربع 9.

كان من المفترض أن تسلم توتال تقريرها التقني حول أعمال الحفر في البلوك رقم 9 في أبريل 2024، لكنها تماطلت في ذلك، مما أثار شكوك المسؤولين اللبنانيين ورأى وزير الطاقة اللبناني أن قرار توتال مرتبط بالسياسة الفرنسية، وأن الرئيس ماكرون لديه قدرة على الضغط عليها أو التنسيق معها في هذا الملف.

أشارت مصادر دبلوماسية إلى أن توقيت إعلان عدم وجود غاز ومغادرة الحفارة قد يكون مرتبطًا بالتطورات السياسية والأمنية في المنطقة، خاصة بعد اندلاع حرب غزة وتطور الأوضاع في الجنوب اللبناني. واعتبر البعض أن ذلك قد يكون ضمن ضغوط دولية لتحقيق شروط معينة من الجانب اللبناني

بعد إنهاء الحفر في البلوك 9، اتجهت سفينة الحفر التابعة لتوتال إلى قبرص للعمل في أحد حقولها النفطية، مما يشير إلى وجود التزامات أخرى للشركة.

ويري الخبراء البنانيين    أن قرار توتال بالتوقف عن التنقيب في لبنان جاء نتيجة لعدم تحقيق نتائج مشجعة في الاكتشافات الأولية، بالإضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بالتزامات الشركة، والغموض في موقفها، والتطورات السياسية والأمنية في المنطقة، مما دفع لبنان إلى التفكير في خيارات أخرى للمضي قدمًا في استكشاف ثرواته البحرية.

 

اتفاقية ترسيم الحدود مع اسرائيل

اتفقت إسرائيل مع لبنان علي إعادة  بنود ترسيم الحدود، وتم التوقيع رسميًا يوم 27 اكتوبر 2022،

وفتحت الاتفاقية الطريق لبدء الإنتاج من الحقل المشترك والمتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل منذ عام 2011، إذ بدأت مفاوضات بصورة غير مباشرة، زار الوسيط الأميركي، آموس هوكشتاين، لبنان بدعوة رسمية، لمناقشة مخاوف البلاد بعد وصول سفينة إنرجين باور إلى حقل كاريش للغاز.

ونقل الوسيط الأمريكي -حينها- آمال إدارة الرئيس جو بايدن في التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ما يسمح باستخراج غاز شرق المتوسط.

وترتكز نقطة الخلاف بين لبنان وإسرائيل على منطقة في شرق البحر المتوسط تبلغ مساحتها نحو 860 كيلومترا مربعا في منطقة يعتقد أنها غنية بالغاز ولا يمكن ان ننسي ان البنية التحتية لحقل كاريش وتركيب الانابيب الذي استغرق اكثر من عامين كان علي مرأة ومسمع قوات حزب الله التي كانت تهدد بين الحين والاخر بقذف الحقل المتنازع عليه بعد بدء الانتاج

حقل كاريش  

يعتببر الحقل من اكبر الحقول في منطقة المتوسط في الحدود البحرية المشتركة بين لبنان واسرائيل الا ان الاخيرة تري انه ملكها وحدها وانه داخل حدودها الاقليمية  ويبعد حقل كاريش  للغاز بنحو 100 كيلومتر عن السواحل الإسرائيلية على البحر المتوسط، ونحو 75 كيلومترًا عن ساحل حيفا.

وتقد ر احتياطيات الحقل المؤكدة من الغاز بنحو 1.3 تريليون قدم مكعبة، بالإضافة إلى 12.7 مليون برميل من المكثفات

ويبلغ إنتاج آبار الحقل يبلغ 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، تُضخ إلى السوق المحلية بموجب اتفاقيات مع شركات كهرباء ومعامل تكرير، والفائض تصدره إسرائيل إلى مصر.

حقل قانا

بقع حقل قانا قبالة قرية قانا ، جنوب لبنان في قسم من مسطح البلوك رقم 9، مع إضافة إليه جنوب الخط 23.

وأظهر  وجود مخزون غاز طبيعي بحوالي 25 تريليون قدم مربع.

وفي 0202 تمت عمليات حفر أولية أظهرت وجودت مخزونات دون التحقق من كمياتها

ورغم احتفاظ اسرائيل بالسيادة الكاملة على حقل الغاز كاريش، فيما سيكون حقل قانا المقابل تحت سيطرة لبنانية، وستحصل اسرائيل من شركة الطاقة الفرنسية (توتال) على ايرادات من الحقل الواقع داخل حدودها".

