الأربعاء 16 أكتوبر 2024

الدكتور عبدالله العوضي يكتب: الإمارات ومصر.. في قارب واحد

باور بريس

مصر لم تكن يوما دولة عابرة؛ فجذورها غائرة في عمق التاريخ، فهي حضارة ممتدة لأكثر من خمسة آلاف عام صامدة بجذورها التي تروى بـ "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".

مصر الأمان والسلام في فطرتها منذ ثورة 1919، عصر النهضة واليقظة، كانت رأس مثلث الأمن القومي العربي . 

فهي مع سوريا والعراق كانوا أعمدة الأمن القومي العربي، لذا كان هدف رعاة ما يسمى بـ"الربيع العربي" هدم هذا المثلث أولا عبر نظرية "الفوضى الخلاقة" ومن ثم العبور من خلالها  إلى بقية الدول العربية وهذا أمر في غاية الخبث والخطورة التي تتعدى الخطوط الحمراء.

 

الإمارات و مصر .. منذ متى ؟

مصر الحديثة عمرها أكثر من قرن، وقد دخلت الإمارات إلى عمق هذا العمر منذ العام 1955، عندما كانت ضمن الإمارات المتصالحة، أو إمارات ساحل عمان؛ فالتأريخ الحقيقي لصلابة العلاقة تبدأ من هنا وليس في عام 1971 يوم اتحاد الإمارات، حتى نعطي للعلاقة حقها وللمسيرة قيمتها؛ فالإمارات وفق ذلك حازت قرابة ثلاثة أرباع عمر مصر العروبة.

مظاهر علاقة مصر بإمارات ساحل عمان خلال الفترة من 1955 إلى 1971، تمثلت في دور البعثات التعليمية المصرية في الارتقاء بالتعليم النظامي في الساحل منذ سنة 1955، أو عبر التحاق طلبة الإمارات للدراسة بالمعاهد والجامعات المصرية، فضلا عن الدور الذي لعبه الإعلام المصري في التوعية بقضايا الساحل من خلال إذاعة "صوت العرب"، إضافة إلى تبني النظام المصري بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر لقضايا الساحل عربيا و دوليا، إضافة إلى تفاعل إمارات ساحل عمان مع أبرز الأحداث التي مرت بها مصر. 

ربطت مشاعر القومية العربية بين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والشيخ زايد آل نهيان إذ أيَّد "ناصر" حلم "زايد" فى اتحاد السبع إمارات معًا لتصبح الإمارات العربية المتحدة، وقدَّم له بعثات من المدرسين والمهندسين والأطباء، وكان “عبدالرحمن حسنين مخلوف” هو الرجل الذى خطَّط البنية التحتية لإمارة أبوظبي.

 

رؤية زايد.. لمصر 

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله منحته مصر لقب "حكيم العرب"، لادراكها ببصيرته الثاقبة وعقله الواعي، ورؤية صائبة وقت اشتداد الأزمات.

لقد بادر “زايد” بمد يده البيضاء إلى مصر  وهو حاكما لإمارة أبوظبي، أي قبل أن يتم الإعلان عن دولة الإمارات بخمس سنوات، وخاصة عند العدوان الإسرائيلي على مصر في 1967. 

لقد قدم الشيخ زايد الدعم اللازم لمصر في ذلك الوقت العصيب لإعادة بناء القوات المسلحة المصرية للاستمرار في معركة التحرير.

ولم تكن مساهمة الشيخ زايد مقتصرة على القوات المسلحة، بل تواصل مع إعمار ما دمره العدوان في قناة السويس ومدنها السويس والإسماعيلية وبورسعيد. 

ولم يتوقف الشيخ الزايد عند هذا الحد، فقد انطلق بعد ذلك إلى تقديم دعم آخر لمصر في حرب أكتوبر 1973، التي اعتبرتها مراكز البحث الإسرائيلية نصرا مؤزرا لمصر، وقد دوت مقولة الشيخ زايد أرجاء  العالم العربي بل العالم أجمع  "النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي" بعد قطع النفط عن الدول التي شاركت في العدوان على مصر، وكان سلاحا سياسيا نافذا في مفعوله، إلى  جانب تبرعه بـ100 مليون جنيه استرليني لمساعدة مصر وسوريا في الحرب. 

