علاء امين يكتب : نعيم الجهل وعذاب المعرفة
بين نعيم الجهل وعذاب المعرفة،
وجدتُ نفسي على حافة عالمين متناقضين.
ربما هو اختيار قديم يعايشه كل إنسان في لحظة ما؛ هل أعيش في راحة البساطة وقلة المعلومات، أم أغوص في بحر المعرفة العميق، حيث تنتظرني حقائق قد تهزّ استقراري العقلي والعاطفي؟
أتذكر عندما كنت أصغر سناً، كنت أسير في الحياة ببساطة. لم أكن أتساءل عن معاني الأمور العميقة، ولم تشغلني تفاصيل الأشياء من حولي. كنت أعيش في “نعيم الجهل”؛ كل شيء يبدو على ما يرام طالما أنه بعيد عن التساؤلات المحرجة أو الحقائق المزعجة. كان الجهل أشبه بالبطانية الدافئة التي تغطي كل ما قد يثير قلقي، حتى لو كانت تلك البطانية مجرد وهم.
ثم، بمرور الوقت، تفتحت عينيَّ على المزيد من المعرفة. بدأت الأسئلة تتدفق، والحقائق تتوالى. وهنا بدأت “عذابات المعرفة”. اكتشفت أن الحياة ليست بالبساطة التي كنت أراها، وأن كل حقيقة جديدة تحمل بين جنباتها مسؤوليات وتحديات. أصبح لكل قرار تداعياته ومسؤولياته، ولكل خطوة ما يتبعها من تفاصيل. هذا النوع من الوعي العميق كان ثقيلاً في بعض الأحيان، ويتطلب مني التعامل مع تعقيدات لم أكن مستعدًا لها.
لكن هل يمكننا فعلاً العودة إلى ذلك النعيم البسيط؟
أحيانًا أفكر في أن الحياة كانت أسهل عندما كنت أجهل، لكن الحقيقة هي أنني لا أستطيع العيش بمعزل عن المعرفة التي اكتسبتها. الجهل قد يكون مريحًا، لكن المعرفة، رغم عذاباتها، تعطينا القوة للتغيير والفهم والتطور. هي التي تجعلنا ندرك العالم بحقيقته، حتى وإن كانت تلك الحقيقة قاسية.
بين نعيم الجهل وعذاب المعرفة،
أعيش مزيجًا منهما. أختار في أحيانٍ أن أغض الطرف عن بعض الحقائق لأحظى بلحظات من السلام، وفي أحيانٍ أخرى أغوص في عمق المعرفة، مستعدًا لتحمل نتائجها.