الأحد 22 ديسمبر 2024

دكتور عبدالله العوضي يكتب: غزة للعرب .. بقية عزة

باور بريس

غزة الحضارة

يتجاوز تاريخ  غزة المعروف ما يزيد على أربعة آلاف سنة. وقد حكمت  غزة ودمرت وأعيد بناؤها والسكنى فيها من قبل العديد من السلالات و الأباطرة والناس.
في البداية وقعت هذه الأرض الكنعانية تحت سيطرة قدماء المصرييين لما يقرب من 350 سنة قبل أن يتم فتحها من قبل الفلسطينيين ، الذين جعلوا منها واحدة من المدن الرئيسة في القرن الثاني عشر قبل الميلاد. أصبحت   غزة تحت سيطرة مملكة شمال السامرة. 
وفي حوالي سنة 730 قبل الميلاد أصبحت جزءا من الإمبراطورية الآشورية . 
حاصرها الاسكندر الأكبر   لمدة خمسة أشهر قبل فتحها في 332 قبل الميلاد. وأصبحت المدينة مركز التعلم والفلسفة للحضارة الهيلينية  . 
انتقل حكم المدينة بين اثنين من الممالك اليونانية هما السلوقيون من سوريا و البطالمة  من مصر. حوصرت المدينة وفتحها الحشمونيون في 96 قبل الميلاد.
بعد أن بدأ نفوذ الإمبراطورية  الرومانية بالمنطقة في 63 قبل الميلاد، أعيد بناء غزة .
طوال الفترة الرومانية، حافظت غزة على ازدهارها، وتلقت المنح من عدة أباطرة. وكان يحكمها مجلس من 500 عضوا، وسكن المدينة مجموعة متنوعة من الاغريق والرومان و اليهود و المصرييين  و الفرس  و الأنباط ومع تفكك الإمبراطورية الرومانية، أصبحت غزة جزءا من الامبراطورية البيزنطية الشرقية. تحولت غزة إلى  المسيحية  ودُمِرت المعابد الوثنية بين 396 و 420 م.
كانت غزة أول مدينة في فلسطين يفتحها المسلمون  في عصر الخلافة  الراشدة في 635 م. فدخل الكثير من أهلها في  الإسلام  ، وشهدت المدينة فترات من الازدهار والانخفاض. فقد احتلها الصليبيون  في عهد ألدولة الفاطمية  في عام 1100، وظلت تحت سيطرة الصليبيين حتى 1187، عندما استعادها صلاح الدين الأيوبي وظلت تحت حكم  الايوبيين   ، ثم المماليك وأصبحت عاصمة ولاية بلاد  الشام التي امتدت من  شبه جزيرة  سيناء إلى  قيسارية  .
وجاء عهد الدولة  العثمانية في القرن السادس عشر الميلادي، حيث كانت غزة قرية صغيرة. ومع أوائل القرن التاسع عشر، سيطرت مصر ثقافيا على غزة، وحكمها محمد علي باشا من 1831 حتى 1840، حيث أخرج العثمانيون قواته خارج المدينة. توسعت المدينة أيضا في النصف الأول من القرن العشرين تحت الانتداب البريطاني على فلسطين .
وفي عام 1947 أصدرت  الأمم  المتحدة قرار  تقسيم فلسطين ، وفيه تم تخصيص  قطاع  غزة ضمن الدولة الفلسطينية العربية. 
هاجر إلى المدينة والقطاع عدد من الفلسطينيين نتيجة للحرب 1948 بين العرب وإسرائيل. خلال تلك الحرب تم إعلان قيام حكومة عموم فلسطين في غزة من قِبَل  الجامعة  العربية ، وكانت الهيئة التنفيذية الفلسطينية تجتمع في مدينة غزة. 
بعد الحرب، ظلت غزة تحت الإدارة المصرية ولم يُمنح سكانها الجنسية المصرية. وفي عام 1967 احتلتها إسرائيل في حرب 1967 .
أصبحت غزة مركزا للمقاومة السياسية في  الانتفاضة الأولى. وبعد اتفاقيات  أوسلو  من عام 1993، أصبحت تحت السيطرة المباشرة للسلطة  الوطنية الفلسطينية التي أُنشئت حديثا. وظلت فعليا تحت الاحتلال حتى 2005 حيث انسحبت إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة. وفي يناير 2006 فازت  حركة حماس  بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، وتشكلت الحكومة برئاسة  إسماعيل  هنية .
وفي عام 2007 سيطرت حماس على قطاع غزة بعد مواجهات مع  حركة فتح في قطاع غزة .
وأحكمت إسرائيل الحصار على قطاع غزة، وشنت حربا  في الفترة 2008-2009، وخلف القصف مقتل أكثر من 1,300، وتدمير أكثر من 4,000 مبنى. ( ويكيبيديا)

