السبت 21 ديسمبر 2024

عام علي طوفان الاقصي.. اضطرابات سوق الطاقة العالمي..وتوقف مصر عن تصدير الغاز

باور بريس

ضياع حلم اسرائيل في مشروع ميد -إيست  .. وأوروبا تبحث عن بدائل بعد توقف مصانع الاسالة المصرية عن التصدير

 

أسعار الغاز العالمية ترتفع وسط نقص كبير بالامدادات

 

 

 

تلعب مصادر الطاقة دورا رئيسا في توازن القوى والمصالح الإقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط وهو ما يخلق مجالا ملتهبا ومحفزا للتنافس على هذه المصادر خاصة  النفط الخام والغاز الطبيعي وفي المواقع التي تتقاطع عندها المصالح والأهداف.

ورغم مرور عام علي معركة طوفان الاقصي في 7 اكتوبر إلا أن  ذلك اثرها كان  تأثيرا مباشرا علي تجارة الغاز الطبيعي في المنطقة ومازل سوق الطاقة العالمي يعاني حتي الآن بالاخص مصر التي تأثرت صادراتها بشكل مباشر بعد توقف الحقول الإسرائيلية تمار وليفاثان عن العمل نتيجة لعمليات المقاومة الفلسطينية

ودفعت حرب غزة إسرائيل إلى خفض صادراتها من الغاز الطبيعي إلى مصر بسبب المخاطر الأمنية التي دفعت وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى إيقاف إنتاج الغاز من حقل تمار، الذي تديره شركة شيفرون الأمريكية، وتقع منصة إنتاجه على بعد 25 كيلومترًا فقط شمال غرب غزة

 

 

منتدى غاز شرق المتوسط

 


مما أثر علي الاتفاقيات التي وقعتها مصر بعد أن  كانت تتجه في السنوات الأخيرة لتصبح مركزا إقليميا لتجارة الغاز الطبيعي والكهرباء، بعد الاكتشافات الهائلة من الغاز الطبيعي، منذ عام 2015 أمام سواحل البحر المتوسط في كل من مصر وإسرائيل وقبرص لاسالتها بمصنعين دمياط وادكو وإعادة تصديرها لاوروبا بالإضافة إلي اقتراح العديد من مشروعات خطوط الأنابيب لنقل الغاز الطبيعي فضلا عن شبكات للربط الكهربائي من أجل دفع وتشجيع تجارة الغاز والكهرباء سواء بين دول المنطقة وبعضها البعض

دوليا كبيرا بعد إنشاء منتدي غاز شرق المتوسط، وتوصل مصر إلى اتفاقيات مهمة لتجارة الغاز مع إسرائيل وقبرص والاتحاد الأوروبي وتوقيع دول شرق المتوسط للعشرات من مذكرات التفاهم بشأن مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر

 

 

 


تأثر صادرات مصر من الغاز

 


ويأتي الغاز الطبيعي على رأس قائمة مصادر الطاقة في مصر، ويمثل الاعتماد عليه قرابة 57% من إجمالي مصادر الطاقة الأخرى، وتستهلك مصر قرابة 60 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي خلال عام 2023 بمتوسط 6.1 مليار قدم مكعب يوميا

 

ووفقا لوكالة الطاقة الأمريكية فإن قرابة 87% من إجمالي إنتاج مصر من الغاز يتم  استهلاكه محليا

 

وحسب تصنيف "إس آند بي جلوبال" وصلت صادرات الغاز الطبيعي المسال المصرية حتى نهاية أكتوبر 2023 إلى 3.38 مليون طن فقط، مقارنة بـ8 مليون طن لعام 2022 بأكمله، واستحوذت أوروبا وتركيا على 2.2 مليون طن من الإجمالي حتى الآن هذا العام، وهو ما يمثل 45% من صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال العام الماضي بقيمة 13 مليار دولار 

 


شراء شحنات للاستهلاك المحلي

 