لقد كانت اتفاقية "كامب ديفيد" ومعاهدة السلام "خطوة مرحلية حساسة في علاقة مصر بعالمها العربي وكانت المقاطعة حاضرة وبقوة في ذلك الظرف المفصلي.

وعقب عقد اتفاقية “كامب ديفيد” في سبتمبر 1978، كثرت ردود الفعل المعارضة لتلك الإتفاقية في معظم الدول العربية، لدرجة أن هُناك بعض الدول قاطعت مصر بعد قمة بغداد، ولكن موقف الشيخ زايد كان مختلفًا عن أغلب الدول العربية، حيثُ ظلّ على تواصل مع الرئيس السادات، وقال جملتهُ الشهيرة “لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود بدون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال أن تستغني عن الأمة العربية”.

كان الشيخ زايد شريكا استراتيجيا في إعمار مصر من بعد الحروب التي خاضتها من أجل التحرير، وكما قام بدعم مصر في حالة الحرب، ساهم في مرحلة التعمير، وقد توجت ذلك بمدينة الشيخ زايد 9500 فدان التي أهداها لمصر عام 1995، بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية الإسكان 150 ألف نسمة.

كما توجد مدينة جديدة في المنصورة تحمل اسم الشيخ زايد أيضاً، وفي 2010 تم الانتهاء من مشروع قناة الشيخ زايد، لنقل مياه النيل إلى الأراضي الصحراوية في منطقة توشكى بطول 50 كيلومتر لزراعة 450 ألف فدان، وقدمها رحمه الله هدية لمصر، وترعة الشيخ زايد في منطقة وادي النطرون، وترعة الشيخ زايد شرق قناة السويس في قلب سيناء، والتي تروي ٤٠ ألف فدان، وفي مستشفى الشيخ زايد يعالج المصريون، ويتعلم أبناؤهم في مدارس تحمل اسمه .

كل ذلك عن إيمان عميق منه بمصر ودورها الحيوي والتاريخي تجاه أمتها العربية.

والمغفور له الشيخ زايد هو صاحب المقولة الشهيرة “مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا مات القلب فلا حياة للعرب”.

ويسجل التاريخ للشيخ زايد أنه الرجل الذي غرس التوجه نحو مصر بكل الحب والتقدير وتعهد العلاقات الإماراتية- المصرية بالرعاية والعناية، ونسج علاقات بالغة التميز والخصوصية معها.

 

رؤية زايد الثاني.. لمصر الحاضر والمستقبل 

منذ “الربيع العربي” المصفر، يسعى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الوقوف بجانب مصر  ، سدا منيعا لمنع و قوع مصر في براثن “الربيع” المخادع . 

بو خالد حفظه الله كيف ينظر إلى مصر الأمة العربية وعمود خيمتها التي يراد لها أن تنكسر بسبب من دعاة يتربصون بالأمة على أبواب الفوضى باسم “الربيع” المخاتل وباستخدام شعارات براقة لتزييف الأفعال وتحطيم المكتسبات والتي على رأسها الأمن والاستقرار شرط لازم للتنمية المستدامة. 

الشيخ محمد بن زايد يرى بأنه لو بقي في خزائن دولة الإمارات درهما واحدا لكان مستحقه الأول مصر بلا أدنى تردد.

هذه القيمة المعنوية الرفيعة لمصر عند بوخالد تدل على أن المال بين يديه أرخص من التراب إذا ما احتاجت مصر إليه. 

 

 29 لقاء .. محمد بن زايد والسيسي 

الرقم في حد ذاته ذو دلالة خاصة، يقول المثل الأميركي “الأرقام لا بد أن تترك لك علامة على الباب”.. منذ العام 2014 إلى العام 2022 التقى قيادة البلدين 29 مرة سواء كان اللقاء في الإمارات أو مصر، ففي البلدين وحدة شعور قبل وحدة  في الهدف.

كنت في لقاء على الهواء في إحدى القنوات المصرية للتعليق على إحدى زيارات السيسي إلى الإمارات، سألني المذيع ما رأيكم في زيارة الرئيس السيسي إلى بلده الثاني الإمارات؟ فقلت له: السيسي أصلا لم يغادر بلده في الإمارات. 