الأرض.. أرضنا

صوت من غزة يقطع الألسن التي ، تدافع عن إسرائيل أكثر من اليهود أنفسهم .
سيدة غزاوية ، عنوانها الوحيد فلسطين ، ليس من حقنا أن ننتقد لأننا لسنا هناك ، و ليسوا هنا ، و ما يكتب و ما يذاع ليس حُكما و لا حكَما ، فلا نقطع بشيء ، بل نترقب ، فلنسلك يوما واحدا نهج رب العزة و الجلال " فارتقب إنهم مرتقبون "  ( الدخان- 59 ) لِمَ يستعجل البعض مصيره عبر الشماتة من قدر الآخرين ؟!
غزاوية في هذه الحرب المؤلمة و الموجعة تصدح بالقول لنا : الأرض أرضنا ، و العدو ما له شبر فيها ، يا بيرحل عنا ، يا بيندفن فيها .
هذه صورة معبرة عن حقيقة الدفاع عن أرض محتلة ، لا ينتظر أحد من المحتل أن يمن عليه بفتات الاستقلال .
مقابل الصورة التي ذكرها المولى في كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة .
تواصل الفلسطنية الغزاوية حديثها : هذا كلامنا الأخير ، إن شاء الله هذه معركة التحرير ، مثل ما أتوا إلينا حفاة عراة لما نزلوا في البواخر على شواطئ حيفا و يافا ، بعد أن رشوهم بالدي دي تي الخاص بالحشرات ، و هو أمر موثق دون أن أفتري على التاريخ.
و قد صورت عملية هذه اللقطة " الحشرية " على متن سفينتان أميركيتان كانتا تحملان ما يقرب من 4000 لاجئ يهودي ، تصلان ميناء حيفا في فلسطين ، محشورين مثل الماشية على متن سفينة صدئة ، ينهي اللاجئون رحلتهم التعيسة التي بدأت من ميناء البحر الأسود ، و يتم اتخاذ كل الاحتياطات لمنع نشرهم الأمراض ، مع نزول الأطفال الصغار مع آبائهم و أمهاتهم الذين يظهر عليهم الاعياء و المرض . ( فيديو نادر ) 
نكمل حديث الغزاوية : غزة قد دمرت عن بكرة أبيها ، و ليست أول مرة تدمر ، و لكن طوال عمرها تنهض ، و ما دخلها غازي إلا خرج يجر أذيال الخيبة و العار .
دخلها نابليون و خرج مهزوما ، دخلوها التتار الذين دمروا العالم ، دخلوها الرومان و خرجوا منها ، دخلها المغول الذين حرقوا الأخضر و اليابس ، و هزموا على أعتاب غزة ، دائما تنهض من تحت الرماد كطائر الفينيق ، و هو شعار غزة .
هم العابرون و نحن الباقون ، و العابرون سوف يرحلون ، و نحن باقون ما دام فينا الزعتر و الزيتون .
( المصدر : Tik tok @ hussein faouri13 )

 

