دكتور عبد الله العوضي يكتب:رأس الحكمة " .. الإمارات و مصر
الإمارات و مصر لقرابة قرن توأم الاقتصاد و امتداد العلاقات البينية و البيّنة معالمها الواضحة في أهدافها التنموية المشتركة على مدار التاريخ .
أسسها المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من الجذور ، و عمق أعمدتها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان .
أثناء وجودي في " القمة العالمية للحكومات " 2023 ، و أثناء الجلسة الرئيسة التي تحدث فيها السيسي و حضور رئيس الدولة ، و جه الرئيس المصري كلمته للشيخ محمد قائلا : نحن أكثر من أشقاء يا سيادة الرئيس ، بحكم القرآن الكريم الذي قال فيه المولى " إنما المؤمنون إخوة " و لم يقل أشقاء لأننا في علاقاتنا أرقى .
ثم تابع قوله : قبل هذه الزيارة ، عندما وصلت إلى أرض مطار القاهرة ، وجدت مساعداتكم سبقتني إلى مصر من دون طلب ، هكذا وزن مصر في ميزانكم السبق .
و قد توجت هذه العلاقة الفريدة بمشروع " رأس الحكمة " الأخير في محافظة ، و قد سبقتها مشاريع جمّة من قبل .
و قد صرح بذلك مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، خلال توقيع مصر والإمارات عقد تطوير وتنمية مدينة "رأس الحكمة" بالساحل الشمالي لمصر قوله: صفقة تنمية "رأس الحكمة" هي الأضخم في تاريخ مصر ، حيث سيتم تطوير وإنشاء مطار دولي جنوب مدينة "رأس الحكمة" الجديدة.
و سوف تقام مدينة "رأس الحكمة" على مساحة 170.8 مليون متر مربع ، تبلغ قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر من المشروع يصل إلى 35 مليار دولار .
و الإمارات وحدها ستستثمر ما لا يقل عن 150 مليار دولار طيلة مدة تنفيذ المشروع ، حيث من المتوقع أن يبدأ العمل في مشروع "رأس الحكمة" في أوائل عام 2025 .
المشروع السياحي
من المزمع أن يتم إقامة مشروع سياحي ضخم على قرية رأس الحكم، وقد صدر قرار جمهوري عام 1975 بإخلاء القرية من سكانها، والتي تبلغ مساحتها 55 ألف فدان و لم يتم تنفيذ القرار حتى عاد المشروع من جديد للظهوراليوم وفق تلك الاتفاقية بين الامارات و مصر .
تقع أراضي " رأس الحكمة " تحت ولاية هيئة التنمية السياحية بوزارة السياحة المصرية. وحسب محافظ مطروح، فإنه سوف يتم تعويض الأهالي ببناء مدينة سكنية متكاملة، ويمنح كل متضرر منزلاً بديلاً، أو تعويضه بمبلغ مالي مناسب حسب رغبته .
قصر الرئاسة والمستشفى
تشتهر " رأس الحكمة " بالاستراحة التي أنشأها الملك فاروق في المنطقة. بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 تحولت إلى استراحة رئاسية، و كان الرئيس الراحل أنور السادات يذهب إليها للاستجمام، ومن بعده حسني مبارك وأحفاده.
في عقد 2000، كان مبارك وأولاده في زيارة لرأس الحكمة، وانزلقت قدم هايدي زوجة علاء مبارك، مما استدعى نقلها إلى مستشفى رأس الحكمة.
كانت المستشفى مغلقة ولم تكن في الأساس مجهزة بخدمات صحية مناسبة ، و في أعقاب ذلك تم تجهيز المستشفى بأحدث الأجهزة الطبية، وإعداد طاقم طبي بها على مستوى عالمي.
بعد اعتياد مبارك وعائلته زيارة القرية، دخلت جميع المرافق من كهرباء ومياه وصرف صحي للقرية.
الأهمية السياحية
تمتد شواطئ رأس الحكمة من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالى الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح.
ومن أهم الأسباب التى تجعل منطقة رأس الحكمة مستقبل الاستثمار السياحى فى مصر:
1- طريق فوكة الجديد هو أحد المشروعات الضخمة التى تشارك فى إنشائه القوات المسلحة ليربط بين القاهرة والساحل الشمالى، حيث تبلغ المسافة من القاهرة إلى العلمين من خلال طريق فوكة الجديد حوالى 140 كيلو مترًا بعد أن كان الطريق السابق حوالى 240 كيلومترًا من القاهرة إلى مدخل طريق العلمين من خلال طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى، ثم من طريق العلمين وحتى الساحل الشمالى والعلمين وسيوفر طريق فوكا الجديد مسافة كبيرة بين القاهرة ومطروح .
2- الشريط الساحلى بطول 50 كيلو متر والواقع بين مدينة الضبعة إلى مرسى مطروح تعد أجمل شواطئ العالم من الرمال الناعمة الصفراء إلى المياه الفيروزية رائعة الجمال.
3- يعد إنشاء مدينة مليونية فى منطقة العلمين فى الساحل الشمالى وما يتبعها من أنشطة صناعية وتجارية وسكنية، يتيح ذلك لمنطقة "رأس الحكمة" الواعدة نشاطًا سياحيًا كبيرًا خلال الـ20 عامًا القادمة.
4- المنطقة تضم أنماطا متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل الشمالى الغربى لنحو 400 كم من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية للجمهورية، بطول نحو 90 كم من غرب الإسكندرية، وحتى العلمين، ومن العلمين وحتى رأس الحكمة بطول نحو 130 كم، ومن النجيلة وحتى السلوم بطول نحو 130 كم، تضم بداخلها شرق وغرب مدينة مرسى مطروح بطول نحو 90 كم.
5- المنطقة تزخر بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التى تظهر فى مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، وهذا النمط من السياحة يشجع على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات فى تلك المناطق، استرجاعاً للأحداث التاريخية التى اتخذت مواقعها فى هذه المناطق.
6- إجمالى المساحة المعروضة للاستثمار السياحى برأس الحكمة، تبلغ 11 مليون و500 متر ، بتكلفة استثمارية تتجاوز مليار و351 مليون جنيه، لإقامة مشروعات سياحية متكاملة، لجذب السائحين الوافدين إلى مصر لمنطقة رأس الحكمة، خاصة وأن البنية التحتية من طرق وخدمات فى مراحل الإنشاء المتقدمة.
و هكذا يلعب الاقتصاد السياحي دورا رياديا في تقريب دروب الشعوب و القلوب ، و تذويب الفروقات بينها ، و كذلك فتح مجالات واعدة للاستثمار في البنية التحتية لهذا القطاع ، إضافة الي توفير فرص العمل التي تقدمها الدولة لأفرادها و هم العنصر الأهم في انجاح هذه المشاريع المستقبلية ، و بأيدي و عقول وطنية تشد بعضها كالبنيان المرصوص لبناء الانسان في جذر الأوطان .