لهذه اللقاءات المكثفة دلالة عميقة على موقع مصر على خارطة العالم العربي، وضرورة بذل كل الوسع للحفاظ على هذه المكانة الجيوسياسية، لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي في منطقة تتنافس فيها دول من خارج الإقليم لتقاسم النفوذ والتدخل في الشؤون الخاصة مما يخترق خطوط السيادة الحمراء.

وكان آخر لقاء في عزاء الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله وبالقطع لن يكون الأخير، ولقاء القائدين في قاعدة 3 يوليو، وفي آخر 6 أشهر فقط التقى الزعيمان 3 مرات، حيث سبق هذا اللقاء، لقاء في 16 ديسمبر 2020، وكذلك في 24 أبريل  2021.

ويعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، القائد العربي الوحيد الذي حضر افتتاح وتدشين كل القواعد العسكرية المصرية الجديدة، بداية من مشاركته في افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية في يوليو 2017، مروراً بمشاركته في افتتاح قاعدة “برنيس” على البحر الأحمر في يناير 2020، وحتى حضوره افتتاح قاعدة 3 يوليو العملاقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يؤكد ويعكس قوة وخصوصية العلاقات المصرية الإماراتية على جميع المسارات.

 

الإمارات و مصر .. رؤية مشتركة

لا شك أن اللقاءات التي تجمع بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأخيه فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعبر عن إدراك قيادتي الدولتين لأهمية التنسيق المشترك، من أجل بناء مواقف موحدة للتصدي لمختلف التحديات والمخاطر التي تواجه الدولتين والعربية بوجه عام. لقد أثبتت الإمارات ومصر خلال السنوات الماضية أن جهودهما ومواقفهما المشتركة تجاه مختلف القضايا تعزز أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة بالنظر للاعتبارات التالية:

1- تبني الدولتين لرؤية موحدة تجاه الأزمات التي تشهدها

العديد من الدول العربية، تنطلق من أهمية  التسوية السياسية لتلك الأزمات؛ حقنا لدماء المواطنين الأبرياء وحفاظًا على مقدرات الشعوب العربية وصونًا للسلامة الإقليمية للدول العربية والحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

2- تقود الدولتان الجهود الرامية إلى التصدي بقوة وحزم لظاهرة التطرف والارهاب وتعزيز العمل العربي والدولي المشترك لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي كما تعملان على تحفيز وتنسيق جهود المجتمع الدولي لمواصلة التصدي للتنظيمات الارهابية الاجرامية التي تسببت في تفشي الفوضى والاضطرابات بدول عربية عدة، والتصدي كذلك للدول والأطراف الداعمة لهذه التنظيمات.

3- ترفض الدولتان بشكل قاطع التدخلات الخارجية في شئون الدول العربية، وتؤكدان دوماً على ضرورة التصدي الحاسم لها، باعتبارها المسئولة عن انهيار الأوضاع الأمنية والاقتصادية في العديد من دول المنطقة، وقد عبر عن ذلك بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال زيارته الأخيرة لمصر، حينما حذر من أن التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة هي التي تسبب التوترات وتستنزف الجهود والمقدرات، داعياً المجتمع الدولي إلى الإسهام بفاعلية في إرساء السلام في المنطقة بما يحقق طموحات شعوبها في التطور والبناء.

4- تتبنى الدولتان رؤية موحدة فيما يتعلق بضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية في عالمنا العربي، والتصدي لأي تهديدات من شأنها النيل من المصالح العربية حيث تدركان أن الحفاظ على سيادة الدول العربية وسلامة مؤسساتها وتحقيق التطلعات المشروعة لمواطنيها يمثل الركيزة الرئيسية للخروج من دوامة الأزمات التي تشهدها العديد من دول المنطقة، ولهذا يعملان على تعزيز التشاور المستمر والعمل على دعم أركان العمل العربي المشترك، بما يحفظ المصالح العربية العليا في مرحلة مفصلية في تاريخ المنطقة. 

 

الأرقام تلجم الأوهام ؟!

ما أكثر المتربصين بالعلاقة المميزة بين الإمارات ومصر، ممن لا ينتمون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وهم يصنفون في خانة “اللامنتمي” و “أفئدتهم هواء” وأفعالهم خواء وأصواتهم عواء خاصة من بعض الذين يعتلون منصات التواصل الاجتماعي لممارسة فعل الزور والبهتان. 