حرب .. 7 أكتوبر 2023

هذه خلاصة مقتضبة لغزة في التاريخ الإنساني و ليس العربي أو الإسلامي ، و ها نحن اليوم ، 7/10/ 2023 ، حان الوقت لهذا السؤال الوجودي ، كما تقول الفلاسفة ، إسرائيل تحارب " حماس " أم الشعب الفلسطيني في غزة و في الضفة ؟! 
السؤال الآخر موجه للسلطة الفلسطينية ، بعد اعترافها في " أوسلو  " بحق إسرائيل في الوجود كدولة و رفعت " غصن الزيتون " و أسقطت السلاح من معادلة المقاومة المشروعة للمحتل " الصهيوني " حسب موقف اليهود أنفسهم ، لم ، لم تعترف إسرائيل بمقابل هذا التنازل بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة لكي تعيش إلى جنبها بسلام دائم و شامل ؟! 
ماذا تريد السلطة من إسرائيل و كذلك ماذا تريد السلطة من " حماس " ، حتى الآن هناك هدف مشترك بين إسرائيل والسلطة لتصفية " حماس " و كأن ذلك شرط لازم لقيام الدولة الفلسطينية ؟!
ما هو  الضامن الأكيد ، بأن تصفية " حماس " يعني عدم دخول ميليشيات مسلحة أخرى على خط المقاومة المشروعة منذ احتلال فلسطين في 1947 ، و ماذا عن " الجهاد الإسلامي  ؟! 
إذا عدنا قليلا إلى تاريخ تأسيس منظمة تحرير فلسطين ، ترى كم ميليشيا مسلحة تحوي كراسيها و لم تقم هي بتصفيتها ، و قد قاتل معظمها ضد بعضها و ليس ضد إسرائيل ؟! 
الأمم المتحدة أعطت الحق لكل بلد محتل حق المقاومة المشروعة حتى الاستقلال ، فما المختلف بالنسبة لفلسطين ؟! 
لماذا فجأة تحولت هذه المقاومة الشرعية إلى قائمة " الإرهاب " و ذات المشكلة قائمة في فلسطين و كشمير و بلدان أخرى تمر بنفس الظروف الاستعمارية القديمة أو المعاصرة ؟! 
منذ أعلنت إسرائيل عن نفسها كدولة بلا حدود جغرافية ، كم دولة استقلت من بعدها و بقت فلسطين كالبطة السوداء ؟! 
كم منظمة إرهابية ساهمت في تأسيس إسرائيل عبر تبقير بطون النساء و قتل الأجنة في مجازر دير ياسين و جنين و غزة السبعة من اكتوبر 2023 ؟!
من هم مؤسسو  إسرائيل ؟!
هل هم من أصحاب الفضل على أهل فلسطين ، مواطني درجة عاشرة في أرضهم المحتلة !
و هل هم  أيضا ممن وفوا بعهد التوراة و الإنجيل  ، أم أنهم أغرقوا اليهود أنفسهم في بحر"  التلمود " المحرف ؟! نأخذ الرد من زيارة مفاجئة إلى :

