الجمعة 22 نوفمبر 2024

أسامة سماحة يكتب:“ماما، محتاجة حضن منك”

باور بريس

 

كم مرة احتاجت فتاة أن تسمع من أمها كلمات بسيطة ولكنها تحمل عُمق العالم: “أنا بحبك… أنا فخورة بيكِ… أنا هنا علشانك.” كم مرة تمنت حضنًا دافئًا يمسح خوفها أو لمسة يد تخبرها أنها ليست وحدها؟

الأمومة ليست مجرد لقب أو حق مكتسب، بل هي مسؤولية لا تُقاس إلا بالعطاء والحب غير المشروط. أن تكوني أمًا يعني أن تكوني المأوى حين تضيق الدنيا، وأن تُظهري حبكِ بالأفعال قبل الأقوال. فكيف تستحق أم لقب “الأمومة” إن لم تحتوِ أبناءها بالكلمات الطيبة والحب الحقيقي؟

الأمهات المثاليات الحقيقيات

في كل عام، نحتفل بـ”الأم المثالية”، لكن هل رأيتم يومًا أمًا مثالية تكرس حياتها لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ هؤلاء هن المثال الحقيقي للأمومة. تجدهن يزرعن الأمل في قلوب أطفالهن، يُقبِّلن جباههم، ويُخبرونهم يوميًا أنهم مميزون ومحبوبون.

الأمومة ليست عملًا آليًا أو واجبًا اجتماعيًا. إنها حالة من الحب تُترجم في كلمات بسيطة: “أنا معك… أنت قوي… أنا فخورة بك.” عندما تفتقد الأم لهذه العاطفة وتكتفي بدورها التقليدي، تخسر ابنتها أو ابنها أعظم ما يمكن أن يقدمه أي إنسان: الحب.

دور المجتمع والأعراف

للأسف، نحن أبناء مجتمعات تحاصرنا بالأعراف والتقاليد التي أحيانًا تقتل الإنسانية داخلنا. تُقاس قيمة المرأة فيها بأدوار محددة، وتُعامل الأمومة وكأنها واجب إلزامي بدلًا من أن تكون رسالة حب.

الأخطر أن هذه المفاهيم تُغذى أحيانًا من مؤسسات يُفترض أن تكون مرجعًا للوعي والثقافة. لكنها بدلاً من أن تروج لقيم العدالة والرحمة التي نادى بها الدين، تكرس مفاهيم رجعية تجعل المرأة دائمًا في موقع التابع، وتُبقيها بعيدة عن دورها الحقيقي في بناء الأجيال.

الحل يبدأ من الوعي

إذا أردنا تغيير هذه المفاهيم، علينا أن نبدأ بمراجعة خطابنا الديني والاجتماعي. الله سبحانه وتعالى عادل ورحيم، وقد كرّم المرأة كإنسان وكشريك أساسي في بناء المجتمع. علينا أن نعيد صياغة الأفكار التي تُصدرها المؤسسات التعليمية والدينية لتكون أكثر انسجامًا مع القيم الإنسانية.

الأمومة ليست مجرد إنجاب. هي دور عظيم يتطلب من المرأة وعيًا وثقافة، ويحتاج إلى مجتمعات تُقدّر قيمة الحب والدعم النفسي كجزء لا يتجزأ من التربية.

الخاتمة: الأمومة حب متجدد

الأم المثالية ليست من تُنجب فقط، بل من تزرع في أبنائها الأمان والثقة، من تقول: “أنا هنا من أجلك.”
كل فتاة تحتاج أن تشعر بأن أمها ترى فيها عالَمًا كاملاً. وكل أم تستطيع أن تكون مثالية حين تمنح أبناءها الحب بلا شروط.

الأمومة ليست لقبًا يُمنح بالولادة، إنها فعل يومي يتجسد في لمسة يد، كلمة طيبة، أو حضن دافئ. فهل ستكونين تلك الأم؟