في الوقت الذي كانت الإمارات تطرح نفسها كوسيط لحل الخلاف الذي حدث بين مصر وأثيوبيا بسبب من سد النهضة، كانت الآلة الإعلامية المغرضة تركز على حجم استثمارات الإمارات في أثيوبيا لزرع إسفين الخلاف بين الإمارات ومصر وهي في أوج قوتها، علما بأن حجم هذه الاستثمارات لا تتجاوز ملياري دولار، ولا علاقة لها بسد النهضة.

ونرد على ذلك الوهم المزعوم، كذلك بالأرقام التي موقفها الحياد وليس الاتهام بالزيف. 

 

زايد و مبارك 

كان الرئيس حسني مبارك آخر رؤساء مصر ممن عاصروا الشيخ زايد، وكانت الإمارات وقتها المستثمر الأول في مصر، حيث بلغت حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر 10 مليارات دولار عام 2010 في قطاعات الزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والعقارات والخدمات المصرفية. 

ارتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية متبادلة‏ من خلال 18 اتفاقية نظمت العلاقات الاقتصادية والتجارية، كما بلغ حجم التبادل التجاري بينهما ‏1.4 مليار دولار.

ويعد السوق الإماراتى الوجهة الأولى للصادرات المصرية، ويستقبل سنوياً نحو 11% من إجمالي صادرات مصر للعالم، كما تساهم الإمارات في السوق المصري بمشروعات تزيد استثماراتها عن 7 مليار دولار وأكثر من 7 مليار دولار استثمارات إضافية من خلال مذكرات التفاهم الموقعة بين الجانبين لتعميق التعاون المشترك لتحتل الإمارات بذلك المرتبة الأولى عالمياً في قائمة الدول المستثمرة في السوق المصري .

 

محمد بن زايد..  وثورة 30 يونيو 2013

لقد شهدت هذه المرحلة المفصلية لخروج مصر من هدة “الربيع الأصفر”، وبناء مرحلة وطنية جديدة، بعيدة عن كل التيارات التي تتبنى أيديولوجيات مفخخة بالتطرف والإرهاب والعنف.

فقد شهدت العلاقات تقاربًا وتعاونًا ودعمًا واستثمارًا بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013، فالإمارات كانت على رأس الدول العربية التي أيدت الثورة المصرية، وبادرت بدعم مصر في إطار حزمة مساعدات منها إبرام العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تعزز التعاون بين الدولتين في مختلف المجالات حيث وقعت الدولتان خلال السنوات القليلة الماضية العديد من الاتفاقيات التي تؤطر هذه العلاقات وتنظمها، لعل أبرزها الاتفاقيات التي تم توقيعها في أكتوبر 2013 وتشمل مشروعات تنموية بمبلغ 4.9 مليار دولار، ومن هذه المشروعات بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب بسعة 60 ألف طن للصومعة الواحدة، حيث يسهم هذا المشروع في حماية المحاصيل، والحد من إمكانية تعرضها للتلف، بما يعزز الأمن الغذائي.

كما تشمل المشاريع بناء 79 وحدة للرعاية الصحية الأساسية (طب الأسرة) في مناطق لا تتوافر فيها حالياً هذه الخدمات، وذلك لتوسيع نطاق تقديم الخدمات الصحية للشعب المصري، إضافة إلى إنشاء خطين لإنتاج أمصال اللقاحات، بما يرفع الاكتفاء الذاتي ضمن هذا المجال الحيوي إلى نسبة 80%. 

كذل إنشاء 50 ألف وحدة سكنية مع البنية التحتية والخدمات التابعة، وذلك على مراحل بدأت بالفعل من خلال إطلاق العمل لتنفيذ 13 ألف وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر، وسيتم أيضاً توفير خدمات الكهرباء من خلال مشاريع الطاقة المتجددة إلى مجموعة من القرى والمناطق والتجمعات السكنية غير المرتبطة بالشبكة الكهربائية للمساهمة في إنعاش الريف وتوفير الخدمات الأساسية للمناطق النائية، إضافة إلى استكمال شبكات الصرف الصحي في مجموعة من القرى بما يسهم في الحد من انتشار الأمراض وتأمين بيئة صحية للعيش.