حديقة " الدومين " هايد بارك أستراليا ؟!
في هذه الحديقة ، مجموعة تلتف حول رجل رسم خريطة للشرق الاوسط.. الخريطة كلها مغطاة باللون الأصفر ما عدا إسرائيل.. و في يده كتاب مقدس يقول : لقد جاء في الكتاب أن الذي يحب الله يحبه ، و الذي يلعن الله يلعنه .. و اليهود قد لعنوا الله فلعنهم و ستخرجهم قوة أخرى من فلسطين .. لماذا ؟ 
و يناقشه بعض اليهود : من الذي قال هذا ؟ 
و يردون عليه : هل الله قال لك هذا الكلام شخصيا.. هل سمعته منه .. هذه هي القضية.
فيقول : إنني أصدق هذا الكتاب.. " و يشير إلى الكتاب المقدس " ..
و يقولون : و نحن لا نصدقه ..
و يقول: هل ستعرفون لماذا سيخرج اليهود من فلسطين.. لأن الله وعد بذلك.. هل تعرفون لماذا أعطيت فلسطين لليهود.. لأن أحد اليهود اخترع المادة المتفجرة التي استخدمها الإنجليز ضد الألمان.. هذه المادة اخترعها وايزمان.. 
فيقال له : إن زوجتي كانت تعمل مع وايزمان.. و ليست هذه المادة وحدها هي التي اخترعها.. إنه اخترع أشياء أخرى كثيرة.. و لكن اليهود عادوا إلى فلسطين لأنها بلادهم.. و لأنهم اشتروها بفلوسهم من انجلترا و أميركا .. و بفلوسنا يا حضرة ال .. اسمك إيه يا .. 
و يقول: نعم بفلوسكم و بانحطاط أخلاقكم و سفالتكم و لكن الكتاب المقدس يقول إنكم ستخرجون.. و كنتم تحاولون دخول مصر أخيرا فأخرجكم المصريون منها.. و هذا تطبيق لما جاء في الكتاب المقدس ..
و يرد عليه اليهود بكلمات نابية.. و يمضي الرجل في كلامه.. و يمضي اليهود في المناقشة.. 
( المصدر : " حول العالم في ٢٠٠ يوم " - أنيس منصور: الطبعة العشرون/ 1990 - ص : 296-297 / المكتب المصري الحديث: القاهرة )

الاسكندرية : لا للوثنيين و لليهود ؟!

منذ قرون سالفة ، و اليهود ليسوا مرحب بهم ، و هذا يثبته الكهنة و القساوسة المسيحين .
يحكي أحدهم أثناء زيارته للاسكندرية قبل أكثر من ألف عام قائلا : كان كاهن الكنيسة الكبيرة ، قد حكى لي أن الاسكندرية من يوم انشائها و لزمن طويل تال ، لم تكن تسمح بمبيت أمثالنا نحن المصريين داخلها.
ثم تغير الأمر مع مرور الأيام ، فصارت المدينة بعد انتشار ديانتنا مفتوحة للجميع.
ما زلت أذكر هيئة الكاهن و هزة رأسه و هو يضيف يومها ، بالقبطية الصعيدية ، ما معناه: سيأتي اليوم الذي لن نسمح في للوثنيين ، و لا لليهود ، بالمبيت . لا في الاسكندرية ، و لا في المدن الكبيرة كلها.. غدا سوف يسكنون جميعا خارج كل الأسوار ، و تكون المدن كلها لشعب الرب !
( المصدر: ص ، 64 - رواية " عزازيل " يوسف زيدان/ ط : 14 - 2009 : دار الشروق القاهرة)

على ماذا قامت " الدولة الصهيونية " ؟! 
على العنف و الإرهاب و اتخذته استراتيجية ثابتة لبقائها .
" هرتزل " أصر على ربط المشروع الصهيوني بأوروبا الإستعمارية ، و سعى لتذليل كل العقبات أمام تنفيذ المؤامرة الصهيونية .
"جابو تنسكي " التحق بعصابات " الهاجاناه " الصهيونية لقمع المظاهرات العربية في القدس ، و روج لإقامة الدولة الصهيونية بالقوة .
" بن جوريون " آمن بالفكر التوسعي و ترك حدود إسرائيل مفتوحة ، و كان من مؤيدي طرد العرب من أراضيهم .
" شامير " دعم بشدة التوسع في سياسة الإستيطان ، و كان يعد الضفة الغربية و غزة جزءا من أراضي إسرائيل .
" رابين " تبنى أساليب وحشية منظمة لقمع الإنتفاضة الفلسطينية عرفت باسم سياسة  “ تكسير العظام " .
" نتنياهو " سفاح تربى على كراهية كل ما هو عربي ، و وصفته صحيفة " هاآرتس " اليهودية بأنه شخصية مدمرة خربة يمكنها تدمير المنطقة .
" باراك " يؤمن بأن إبادة العرب هو هدف الإسرائيليين الأول .
" شارون " قاد عشرات المذابح ضد - الشعب الفلسطيني الأعزل ، و كان يتلذذ بقتل المدنيين من النساء و الأطفال . ( ص : 7-8 من كتاب " مجرموا إسرائيل " للمؤلف : د. الحسيني الحسيني المعدّي : 2019. )

