دكتور عبد الله العوضي يكتب :" نوبك " .. ضد أوبك !
سمعت لمستفز عبر إحدى وسائل الإعلام المهسترة على طول الخط ، مدافعا عن أميركا أكثر من الأميركان أنفسهم .
و الأغرب نفيه لحاجة أميركا لأي برميل نفط من الدول المنتجة في أوبك أو غيرها .
هذا الطرح ورد حيال الأزمة الراهنة في فنزويلا ، و خاصة أنها معروفة الغنى بثروة النفط و أن من مصلحة أميركا العبث بها من أجل النفط .
يكفي القول بأن أميركا تستورد من السعودية قرابة مليون برميل يوميا من أجل احتياجتها الداخلية ، بالرغم من وفرة انتاجها الذاتي الذي يقترب من 12 مليون برميل يوميا ، إلا أنها مع ذلك لا تستطيع الإستغناء عن نفط أوبك و غيرها .
علما بأن الولايات الأميركية كان عليها حظرا محكما لعدم تصدير النفط الخام و مشتقاته قرابة أربعة عقود إلى أن جاء أوباما إلى سدة الحكم فرفع ذلك الحظر .
علاوة على ذلك بدأت تهدد منتجي النفط و خاصة أعضاء منظمة " أوبك " بإغراق السوق من النفط الأحفوري من أجل الضغط لخفض الأسعار التي لا زالت لصالح نفط أوبك مقارنة بالنفط الأميركي .
إذا كانت أميركا ليست بحاجة إلى نفط أوبك فلم تحقن مشترياتها تحت الأرض في خرانات ضخمة منذ اكتشاف هذا الذهب الأسود حتى الساعة التي أعلنت فيها وقف وارداتها من النفط الخارجي للعام 2018 .
نركز قليلا على تاريخ العلاقات الأميركية بمنظمة " أوبك " ، فقد مرت بكثير من المطبات السياسية و الإقتصادية .
ففي عهد الملك فيصل رحمه الله ، عندما هددت أميركا رغم قوة التحالف بينهما منذ تأسيس المملكة ، إلا أن السياسة الأميركية توحشت في تلك الفترة عندما هددت أميركا السعودية بتجويعها ، فوقف الملك فيصل في وجهها منددا و قائلا عبارته المشهورة : بأننا أمة الأسودين التمر والماء ، و لا يجوع من في بيته تمر .
و من بعد هذا التحدي الوجودي بدأت أميركا التي زعمت نفسها حليفة للمملكة ، تحيك المؤامرات ضد هذا الزعيم الفذ حتى أكرمه الله بالشهادة .
و عندماغزى صدام الكويت كان نفط الكويت في بؤبؤ عين بوش الأب و لم تكن عيون الكويتيين ثمنا للتحرير حتى أن بعض الكويتيين بالغوا آنذاك في وصف الثمن الحقيقي بأن الكويت كلها أصبحت رهنا لأميركا و ليس النفط وحده .
و مرت سنوات فجاء عهد ترامب الذي تفاخر أمام العالم بأنه تحدث مع الملك سلمان لزيادة كمية ضخ النقط في السوق للحفاظ على أسعار عادلة ، و أنه إذا لم يتم ذلك فإن أميركا على استعداد لإغراق السوق بالنفط الأحفوري الوفير لديها لضرب أوبك ، هذا المنطق الإستعلائي هو الذي حكم تحركات ترامب السياسية ، و ليس المصلحة البينية للدول .
يبدو أن ترامب كان ينبش في الملفات القديمة والتي غطتها غبار السنوات السياسية الغامضة للتعامل مع واقع الحال .
و لا زال النفط على رأس القائمة و هو سلاح التهديد المرفوع اليوم في منظمة " أوبك " و نخشى أن تصل أميركا إلى مرحلة الإفلاس السياسي ، إذا كانت تواجه الآخر بعقلية العقود الماضية و ملفاتها الفاشلة ، ومن ذلك الماضي ملف النفط .
أقرت لجنة بمجلس النواب الأميركي مشروع قانون من شأنه أن يجعل منظمة "أوبك" عرضة للدعاوى القضائية لمكافحة الاحتكار .
ووافقت اللجنة على مشروع القانون، المعروف باسم "نوبك". وكانت نسخ من المشروع قد ظهرت على مدار العشرين عاما الماضية في مجلس النواب لكنها لم تكلل بالنجاح، ومن غير المؤكد أن يُجرى تصويت في المجلس بكامل هيئته في أي وقت قريب .
لكن مشروع القانون اكتسب بعض الزخم مع مهاجمة الرئيس السابق ترامب أوبك، بسبب خفض إنتاج النفط .
بعض المستفزين العرب يعيشون في عالمهم الإفتراضي ، و يكيلون سيلا من الإتهامات جزافا ، و خاصة من حاملي الجنسية الأميركية و المتحاملين على دولهم و المنكرين لأدنى فضل عليهم يوم أن كانوا عالة على مجتمعاتهم و قد ملؤوا جيوبهم من النفط قبل أن تشرع أميركا قانون " نوبك " ضد أوبك .
و جاء " بايدن " ليواصل قوله بأنه سيجعل من السعودية دولة منبوذة إيفاء بأحد عهوده الانتخابية ، و ها هو بعد أسابيع قليلة سوف يجتمع بالعاهل السعودي ، و قد علق أحد أعضاء الكونجرس من الجمهوريين على هذه الزيارة المرتقبة قائلا : ترى بأي وجه سوف يقابل بايدن الملك سلمان ؟!