ويحتل قطاع التعليم جانباً منها، حيث سيتم بناء 100 مدرسة موزعة على مختلف مناطق جمهورية مصر العربية وتشمل التعليم العام والمهني، بما يسهم في خفض مستوى الأمية وتخفيف الضغط عن المدارس الحالية وإعداد أجيال متمكنة وقادرة على شغل مهن مستقبلية واعدة.

في 21 أبريل 2016 أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتقديم مبلغ 4 مليارات دولار دعماً لمصر، ملياران منها توجه للاستثمار في عدد من المجالات التنموية في مصر، وملياران وديعة في البنك المركزي المصري لدعم الاحتياطي النقدي المصرى .

واحتلت الإمارات المركز الأول دولياً وعربياً من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، والتي وصلت إلى نحو 6.663 مليارات دولار في عام 2018 مقارنة بنحو 6.513 مليارات دولار عام 2017.

ويعتبر صندوق أبوظبى للتنمية من أهم شركاء التنمية فى مصر فضلًا عن تأسيس منصة استثمارية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار عبر شركة أبوظبى التنموية القابضة وصندوق مصر السيادى.

و كذلك تحتل الإمارات المرتبة الأولى من بين دول العالم المستثمرة في مصر بإجمالي رصيد استثمار تراكمي يصل إلى 55.2 مليار درهم (15 مليار دولار)، حيث نمت الاستثمارات الإماراتية فى مصر مؤخرًا بنحو 300% ، هذا و يزيد عدد الشركات الإماراتية فى مصر حاليًا على 1165 شركة فى مجالات مختلفة منها العقارات، والسياحة، والترفيه، والبترول، والطاقة، والأغذية، والزراعة وتكنولوجيا المعلومات. 

وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في النصف الأول من 2020، والذي بلغ نحو 3.4 مليار دولار بنمو 20% مقارنة بالفترة ذاتها من 2019، على الرغم من تأثير جائحة كورونا الكبير على حجم التجارة في العالم أجمع.

 

مصر الأزهر.. قلعة الاعتدال 

نستطيع أن نقول نحن في الإمارات من جيل الأزهر، لقد تلقينا تعليمنا الديني منذ المرحلة الابتدائية وإلى هذه الساعة نستقي من ينابيع فقه الاعتدال والتوسط والتسامح والانفتاح على جميع الأفكار والمذاهب الفقهية وحتى الاثنا عشرية قد اعترف الأزهر به واعتمده كمذهب خامس يدين به إخواننا الشيعة.

ونذكر كيف أن الشيخ خريج الأزهر كان يشرح لنا الفقه بنفسية ظريفة بعيدة عن جلافة وغلظة الآخرين في التشدد والتنطع والتجهم.

وقد شرح أحد المشايخ حديث الرسول “المؤمن كيِّس فطِن..”، ككيس قطن مصري طويل التيلة ومش كأي قطن آخر، وذلك من باب الفكاهة، ومن ثم ينطلق إلى الشرح المفصل.

اليوم العالم العربي والإسلامي بحاجة إلى الأزهر أكثر من الأزمنة السالفة، نظرا لانتشار فكر التطرف والإرهاب لتشويه صورة الإسلام السمح الذي لديه القدرة على التعايش مع جميع الأديان والأجناس.

الأزهر أقدر على الوقوف ضد هذا الفكر الشاذ في طروحاته، لأن الفكر الذي يمتلكه منذ أكثر من ألف عام دليل على قوته وأصالته. 

ويحظى الأزهر الشريف بتقدير إماراتي رسمي وشعبي، كمرجع ديني معتدل، وفي هذا الإطار جاء إعلان مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبريل 2013 عن مبادرة لتمويل مشروعات عدة للأزهر الشريف تبلغ تكلفة إنشائها نحو 250 مليون درهم.

وتعزيزًا للعلاقة الأخوية المميزة بين القيادتين الرشيدتين والشعبين الشقيقين في كل من مصر ودولة الإمارات، قام الأزهر الشريف بافتتاح فرع جامعة الأزهر في الإمارات، الذي يعدّ أول فرع للجامعة في العالم خارج مصر، بدأت الجامعة عملها في مدينة العين العام الدراسي 2016 بثلاثة تخصصات هي: الدعوة والإعلام، والتربية الإسلامية، والدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية، على أن تشهد توسعاً مستقبلياً حسب احتياجات مجتمع الإمارات  وسوق العمل.