سلام .. الانتقام

اليهود شعب طريد طوال تاريخة ، لا نعرف لِمَ يبحث الآن عن سبل للتعايش ، و هم لا يعيشون إلا في عزلة منذ الخليقة .
لم تفرض العالم أنظمة للتعايش معهم ، و هم ضد التعايش ،  و لماذا لم يتحملهم غير الشعوب الإسلامية على مدار التاريخ ، و هم يمضون عكس التاريخ البشري ، لذا سيبقى  الصراع وجوديا حتى نهاية الوجود .
طردهم الرسول عليه الصلاة و السلام لخيانتهم ، لا لديانتهم ، و هم يريدون الاستمرار في غيهم و تقبلهم هكذا دون اعتراض من أحد و لا حتى من الواحد الأحد .

بريطانيا أول من طردت اليهود ؟!

في 31 أغسطس/آب 1290 أصدر ملك انجلترا إدوارد الأول أمراً بطرد كل اليهود من بلاده وأصبح أول بلد يقدم على هذا الإجراء في أوروبا قبل إسبانيا بثلاثة قرون، فكيف تم ذلك؟
وصل اليهود إلى انجلترا في عام 1070 بدعوة من ويليام الفاتح الذي كان بحاجة لاقتراض المال لتنفيذ برنامجه الخاص ببناء القلاع والكاتدرائيات، ولأن التعاليم الكاثوليكية لا تسمح للمسيحيين بالإقراض بفائدة فقد تم تشجيع اليهود على المجيء للعمل في هذا المجال حتى يستطيع اقتراض المال الذي تحتاجه حكومته.
وفي الوقت الذي تحول فيه بعض اليهود المقرضين مثل آرون من لينكولن وليكوريتشيا من أوكسفورد إلى أشخاص فاحشي الثراء فإن الكثيرين من اليهود عملوا في مهن مختلفة داخل طوائفهم بداية من الطب وليس انتهاء بتجارة السمك، وكانوا يعيشون في أنحاء عديدة من ويلز وانجلترا حيث يمارسون طقوسهم في بعض الأحياء
وكان من المسموح لليهود الاختلاط بحرية مع بقية السكان وكان الملك هنري الأول قد منحهم "ميثاق الحريات" والذي يعني أنه كان من حقهم دخول قلاع الملك بأمان لو شعروا بالخطر، لذلك كان أغلب السكان يشعرون أحيانا أن اليهود في صف الحاكم.
وكان على اليهود دفع ضرائب أعلى من غيرهم مقابل حماية من قبل التاج.

العداء للسامية

ولكن نزعة العداء للسامية تصاعدت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر اللذين شهدا العديد من الاعتداءات عليهم.
فمع صعود الصليبيين تزايد العداء ضد الأديان الأخرى غيرالكاثوليكية وتزايدت الهجمات ضد اليهود والتي أثارها أحيانا رجال دين اتهموا اليهود بالمسؤولية عن قتل المسيح.
وعندما كانت الأوضاع تزداد صعوبة في البلاد يؤخذ اليهود، باعتبارهم أقلية دينية، ككبش فداء ويلقى باللوم عليهم.
وفي ما ازداد اعتماد التاج في انجلترا على البنوك الإيطالية قل الاعتماد على أثرياء المال اليهود وبالتالي قلت الحماية الممنوحة لهم وبالتدريج انقلب عليهم الملك ، وفي عامي 1189 و1190 وقعت مذابح عنيفة ضد اليهود في لندن ويورك.

