الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
أحمد ابو القاسم

دكتور عبد الله العوضي يكتب:غزة : إيران على خط النيران ؟!

باور بريس

 

تشابكت خطوط " غزة " بين إيران و إسرائيل و أميركا في حادثة قصف القنصلية الإيرانية بدمشق ، البوابة الخلفية لمجريات الصراع الإيرني - الأميركي ، و لم تقم إيران بأي خطوة مماثلة للرد على الفور غير صدى الصوت و حسب  .
و جاءنا رد الصدى في  " غزة " الشماعة التي تحرك مصالح بعض الدول و لو على حساب الأشلاء و دموع الثكالى و دماء الأبرياء .
مصدر دبلوماسي عربي صرح بأن :  إيران طرحت في رسالتها لأميركا بعد قصف القنصلية أنه يشترط وقف النار في غزة كـ"ثمن" و إذا نجحت أميركا في احتواء الموقف سيكون بمثابة نجاح كبير لـ"إدارة بايدن" ويمكن البناء على ذلك ( جاده إيران - 8/4/2024 )  لم حشرت  " غزة " في قصف القنصلية الإيرانية ؟!

إيران و  " الطوفان "

اللغط الذي يتم تداوله أثناء الحديث عن الدور الإيراني في استخدام القضية الفلسطينة كشعار لدغدغة العواطف و كسب المواقف السياسية ، لا بد من الوقوف أمامه بدقة ، حتى لا تُخَوَّن المقاومة بمجرد التعامل مع إيران الذي يتحسس البعض  الذي يتجاهل تعامله الأساسي مع المحتل الذي لم يوقف اعتداءاته على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود !
العقلاء و المنصفين من المحللين يذكرون بأن علاقة المقاومة الفلسطينية  بإيران و " حزب الله " في لبنان ، مصلحة سياسية وليست مذهبية أو دينية و لا حتى طائفية ، فهي مثلها مثل بقية الدول التي تجعل " المصلحة " الخالصة هي ميزان العلاقة البينية ، و لا حرج و لا ملامة في ذلك .
و لم تنكر فصائل  المقاومة يوما مساعدة قطر من دون الدول العربية الأخرى التي ألغت استخدام القوة من قاموسها السياسي ، و استبدلتها بالقوة الناعمة الأخرى لقضاء مصالحها السياسة و الاقتصادية و غيرها من المجالات و هو قرار سيادي لكل دولة على حدة و شأن مختلف فهي وحدها تتحمل فاتورة استحقاقاته .
و كانت إيران من أوائل الدول التي قدمت ما تستطيع للمقاومة ، لأنها لا زالت تعتبر نفسها دولة ثورة و مقاومة و لا تعتذر أو تنكر ذلك حتى بعد مرور أكثر من أربعة عقود على غليان قدر الثوران  ، بعد أن بح صوت المقاومة في طلب العون من بعض  الدول العربية ، و هي التي تستنكر لجوؤها لإيران بعد أن ضيقت عليها مصادر التمويل تحت مبرر " الإرهاب و التطرف " ، و كذلك السلطة الفلسطينية بعد الاشتباكات التي و قعت بين غزة و الضفة ، فتعاملت السلطة مع المقاومة و معها قرابة ثلاثة ملايين فلسطيني كأنهم لا علاقة لهم بجذر الصراع مع المحتل الإسرائيلي . 
أما عن نفوذ إيران في الدول الأربع ( لبنان ، سوريا ، العراق ، اليمن ) ، فهي المناطق التي عاشت فراغا مزمنا ، فجاءت إيران لملئها بعد أن كانت لمصر في السابق كلمة حانية عليها و حضنا دافئا ، كلما وقعت إحداها في أزمة طارئة و فلسطين لم تكن يوما استثناءً من هذه القاعدة الأساسية .
إيران الثورة ليست الدولة  الاعتبارية ، فهي منذ قيام الثورة الخمينية في 1979 ، و حتى هذه اللحظة المفصلية من التاريخ المعاصر ، أصبحت دولة صاحبة مشروع " تصدير للثورة " أكثر من تصدير السلع ، فهي تمارس في دول نفوذها سياسة بناء " بيوت 
النمل " حتى لا يشعر أحد بها إلا بعد اكتمالها و صدمة الدول بتواجدها في عمق مجتمعاتها .
في هذه النقطة ، إيران تلتقي مع إسرائيل في مشروعهما التوسعي كل حسب سياسته الخاصة ، من هنا أصبحت الدول العربية هي الوحيدة التي تمضي خاوية الوفاض من أي نفوذ إلا في اتباع الغرب و المضي معه و لو على حساب مصالحها الذاتية و الذهاب بعيدا و التماهي أحيانا في الإضرار ببعضها البعض  ، فلسطين غزة و الضفة واقعة تحت هذا الضغط من الأشقاء قبل الخصوم التاريخيين ، فهي بين كماشتين لا مفر من التقرب ممن يلبي مصالحها السياسية سواء مع إيران ، أو حتى " الشيطان " .