ونظرا لاعتماد مصر الكبير على توليد الكهرباء من خلال الغاز الطبيعي، إذ يشكل الاعتماد على الغاز نحو 65% من توليد الطاقة الكهربائية مما اضطر الحكومة الي وقف تصدير الغاز نهائيا لسد احتياجات السوق المحلي 


قامت مصر بشراء  شحنات غاز ومازوت  في خطوة لحل أزمةالكهرباء التي تمربها مصر خلال الفترة الأخيرة

 

وبحسب اتفاقيات التي وقعتها الشركة القابضة للغازات ايجاس باستيراد 17 شحنة غاز لحل الأزمة الكهرباء

واستلمت مصر  7 شحنات في يوليو الجاري، و6 شحنات في أغسطس، و4 في سبتمبر وذلك على دفعات مؤجلة تصل إلى 6 أشهر.

 

كما استقبلت مصر يوم الخميس 11 يوليو 2024 شحنة غاز مسال أمريكية على متن الناقلة اليونانية هيلاس ديانا "Hellas Diana" بحجم 160 ألف متر مكعب (70 ألف طن تقريبًا)،

كما استقبلت مصر أول كمية من الغاز المسال منذ توقفها عن الاستيراد في 2018 خلال شهر يونيو 2024 بحجم بلغ 73 ألف طن.

وسجلت واردات مصر من الغاز المسال في شهر يوليو الجاري نحو 460 ألف طن.

وفي يوم 14 يونيو، استقبلت مصر أول شحنة غاز مسال بحجم 70 ألف طن، على متن سفينة إعادة التغويز هوج غاليون (Hoegh Galleon)، قادمة من ميناء ساغونتو (Sagunto) في إسبانيا.

وجاء ذلك بناء على اتفاقية وقعتها شركة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" مع شركة جاليون النرويجية (Galleon) لاستئجار سفينة إعادة التغويز هوج غاليون (Hoegh Galleon)، خلال المدة من يونيو (2024) حتى فبراير 2026.


كما أبرمت الهيئة المصرية للبترول اتفاقا جديدا يوفر 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، لتغطية الربع الأخير من 2024.

نجحت الهيئة  في الحصول على أسعار مخفضة إضافة إلى جدول زمني يتوافق ومتطلبات السوق المصرية حيث يتم تسلم 17 شحنة من 4 أكتوبر وحتى 29 نوفمبر إلى المحطة العائمة في ميناء العين السخنة، على البحر الأحمر، و3 شحنات تصل في نفس التاريخ إلى ميناء العقبة في الأردن.


التأثير علي اسرائيل

 


حقل تمار الذي توقف عن العمل بسبب حرب غزة ينتج  نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز نتيجة حرب غزة يستخدم نحو 85% منها للسوق المحلية الإسرائيلية ويصدر نحو 15% المتبقية إلى الأردن بهدف توليد الكهرباء ومصر بهدف الإسالة والتصدير لأوروبا


يعد الغاز مصدر طاقة رئيسيا للكثير من الصناعات في إسرائيل وبالتالي فإن انقطاع الإمداد ادي إلى تباطؤ الإنتاج الصناعي واثر على الاقتصادات المعتمدة على هذه الصناعات وهدد ذلك اسرائيل أيضا  بتحويل توليد الكهرباء المحلي إلى الفحم والديزل المكلفين

 

وتراجعت صادرات إسرائيل من الغاز الطبيعي بنسبة 70% وبلغت الخسائر الاقتصادية للإغلاق نحو 800 مليون شيكل (201 مليون دولار) شهريا وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة المحاسبة والاستشارات "بي دي أو إسرائيل"

كما ألغت الاردن اتفاقية مع اسرائيل في مجالات الكهرباء والمياه كانت من المتوقع توقيعها نوفمبر الماضي واوقفت تركيا تعاملاتها مع اسرائيل في مجال الطاقة نظرا لتوتر الأحداث في منطقة البحر المتوسط