قتل طفل

وفي عام 1255 جرى اتهام يهود لينكولن بتعذيب وقتل طفل انجليزي في طقوس دينية. وقد اعتقل الملك هنري الثاني 93 من اليهود المحليين وأعدم 18 منهم.
وفي العام التالي فرضت قيود عديدة على اليهود الذين باتت حياتهم في خطر بشكل متزايد.
وفي عام 1260 فرض الملك هنري الثالث ضرائب كبيرة على اليهود مما أجبرهم على مطالبة الناس برد القروض مما أثار مشاعر عدائية كبيرة ضدهم فاندلعت أعمال شغب مناوئة لهم قتل فيها المئات من اليهود وأحرقت الوثائق التي تثبت الأموال التي يدين الناس بها لهم.
وفي عام 1275 أصدر الملك إدوارد الأول قرارا يحظر على اليهود الحصول على فوائد مقابل القروض بل وأعفي المقترضين منهم من رد الديون.
وقد أكسب هذا القرار الملك شعبية، ولكنه كان كارثياً على اليهود الذين دخل أغلبهم دائرة الفقر المدقع.
كما فرض إدوارد الأول على اليهود ارتداء شارات صفراء، ولم يسمح لهم بالعيش إلا في عدد قليل من المدن.
وكان إدوارد الأول يريد من اليهود اعتناق المسيحية وهو الأمر الذي استجاب له قلة منهم ولكن الغالبية رفضت.
وفي عام 1290 أصدر إدوارد الأول مرسوما بطرد من تبقى من اليهود من انجلترا وكان عددهم يقدر بنحو 3 آلاف أجبروا على السير إلى الشاطئ الجنوبي وعبور البحر إلى أوروبا كلاجئين وقد مات الكثيرون منهم في الرحلة.
وظل بعض اليهود في انجلترا كمسيحيين وقد استغرق الأمر نحو 4 قرون حتى استطاع اليهود العودة لإنجلترا.