لا تفعلوا .. لكنها فعلت ؟!

ضربت و هوجمت القنصلية الإيرانية في دمشق من قبل إسرائيل ، فخرج " بايدن برسالة مفادها : رسالتي إلى الإيرانيين هي "لا تفعلوا ذلك"
لأننا  ملتزمون بالدفاع عن إسرائيل وإيران لن تنجح في تهديد أمنها ، و 
نتوقع الهجوم الإيراني على إسرائيل "عاجلًا وليس آجلًا" ( 12/4/2024  ) 
لم تصغ إيران لبايدن، يا ليتها استمعت و لم تذهب بطاقاتها هدرا   .
نصغي لهذا الجدال العقيم ، من 
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح .
أما المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: الهجوم الإيراني "فشل"
و مسؤول إسرائيلي: إيران أطلقت 170 مسيّرة لم تخترق واحدة منها حدود إسرائيل . 
أما الناصح الأمين رئيس الموساد السابق فقد أدلى دلوه فقال : لا أنصح بالرد على الهجوم الإيراني 
و مسؤول إسرائيلي آخر : إمكانية الرد على إيران تقلصت في ضوء نتيجة الهجوم والموقف الأميركي . 
إيران في رسالة إلى مجلس الأمن: إذا قامت إسرائيل بأيّ عمل عسكري سيكون رد إيران أشد قوة وأكثر حسمًا ( 14/4/2024 )

" التوبيخ " .. الهدف ؟!

إيران التي أرعدت و أزبدت بعد الضربة ، قامت بالرد " توبيخا " و ليس انتقاما لقتلاها و لا دفاعا عن " عزتها و لا " غزة " و لا هم يحزنون .
بل قدمت " رفح " على المذبح ، هذا ما أكد لنا " جيروزاليم بوست  " : بأن الولايات المتحدة توافق على عملية " رفح " ، مقابل عدم شن إسرائيل ضربات على إيران . ( إيران بالعربية- 19/4/2024 )
بل أكثر من ذلك ، أن  البنتاغون كان على علم بموعد الهجوم الإيراني ومواقع الإطلاق  و كذلك دول في المنطقة نصحت واشنطن بإقناع إسرائيل بعدم الرد على الهجوم الإيراني ، و قامت  واشنطن بواجبها على أكمل وجه ، فأبلغت ما لديها من معلومات لإسرائيل وعدد من الدول الصديقة (  سكاي نيوز عربية - 14/4/2024 ) 
و أقر  وزير الخارجية الإيران قوله : أبلغنا واشنطن أن الهجوم على إسرائيل سيكون محدودًا وللدفاع عن النفس ، و هدفنا فقط كان " توبيخ " إسرائيل ولم نحاول استهداف القواعد الأميركية في المنطقة ، و أيضا لم نقم بضرب أهداف سكنية في إسرائيل وأعلمنا دول الجوار والمنطقة قبل 72 ساعة ( 14/4/2024 )

المسرحية.. الإيرانية ؟!

