د. مصطفي الشربيني يكتب : أسطورة استمطار السحب تنهار أمام نيران كاليفورنيا، فضح زيف التحكم الأمريكي بالمناخ
لطالما روّجت الولايات المتحدة لنفسها باعتبارها القوة العظمى القادرة على التحكم بالطبيعة، فأطلقت الشائعات عن امتلاكها تقنيات سرية لاستدعاء المطر والتلاعب بالمناخ، بل إن البعض صدّق أنها تستطيع توجيه الأعاصير وخلق الجفاف أو إغراق مناطق محددة بالأمطار وفقاً لمصالحها، لكن حين اندلعت حرائق كاليفورنيا المدمرة لم نرَ أي أثر لهذه الأسطورة، لم تتدخل تقنيات استمطار السحب المزعومة، ولم تأتِ الأمطار المبرمجة لإنقاذ المدن التي تحترق، وكأن كل ما قيل عن "الهندسة المناخية الأمريكية" كان مجرد وهم تضخم عبر الإعلام والدعاية الكاذبة
إذا كانت واشنطن قادرة حقًا على التحكم بالطقس، فلماذا لم تستخدم هذه القدرة لإنقاذ اقتصادها من خسائر تجاوزت مئات المليارات؟ ولماذا تُرِكت أرقى مدن العالم تغرق في الدخان وسط مشاهد تشبه سيناريوهات نهاية العالم؟ الحقيقة القاسية التي كشفتها هذه الحرائق هي أن أسطورة التحكم الأمريكي بالمناخ ليست سوى كذبة كبرى سقطت في مواجهة كارثة طبيعية لم تستطع أقوى دولة في العالم التعامل معها، فهل كان استمطار السحب مجرد خدعة لإرهاب الخصوم أم أن أمريكا فقدت السيطرة على تقنياتها المزعومة؟
لعقود طويلة روّجت الولايات المتحدة لنفسها باعتبارها القوة العظمى بلا منازع وادعت قدرتها على قيادة العالم في الابتكار والتكنولوجيا وحتى السيطرة على المناخ فأطلقت الإشاعات حول مشاريع سرية للتحكم بالطقس والتلاعب بالسحب وصنعت هالة إعلامية كاذبة عن كونها تمتلك مفاتيح التحكم بالكوكب ورغم هذه الادعاءات جاءت حرائق كاليفورنيا لتكشف زيف هذه الأسطورة حيث التهمت النيران مساحات شاسعة بلا قدرة على السيطرة رغم أن الولاية نفسها تعد خامس أكبر اقتصاد عالمي وتحتضن وادي السيليكون الذي يضم شركات يفوق رأسمالها ٢٠ تريليون دولار وأكثر من ١٥٠ ملياردير ومليون ونصف مليونير ورغم هذه الثروة الضخمة وجدنا كاليفورنيا تحترق على مدار عشرة أيام متواصلة وسط عجز تام من الحكومة الأمريكية التي طالما تغنت بقدرتها على هندسة المناخ إن كانت أمريكا قادرة حقًا على التحكم في الطقس فلماذا لم تنقذ كاليفورنيا من الحرائق؟ لماذا لم تقم بسحب الأمطار فوق المناطق المشتعلة؟ ولماذا لم تستطع طائراتها المتطورة وأقمارها الصناعية وقف الكارثة قبل انتشارها؟ أم أن الأمر كله مجرد أوهام صنعتها الدعاية الأمريكية؟
لقد زعمت العديد من التقارير أن الولايات المتحدة تستخدم تكنولوجيا متقدمة لرش الكيماويات في الغلاف الجوي لإحداث تغييرات مناخية حسب مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية ومع ذلك فإن أبسط اختبار لهذه المزاعم يكمن في عجزها عن إطفاء نيران التهمت واحدة من أغنى ولاياتها مما يثير تساؤلات خطيرة حول مدى مصداقية هذه الادعاءات فلو كانت تملك هذه القدرة فلماذا تعجز عن حل أزمة حرائق متكررة تحدث كل عام؟ وإن لم تكن تمتلكها فهل كانت تنشر الأكاذيب لخداع العالم بامتلاك قوى خارقة لا وجود لها؟ الحقيقة المؤلمة أن أمريكا التي تتحدث عن الاستدامة الصناعية لم تستطع إنقاذ مدنها من التدمير الذاتي وبينما تدعي أنها تقود الابتكار البيئي فإن شوارع لوس أنجلوس غارقة في الدخان والملايين يهربون من منازلهم أمام قوة الطبيعة التي وقفت أمامها أقوى دولة في العالم مكتوفة الأيدي
التناقض الأمريكي يتجلى بأبشع صوره في هذا المشهد فبينما تدفع الدول النامية نحو تحمل كلفة التكيف مع تغير المناخ وتفرض عليها قيودًا صارمة تحت شعار البيئة نراها عاجزة حتى عن حماية بنيتها التحتية من الكوارث التي تلتهم أراضيها وتخنق سكانها فما جدوى مليارات الدولارات التي تُنفق على أبحاث التحكم المناخي إذا كانت غير قادرة على إطفاء حريق واحد؟ وكيف يمكنها ادعاء السيطرة على المناخ العالمي وهي تفشل في مواجهة ظاهرة متكررة داخل حدودها؟ بل أين كل هذه التكنولوجيا التي يُقال إنها قادرة على تعديل الغلاف الجوي وتوجيه الأمطار حسب الطلب؟ إن المشهد الحالي لا يدل إلا على زيف الادعاءات ويفضح أكاذيب الهيمنة الصناعية التي تتبجح بها الولايات المتحدة أمام العالم
في ظل هذه الحقائق الصادمة بات واضحًا أن أمريكا ليست كما تروج لنفسها بل إنها في موقف لا تحسد عليه حيث تقف عاجزة أمام تحديات بيئية تفوق قدراتها ورغم كل الدعاية عن التقدم العلمي والتكنولوجي تبقى الحقيقة الواضحة أن الطبيعة أقوى من أي قوة صناعية مهما ادّعت القدرة على التحكم فيها وأمام هذه النيران التي تلتهم كاليفورنيا تسقط أسطورة الاستدامة الصناعية الأمريكية ويتضح أن كل ما قيل عن قدراتها في تعديل المناخ ليس إلا جزءًا من آلة البروباجندا التي تحاول رسم صورة غير واقعية عن إمبراطورية بدأت تتآكل من الداخل وتتخلي عن قيادتها العالمية بانسحابها من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس لتغير المناخ وبرامج الدعم