أثر اليهود

وكان أثر اليهود واضحا في عهد وليام الأول وخلفائه حيث استطاعوا تشييد العديد من القلاع والكاتدرائيات والكنائس بالأموال التي اقترضوها منهم كما استخدم الملوك المال أيضا في دفع أجور الجنود ومد نفوذهم إلى شمال فرنسا.
كما شهدت المدن التي استقر فيها اليهود ظهور مشاريع محلية بفضل القروض التي قدموها.
وكانت لقصة قتل الأطفال المسيحيين في طقوس يهودية والتي انطلقت من انجلترا وانتشرت في أوروبا أثرها في تعرض العديد من اليهود للقتل، وكانت انجلترا هي أول بلد يجبر اليهود على ارتداء شارات صفراء وهو الإجراء الذي قلده النازيون في القرن العشرين.
وبعد أن طردت انجلترا اليهود عام 1290 قلدتها دول أخرى وطردتهم مثل المجر عام 1349 وفرنسا 1394 والنمسا 1421 ونابولي 1510 وميلانو 1597 وإسبانيا 1492 والبرتغال 1497 وغيرها. ( بي بي سي عربي - وليد بدران -  1سبتمبر/ أيلول 20191 )
ذكرت  لكم من المساند الرئيس لدولة الاحتلال ، كيف أنها ألقت بهم خارج التاريخ و ليس العالم فحسب .
الآن ترى كم مرة طُرِدَ اليهود من مأمنهم خلال ألف عام مضى من عمر التيه اليهودي في العالم أجمع ، لن أذهب إلى التفاصيل ، بل ألخص كل ذلك في رقم واحد و هو قرابة خمسين مرة منذ العام 1080 ،حتى العام 1947 ، و ما يجري اليوم في فلسطين و ليس في غزة وحدها ، هو بداية الطرد الأخير بشهادة اليهود الرافضين للدولة الصهيونية أنفسهم ، أما نحن المسلمين فلدينا أدلة قطعية الدلالة قطعية الثبوت على ما تذهب إليه اليهود و نحن معهم في ذات المركب ، ندفعهم إلى التيه من جديد .
لماذا خرج " يهود " نيويورك في مظاهرات حاشدة احتجاجا على ما ترتكبه إسرائيل من مجازر في غزة ، و يقولون عار على  اليهود أن يفعلوا ذلك بالشعوب ؟! 
لماذا استيقظ ضمير أحد الصحفيين الإسرائيليين بعد تغطيته لأحداث فلسطين لأربعين عاما كي  يصرخ مدويا بأنه الآن تيقن بأن إسرائيل دولة الفصل العنصري بامتياز ؟! 
لماذا يخرج محلل إسرائيلي على القناة 13 ليقول ما لا يسمح بقوله همسا في بعض الدول العربية والإسلامية: 
‏ " حتى لو أبدنا غزة عن بكرة أبيها فنحن خاسرون في هذه المعركة منذ اللحظة الأولى، الشيء الوحيد الذي ربحناه هو تحالف قطبي الحكومة، مجموعة فتية في غزة يوقعون بنا خسائر مالية وقتلى ومصابين بالآلاف، يفرضون حظر التجول، يغلقون المطارات، يخطفون الأسرى بكل أريحية وكأنَّهم في رحلة، يتسللون وكأنّهم في لعبة ببجي، يحفظون الشوارع أكثر من سكانها، أين الأموال التي دفعت على الجنود، لماذا تعطونهم رواتب عالية، أين الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة، ليبقوا أسرى في غزة فهؤلاء عار على جيشنا، منذ إنشاء إسرائيل إلى اليوم لم نحظ بهزيمة كهذه، الصواريخ تزداد، وعدد القتلى كل يوم يزداد في صفوف جيشنا، كيف استطاعوا بدراجات نارية الوصول إلى حدود النقب وأسدود كيف، أين فرقة غزة، أين جنود النخبة، كيف هبطوا بالمظلات دون أن يكشفهم أحد، كيف اخترقوا المنظومة الأمنية وهكروا الشيفرات، علينا أن نخجل من أنفسنا، قتل المدنيين لن يصنع نصرًا يا بيبي، وسكان الجنوب سيغادرن وسيحرر هؤلاء الفتية الذين أبيدت عائلاتهم في الحروب السابقة كل بلادهم، فهم جاؤوا اليوم ليثأروا وعلينا دفع الثمن، نحن مهزومون ولو حالفتنا كل دول العالم، فهؤلاء يعشقون الموت كما نعشق الحياة " ؟!

 