كما قامت مؤسسة زايد للأعمال الخيرية بإقامة مركز ثقافي إسلامي في مصر تحت مسمى “مركـز زايد للثقافـة والتكنولوجيـا” تابـع لجامعة الأزهر الشريف، بخلاف موافقة المؤسسة أيضًا على ترميم عددًا من المعاهد الأزهرية، إضافة إلى قيام صاحب  السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي بتمويل مشروع إنشاء مكتبة للأزهر الشريف يتم بثها عبر الإنترنت، وترميم وحفظ المخطوطات الإسلامية القديمة الموجودة بجامعة الأزهر . 

 

معا نصنع الأمل ونستشرف المستقبل 

فى 20/2/2020  تشرفت بحضور الحفل الختامي لمبادرة “صناع الأمل” وتكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي رعاه الله للبروفيسور مجدى يعقوب ومنحه لقب “صانع الأمل” بعد سنوات عمله المضنية والتى أفنى فيها عمره لإنقاذ قلوب الملايين.

وقد تم فتح باب التبرع لإنشاء مستشفى خاص بهذا الغرض الإنساني السامي لعلاج المرضى مجانا، ولم تمض دقائق معدودة على فتح باب هذا الخير، حتى بلغ قيمة التبرعات بشكل فوري قرابة خمسين مليون درهم. 

وفي مجال استشراف المستقبل، نظمت حكومتي الإمارات ومصر في شهر ديسمبر 2019 برنامجاً لبناء القدرات في مجالات التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل، بمشاركة 500 من موظفي الجهات الحكومية المصرية، يهدف إلى تعزيز مهارات الموظفين في عمليات استشراف المستقبل، وتحليل التوجهات المستقبلية، لوضع التصورات والخطط الاستراتيجية التي تسهم في تحسين مستوى الأداء.كما جرى تبادل الخبرات والتعرف على أفضل ممارسات العمل الحكومي ما بين الجانبين، وذلك بهدف إحداث نقلة نوعية في الخدمات الحكومية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتنمية المستدامة في إطار عمل شامل لنقل تجربة الإمارات الناجحة لمصر.

التعاون في مجال التحديث الحكومي للمستقبل نظمت حكومة الإمارات، ممثلة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وجمهورية مصر العربية في شهر يناير 2020 برنامجاً مشتركاً لتدريب الموظفين والمدربين الحكوميين من مصر في مجال الاتصال الحكومي، واستمر البرنامج الذي استضافته دولة الإمارات لمدة ثلاثة أيام، وجاء تنظيم هذا البرنامج ضمن الخطط التنفيذية للشراكة الاستراتيجية في التحديث الحكومي بين البلدين الشقيقين والهادفة إلى تبادل الخبرات والمعارف وقصص النجاح في مختلف مجالات العمل الحكومي.

وكذلك في  إبريل 2014 وقعت مصر والإمارات أيضا اتفاقاً للبدء في مشروع للتدريب من أجل التشغيل لتدريب أكثر من مئة ألف شاب وفتاة لتأهيلهم وتدريبهم على أحدث البرامج الفنية والتقنية وفقاً لاحتياجات مختلف القطاعات الصناعية ومتطلباتها بتمويل من الجانب الإماراتي بقيمة تصل إلى 250 مليون جنيه، ويتيح ذلك تيسير وتسهيل التحاق هؤلاء الشباب بسوق العمل وتوفير فرص عمل مناسبة لهم.     

كما تم توقيع اتفاقية تعاون رباعية بين وزارة التربية والتعليم وبرنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي وشبكة الإمارات المتقدمة للبحوث والتعليم (عنكبوت) ومنظومة جاما التعليمية في شهر مارس 2014 لتوفير خدمات تعليمية وتدريبية للمؤسسات التعليمية في مصر، فضلاً عن موافقة الإمارات على بناء 800 مدرسة مصرية على نفقة حكومة الإمارات. 

 

خاتمة في همسة 

ما نراه اليوم من قوة وتلاحم بين مصر والإمارات يكشف أن الأبناء دائماً على درب الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي ظل عاشقاً ومحباً لمصر وشعبها.

و كأن الله جعل هذا المستقبل بين عيني زايد رحمه الله والقيادة الرشيدة من بعده على كافة الأصعدة والمستويات.