وكان من المفترض أن الاتفاق سيكون مودعا في الأمم المتحدة وسيدرج قدر الإمكان في القانون الدولي، وسيكون هناك ضمانات أمريكية وفرنسية للاتفاق حال التوقيع عليه.

وفي مايو من عام ٢٠٢١، عقدت الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وبرعاية الأمم المتحدة وبوساطة الولايات المتحدة الأمريكية، وسط إصرار الجانب اللبناني على حقه في حدوده البحرية، وفقًا لقانون البحار المتعارف عليه دوليًا، فقد رأى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في تصريحات سابقة، أن عملية التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود البحرية من شأنه أن يدفع إلى البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعي في القطاعين ٤ و۹، وسوف يكون من أحد أهم أسباب سداد الديون اللبنانية.

وكان بري قد أكد في ذلك الوقت، أنه طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الضغط على شركة توتال لعدم تأجيل التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية الممتدة بطول المنطقة المتنازع عليها.

 

احتياطيات الغاز اللبناني

 

وبحسب دراسة اعدها دكتور احمد سلطان الباحث في المركز المصري للدراسات الاقتصادية فأن الاحتياطيات النفطية طبقًا للدراسات الفنية والتي تمت بواسطة شركة سبكتروم بحوالي ۹٥ تريليون قدم مكعبة من الغاز و۹٠٠ مليون برميل نفط (غير مؤكدة) في المنطقة الاقتصادية الخاصة، ووصلت القيمة المالية المقدرة للغاز الطبيعي إلى حوالي ٦٠٠ مليار دولار، والقيمة المالية المقدرة للنفط إلى حوالي ٤٥٠ مليار دولار

واضافت الدراسة ان اقتصاديًا وبشكل مواز، كانت توقعات الخبراء الماليين والاقتصاديين متفائلة بارتفاع قيمة الناتج المحلي إلى حوالي أكثر من ١٠٠ مليار دولار في حال بدء الاستفادة من إنتاج النفط والغاز الطبيعي وإيراداتهما، فقطاع النفط والغاز الطبيعي سيؤثر بشكل إيجابي فيما يتعلق بتوفير إمدادات الطاقة، بما يساعد على خفض معدلات الاعتماد على الموارد الخارجية، وسيساعد على تقليص الدين العام (الذي يأتي جزء كبير منه من دعم قطاع الطاقة وخاصة الكهرباء) وهو الأمر الذي سيؤدي إلى نمو الناتج المحلي اللبناني.

هناك العديد من الدراسات الواعدة التي تؤكد أن المياه اللبنانية تحتوي على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، ولدى العمل على استخراج هذه الكميات سيتحول لبنان من دولة مستوردة للطاقة إلى دولة منتجة لديها اكتفاء ذاتي. ذلك بالإضافة لدراسة أخري أعدها بنك فرنسبنك في لبنان، ونقلها موقع اتحاد المصارف العربية، وتؤكد أن المسوحات التي قامت بها شركات بريطانية ونرويجية وأمريكية توضح وجود احتياطات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي في المياه اللبنانية قُدرت بحوالي ٣٠ تريليون قدم مكعبو من الغاز الطبيعي وحوالي ٦٦٠ مليون برميل من النفط السائل.

ذلك مع الأخذ في الحسبان إن مساحة المياه الخاضعة للمسح هي ١٠٪ فقط، وإن تضاربت الأرقام ولكن تظل هناك كميات اقتصادية من النفط والغاز الطبيعي في المياه اللبنانية.

وترى تلك الدراسة الفنية أنه بناءً على تقديرات الجهات العالمية المتخصصة بشأن الاحتياطيات الهيدروكربونية المتوقعة، فإن قيمة احتياطات الغاز الطبيعي في لبنان تُقدر بحوالي أكثر من ١٦٠ مليار دولار، في حين تُقدَّر قيمة احتياطات النفط بنحو بحوالي أكثر من ۹٠ مليار دولار وذلك حتى عام ٢٠٤٠، وبناءً على تلك الحسابات، فإن قيمة إنتاج الغاز الطبيعي سنويًا ستكون في حدود حوالي ۸٬٥ مليار دولار، وللنفط نحو حوالي ٥ مليار دولار.

وتضمن أول عقد للتنقيب الذي وقعه لبنان في عام ٢٠١۸ قطاعين، يقع إحداهما في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل، وهو القطاع رقم ۹.