هل فشلت روسيا في اختبار الغاز المسال تحت العقوبات الأمريكية؟..خبير اوابك يجيب
علق المهندس وائل عبد المعطي خبير أسواق الغاز الطبيعي والهيدروجين في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول اوابك علي تصدير روسيا للغاز الطبيعي المسال تحت وطأة العقوبات الأمريكية
قائلا مع انطلاق الأزمة الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، بدى واضحاً أن “الغاز الطبيعي” كان محوراً رئيسياً في الصراع بين روسيا من جانب وأوروبا من جانب آخر.
فروسيا تاريخيا كانت المصدر الأكبر لدول الاتحاد عبر خطوط الأنابيب وكذلك الغاز الطبيعي المسال، ووصل اعتماد سوق الاتحاد الأوروبي (قبل الأزمة) إلى قرابة 50%.
واضاف عبد المعطي علي صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أنه مع احتدام الأزمة، بدأ الجانب الروسي والأوروبي في اتخاذ خطوات أدت بالنهاية إلى فقدان روسيا لمكانتها التاريخية كأكبر مزود لدول الاتحاد (تاريخيا عبر استخدام شبكة من خطوط الأنابيب منها ما يمر عبر أوكرانيا وتركيل وروسيا البيضاء، ومنها مباشرة إلى ألمانيا). فروسيا في عام 2023 بلغ إجمالي صادراتها عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا نحو 28 مليار متر مكعب، بتراجع فاق الـ 50% عن معدلات عام 2022 التي سجلت 62 مليار متر مكعب، وبتراجع نحو 80% عن معدلات ما قبل الحرب مع أوكرانيا (بلغت 140 مليار متر مكعب).
مشيرا إلي أنه في غضون ذلك برز خيار الغاز الطبيعي المسال الروسي (وهو الغاز الذي يمكن إسالته ونقله بالناقلات) كطوق نجاة لتقليل خسائر روسيا من فقد مبيعات الغاز، خاصة أن العقوبات الغربية لم تستهدف محطات الغاز الطبيعي المسال الروسية العاملة وعددها ثلاث محطات بطاقة تصديرية تفوق الـ 30 مليون طن سنويا، بل زاد اعتماد أوروبا على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، بنسبة نمو غير مسبوقة، جعلت من روسيا ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال بعد الولايات المتحدة إلى سوق الاتحاد الأوروبي بحصة 18-20%.
وعلى هذا الأساس، بدأ الجانب الروسي العمل على استكمال مشاريع الغاز الطبيعي المسال التي كانت قيد الإنشاء من قبل الأزمة مع أوكرانيا، لزيادة معدلات الإنتاج والتصدير مستغلة حاجة السوق الأوروبي وعدم استهداف الغاز المسال من القرارات الأوروبية. وقد كان مشروع أركتيك Arctic 2 ضمن حزمة المشاريع الجديدة التي كانت مخططة للدخول، وهو مشروع عملاق يضم ثلاث وحدات لإسالة الغاز طاقة الواحدة منها 6.6 مليون طن سنويا بإجمالي 19.2 مليون طن سنويا عند اكتمال المشروع. ويحتاج إلى ناقلات من مواصفات خاصة كاسحة للجليد للعمل في تلك المنطقة القطبية المتجمدة.
وبالفعل بدأت روسيا تشغيل وحدة الإسالة الأولى في المشروع أواخر 2023 وبدأ تسييل أول قطرة من الغاز الطبيعي المسال. لكن وبخطوات استباقية ومتتابعة، قامت الإدارة الأمريكية باستهداف المشروع العملاق، بدأت بمعاقبة الشركاء المساهمين في المشروع من التعاون مع Novatek وهي الشركة الروسية المشغلة للمشروع وبحصة 60%.
ثم اتخذت العديد من الخطوات الإضافية "لقتل" المشروع حرفيا، وذلك بمعاقبة أي شركة تتعاون في إنشاء وحدات الإسالة أو تقديم التكنولوجيا، أو نقل المعدات إلى موقع المشروع، ومنع حتى أحواض بناء السفن من تسليم السفن المخصصة للمشروع (السفن الكاسحة للجليد)، وكذلك استهداف نشاط نقل الغاز المسال من المشروع.
تلك الخطوات المتزايدة ستتسبب في إفشال المشروع عبر معاقبة كل الأطراف والمقاولين المباشرين وغير المباشرين، ومن غير الواضح كيف ستتمكن روسيا من التغلب على تلك المعوقات.
لقد كان وما زال ومشروع arctic 2 بمثابة الانطلاقة الجديدة لروسيا في استراتيجياتها الجديدة للدخول بقوة في الغاز المسال وتعزيز حصتها السوقية فلغاز المسال صار "الرئة" التي يمكن لروسيا من خلالها تعويض خسائرها من فقد حصتها السوقية في السوق الأوروبية عبر خطوط الأنابيب، ويتضح أن الولايات المتحدة استهدفت الغاز المسال الروسي "خصوصاً" للدفاع عن حصتها هي في السوق الأوروبية فهي الان أكبر مصدر للغاز المسال لأوروبا بحصة 50%.
لكن في سياق آخر، فلا تزال روسيا تنتتج وتصدر الغاز من المحطات الثلاث العاملة، ولم -إلي الآن- يتم استهدافها ربما بسبب تفاهمات بين الأطراف الدولية حيث يساهم فيها شركات فرنسية وصينية ويابانية، وهو بحاجة إلى الغاز المسال الروسي على الأقل في الوقت الراهن