كما تم توقف حلم اسرائيل  باتمام  المشروع المعروف باسم إيست-ميد وهو مشروع خط أنابيب تتراوح تكلفته بين 6الى 7 مليارات دولار من المتوقع أن ينقل مبدئيا 10مليارات متر مكعب من الغاز سنويا من إسرائيل والمياه الإقليمية القبرصية مرورا بجزيرة كريت اليونانية إلى البر اليوناني الرئيسي وصولا لشبكة أنابيب الغاز الأوروبية عبر إيطاليا ووقع وزراء الطاقة اليوناني والإسرائيلي والقبرصي الاتفاق النهائي بشأن خط الأنابيب في مراسم في أثينا وذلك الخط كان سيحدث تأثيرا سلبيا على مصر

صفقة مصر وإسرائيل

 

بدأت مصر استيراد الغاز من إسرائيل لأول مرة في 2020، في صفقة قيمتها 15 مليار دولار، بين شركة نوبل إنرجي التي استحوذت عليها شيفرون في 2020- وديليك دريلينغ وشركة دولفينوس القابضة المصرية.

وبناء على هذه الاتفاقية، وقعت مصر في يونيو 2022 مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، لزيادة صادرات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، بهدف إمداد أوروبا بالغاز الإسرائيلي عبر محطات الإسالة المصرية في إدكو ودمياط على البحر المتوسط.

وارتفعت كميات الغاز الطبيعي المستوردة على مدار العام المالي 2022 بنسبة 45.69% إلى 191 مليار قدم مكعبة مقابل 131.1 مليار قدم مكعبة في العام المالي 2021.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الطاقة الإسرائيلية كانت قد أعلنت أغسطس 2023  أنها سترفع حجم صادراتها من حقل تمار إلى مصر، لتصل إلى 3.5 مليار متر مكعب سنويا لمدة 11 عاما، أي بإجمالي يبلغ 38.7 مليار متر مكعب، مع إمكان زيادة هذه الكمية إلى 44 مليار متر مكعب 

 

 

التأثير علي أسعار الطاقة العالمية

 


أثارت الزيادة الحادة في أسعار الغاز الطبيعي العالمية جدلا واسعاً حول الأسباب وراءها.

وفي قلب هذا الجدل يبرز دور مصر كأحد المستوردين الرئيسيين للغاز في المنطقة بعد انخفاض الإنتاج التي تعاني منه منذ أكثر من عام

وقفزت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بعد أن أظهرت نتائج مناقصة مصرية أن المنافسة العالمية على الوقود لا تزال قوية، مما قد يصعب الأمر على المنطقة في الحصول على الإمدادات.

وتظهر هذه الخطوة أن أوروبا سيتعين عليها التنافس بشدة على الإمدادات مع دول من مصر  إلى آسيا، قبل أسابيع من البداية الرسمية لموسم التدفئة.

وشهدت الأسعار تقلبات في الأسابيع الأخيرة، كما أن أي إشارة إلى تزايد الطلب قد تؤدي إلى زعزعة توازن الإمدادات الهش في المنطقة

انخفضت إمدادات الطاقة لـ"فريبورت" للغاز الطبيعي المسال (Freeport LNG) في تكساس  وفقاً للبيانات التي اطلعت عليها بلومبرغ، بعد انقطاع قصير في وقت سابق من الأسبوع.

ويساهم ذلك أيضا في المعنويات الداعمة للصعود التي تسيطر على الأسواق.

وارتفعت العقود المستقبلية الهولندية لأقرب شهر في أوروبا، التي يُنظر لها كمعيار رئيسي لأسواق القارة، بنسبة 1.1% إلى 35.58 يورو لكل ميغاواط في الساعة


ولازالت أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الطبيعي قبل فصل الشتاء بعد توقف مصر عن التصدير وتحويلها إلي مستورد والتي كانت طوق النجاة لها بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وانقطاع الغاز الروسي عن أوروبا