ايران أبلغت إسرائيل أنها ستطلق مسيرات وأنها ستصل بعد 9 ساعات وانه لا يوجد بها اي صواريخ او قوة تفجيرية! 
و تم أيضاً اخطار الملاحة الجوية و إخلاء المجال الجوي بعدة ساعات ..!
‏كيف يتم قصف عدو دون عنصر المفاجأة والمباغتة بل العكس  يتم إبلاغه بوصف وحجم وطول وقوة المقذوف وايضا موعده مع تطمينه وفوق كل ذلك تم اغلاق ملف القضية والمقذوف ما زال يطير و يسرح في الجو؟ 
‏سقطت اغلب بقايا هذه المسيرات  أو " الألعاب النارية "  على اربيل ودمشق وعمّان ، وقبل ان تصل هذه المسيرات وهي في الجو ابلغت البعثة الدائمة الايراني في الامم المتحدة ان ايران تعاملت مع الهجوم على قنصليتها في دمشق وان الملف اغلق ( انتهت المعركة الوهمية والمسيرات في الجو) 
مالفائدة من عرض هذه المسرحية الهزلية ؟!
‏طبعا ، فوائد جما منها ، أن ايران ارسلت رسالة لشعبها بانها انتقمت من مقتل جنرالاتها في القنصلية في دمشق.
و اختفاء مؤيدي وذيول ايران عن الساحة بسبب هذه المهزلة ، و قد شهد العالم على أكبر عملية إذلال لايران بل تكاد تكون  أشد من قصف القنصلية الايرانية في دمشق .
و قد تأكد لبعض المخدوعين ان ايران تنسق مع  أميركا واسرائيل ، و تبيّن بهذا السناريو والخضوع الايراني ان حزب الله  وهو ذيل ايران بانه يحمي الحدود الاسرائيلية.

استعراض.. القوة !

داخل إيران ليس هناك قول يعلو   فوق قول المرشد ، في كل شؤون الدولة، و لا حتى الرئيس، تأكيدا لما ذكرناه عن المسرحية السياسية التي لم تنته فصولها بعد و لن تنتهي بالطبع .
فكل ما جرى بين إيران و إسرائيل حتى الساعة و نتمنى أن لا يستمر إلى قيام الساعة، من ردود الأفعال عبارة عن " استعراض للقوة " لا غير ، و هذا الذي صرح به المرشد الإيراني في قوله : الأساس في عملية قواتنا المسلحة كان استعراض قدراتها وإرادة شعبنا على الساحة الدولية ، أما مسألة عدد الصواريخ التي أطلقت والصواريخ التي أصابت الأهداف لا تعد أساسية في هذه العملية .
يكفي بأن قواتنا المسلحة نفذت هذه العملية بأقل تكلفة وحققت إنجازات كبيرة وهذا تم بحكمة عالية ، و على القوات المسلحة ألا تتوقف وأن تواصل عملها لابتكار أسلحة وأساليب حديثة في مواجهة العدو ( 21/4/2024 ) 
و قد سارع نتنياهو إلى القول بأننا :
تقدمنا بشكوى للأمم المتحدة بإيران لأنهم سهرونا على الفاضي .
 المتحدث باسم الخارجية الايرانية يرش بهارات باردة على الإخفاق الذريع و يقول بأن : أي عمل عدواني ضد إيران من أي مصدر كان سيواجه ردًا أكثر حزمًا وقوة . 
و كأن المعركة حسمت لصالح إيران بلا أي جدال .
و يضيف بأن إيران أثبتت أن الكيان الذي يرتكب العدوان يجب أن يعاقب في إطار الآليات الدولية .
و متى كانت إسرائيل تأبه للآليات الدولية المعروفة سلفا ، فلم القيام بإخراج هذه المسرحية إذا كانت إيران تدرك جدوى تلك الآليات ، ما الداعي لإرسال مئات الطائرات المسيرة في عرض جوي هوائي لم يسبق له مثيل ؟!
و لم يقف المتحدث عند هذا الحد ، بل أضاف  أيضا، بأن العمليات انتهت وإيران تسعى إلى الاستقرار في المنطقة ، و كذلك العمل الشرير الذي نفذ في أصفهان لا قيمة له ؟!( 22/4/2024  )
ترى ماذا جنت إسرائيل من كل هذا الصخب ؟! الجواب لدى مصادر اميركية : إسرائيل تريد تجديد مخزوناتها من الذخائر مع تزايد التوترات مع إيران (   بلومبيرج - 21/4/2024 )