الحرب الصهيو - صليبية


    
يجب أن نضع في اعتبارنا أن هذه الحرب الصهيو - صليبية مستمرة حتى لو انتهت الحرب الحالية، وهذا الوضع يفرض علينا ألا نتهاون في الأيام القادمة، فمن حقنا أن نعيد التفكير في الحالة التي وصلنا إليها وأن نعمل على تجاوزها، نحن أمة عُرفت باستجابتها العالية للضغوط والمحن..
التاريخ يعيد نفسه؛ فكما استدعى الصليبيون جيوشهم لغزو فلسطين والمنطقة العربية في القرون الوسطى ها هم يتكالبون علينا ويستدعون جيوشهم لخوض حرب صهيو - صليبية ظنا منهم أنهم يستطيعون تقويض وجودنا، ومهما أنكروا أنه ليس للدين صلة بهذه الحرب إلا أنهم يعلمون أنهم لكاذبون، إنها حرب دينية تقف وراءها مصالح اقتصادية ورغبة تاريخية في اجتثاث الإسلام فهو العدو الأكبر لوجودهم. شيطنة الإسلام والمسلمين لم تكن إلا بداية، وسيأتي من ورائها محاولات لن تنتهي لإضعافنا، فنحن والروم في "رباط"، أي حرب ونزاع، إلى يوم القيامة، وأي هدنة ما هي إلا تحضير لمرحلة أخرى من النزاع، وحتى لو جنحنا للسلم فهم لن يجنحوا له أبدا.
هل انكشف الغرب من خلال دخول الحرب شهرها الثالث الثلاثة على غزة؟ أم أن "الغرب" مكشوف لكن الكل يغمض عينيه لأنه لا يريد أن يرى الواقع؟ 
قد نكون ضعفاء اليوم، وقد يرى البعض أننا يجب ألا نظهر مواقفنا الرافضة للاستسلام لأننا لا نستطيع الوقوف في وجه أعدائنا لكن علينا أن نتذكر أنه من الواجب علينا ألا نهن ولا نحزن وأن نعد العدة ما استطعنا، وأن نسعى لتشخيص ضعفنا وأن نعمل على معالجة هذا الضعف، 
هذه الحرب التي يشنها الغرب علينا بتحالفه مع الصهيونية يفترض أن تقودنا إلى تحديد أولوياتنا، فماذا نريد أن نكون في المستقبل، أنريد أن نكون أمة لها إرادة أو أن نختفي من الوجود كما اختفت أمم قبلنا؟، لا أتحدث هنا بحماس دون أن أقيس الممكنات التي تدعم وجودنا القوي في المستقبل، بل أنا على يقين أننا نملك هذه الممكنات ونستطيع توظيفها لتغيير الواقع الذي نعيشه الآن.
يجب أن نضع في اعتبارنا أن هذه الحرب الصهيو - صليبية مستمرة حتى لو انتهت الحرب الحالية، وهذا الوضع يفرض علينا ألا نتهاون في الأيام القادمة، فمن حقنا أن نعيد التفكير في الحالة التي وصلنا إليها وأن نعمل على تجاوزها. نحن أمة عرفت باستجابتها العالية للضغوط والمحن، كما قال ذلك المؤرخ "أرنولد توينبي"، كما أننا نعلم أننا سنكون دائما في الخطوط الأمامية عندما يكون الصراع بين بقاء الحضارات والثقافات، ويجب علينا القيام بواجبنا كما قام به أجدادنا من قبل عندما واجهوا تهديدا وجوديا مباشرا، القوة تكمن داخلنا، وليست تلك التي يتصدق بها الآخرون علينا.  ( السبت 13 ربيع الآخر 1445هـ 28 أكتوبر 2023م (  د. مشاري النعيم/ صحيفة الرياض - بتصرف - )

موت شعب .. ليس حزب

لماذا كل زعماء العالم الحر دعو الطرفين إلى خفض التصعيد ، و أميركا تصعد من جهتها بإرسال  حاملتين حربيتين إلى المنطقة ، إضافة إلى نشر 2000 جندي أميركي في غزة لمساعدة 300ألف جندي إسرائيلي غزو غزة منذ أكثر من شهرين و تمويل أميركا لها بمبلغ 14 مليار دولار ؟! 
عندما يموت شعب بأكمله ، ليس هنا مكان للرأي ، بل موقفا مشرفا ضد من تسبب فيه ، دون التعويل على شدة الخلاف معه ، فالمقاومة الفلسطينية تمثل هنا الشعب كله بغض النظر إن كانت تقودها " حماس " أو  " فتح عباس " ، فقد تهزم إسرائيل " حماس " و تهدم بنيته التحتية ، و لكن لم يحصل في التاريخ أن هزم محتلا شعبا بأكمله ، و الشعب الفلسطيني ليس استثناءً من هذه القاعدة التاريخية في جميع الدول التي تعرضت للغزو و الاحتلال و الاستعمار ، قديما أو حديثا ، و هذه القاعدة تدرس في السنوات الأولى بالجامعات لطلاب السنوات الأولى في أقسام و كليات العلوم السياسية ، إلا إذا كانت إسرائيل و دول أخرى قد ألغت هذه القاعدة من التاريخ الإنساني أصلا فضلا عن مؤسساتها العلمية ، فالمقاومة تخنس  و تنزوي و تخبو و تسكت لسنوات و لكنها تعود من جديد لتحقيق أهدافها النبيلة في تحرير الشعوب من طوق الذل و الهوان ، فغزة أيها العرب جزء أصيل من عزة الأمة لا يمكن سحقها بثمن بخس .