دكتور عبد الله العوضي يكتب: فلسطين 7 أكتوبر .. مصر 6 أكتوبر !
هل نشبّه الليلة بالبارحة ، رغم الفروقات الجوهرية بين الفترتين ما يجري في " غزة " و ما حدث من النصر المؤزر في مصر عند خط " بارليف " .
الحرب واحدة ، و لكن المواقف مختلفة من ذات " العدو " ، الخطاب العربي باهت ، في الوقت الذي تضج الشوارع في معظم الدول الغربية بالمحتجين ، تحولت الشوارع العربية باتجاه " الكورنيش " للترفيه و التسلية و الاسترخاء .
جس النبض في الشوارع العربية ، يعني بلا تردد اعتقال ، لأن التعبير عن رفض المجازر الإسرائيلية يعني لدى البعض ضرب الأمن القومي العربي في مقتل ، النبض ممنوع من الصرف ، رغم أن اليهود أنفسهم زادت نبضات قلوبهم تجاه اسقاط حكومة " نتنياهو " اليوم أو غدا .
في يوم الجمعة الموافق 28/10/2023 ، إسرائيل تقطع الاتصالات عن قطاع غزة وتشن هجوماً هو الأعنف منذ بداية الحرب (العربية) ، و مراسل فوكس نيوز يقول : الهجوم على قطاع غزة الآن هو الأكثر جنوناً الذي رأيته. أقوى هجوم منذ بداية الحرب
فصل غزة عن الكرة الأرضية وهي تتعرض لأعنف ابادة هذه اللحظات و معظم القنوات العربية والاجنبية فقدت الاتصال مع مراسليها بغزة.
الجزيرة: قطاع غزة يشهد القصف الأعنف برا وبحرا وجوا منذ بداية الحرب .
الحاخام مائير مزوز موقع القناة 7 العبرية ( وسلملي على اصحاب نظرية المدنيين ما خصهم)
يبدو ان اسرائيل تنفذ دخول بري الآن في غزة ولم ينجدهم اي أحد.
اعداد الشهداء ستكون كارثية اذ لا يمكن لسيارات الاسعاف تلقي الاتصالات و المواقع لانقاذ من يمكن انقاذه ، اننا نشهد ابادة مسلمين عرب امام العالم كله .
بعد مرور خمسين عام على حرب 6 أكتوبر 1973 ، يعيد 7 أكتوبر 2023 ، حربا أخرى نوعية ، يقول أحد الخبراء من المحللين العسكريين ، الذي درس العلوم العسكرية في الولايات المتحدة الأميركية ، بأن " طوفان الأقصى " سوف يدرس في الأكاديميات العسكرية في العام 2024 ، بلا شك .
كما شهد كبار العسكريين الإسرائيليين على أن حرب 6 أكتوبر 1973 ، كانت انتصارا عربيا بلا منازع و ليس مصريا فحسب ، لأن تسع دول عربية وقفت ترسا فولاذيا لمصر و سهما نافذا تجاه " العدو الاسرائيلي " آنذاك .
فهي قصة تروى للأجيال العربية و الإسلامية على مدى الأزمان كأي ملحمة تاريخية نادرة تعيد صناعة الحياة من جديد في عروق الأمة .
نحن ننتمي إلى تلك الفترة التي بدأنا فيها الحياة الجامعية ( 1976 - 1981 ) ، و كان من حسن الحظ بين هيئة التدريس بعض الأساتذة الذين شاركوا ميدانيا في حرب اكتوبر 73 ، بمعنى أنهم حملوا السلاح و حاربوا .
لقد أقامت جامعة " العين " آنذاك موسما ثقافيا و أحيت فيه ذكرى هذه الحرب التي رفعت معنويات كل العرب و المسلمين نحو العلا .
وقد حاضرنا أحد الأساتذة ممن شاركوا ميدانيا ضمن أفراد الجيش الأردني الذي شارك في تلك الحرب التي ردت إلى الأمة ثقتها بربها و من ثم بنفسها .
و لن أتطرق إلى كل ما ذكره الأستاذ قبل خمسة عقود من الآن ، و لكن سأذكر من ذلك مشهدا واحدا يغني و يكفي لمعرفة حجم التضحيات .
هذا المشهد الهام ، هو عملية اقتحام " خط بارليف " ، و لا يمكن اتمام ذلك إلا بوجود جسر للعبور على الماء ، و قد دمر العدو جميع الجسور التي كانت مبنية من قبل ، و لا توجد وسيلة أخرى غير ذلك الطريق .
هذه العملية الفريدة لم يسمع بها أحد في تاريخ الحروب ، و لكنها فعلها الجيش المصري ، لقد بنى من أفراده بعد تشابك الأجساد جسرا من دمائهم و أشلائهم بعد أن مرت عليها الدبابات و المدرعات و الآليات ، حتى غرسوا علم النصر المبين .
قالوا .. عن حرب أكتوبر 1973 !
" غيرت الحرب مجرى التاريخ لمصر ولمنطقة الشرق الأوسط بأسرها عندما اقتحم الجيش المصري قناة السويس واجتاح خط بارليف “ الديلي تلغراف 7 أكتوبر عام 1973.
«كانت الصورة التي قدمها الإعلام العالمي عن المقاتل العربي عقب حرب 67 مليئة بالسلبيات، وتعطي انطباعا باستحالة المواجهة العسكرية، ولكن جاءت حرب 73 لتثبت وجود المقاتل العربي وقدراته.» ذي تايمز 7 أكتوبر عام 1973.
" إن احتفاظ المصريين بالضفة الشرقية للقناة يعد نصرًا ضخمًا لا مثيل له، تحطمت معه أوهام الإسرائيليين بأن العرب لا يصلحون للحرب.» واشنطن بوست 7 أكتوبر عام 1973.
« إن الأسبوع الماضي كان أسبوعًا تأديبيًا وتعذيبًا لإسرائيل ومن الواضح أن الجيوش العربية تقاتل بقوة وشجاعة وعزم، كما أن الإسرائيليين تملكهم الحزن والاكتئاب عندما وجدوا أن الحرب كلفتهم خسائر باهظة، وأن المصرييين و السوريين ليس كما قيل عنهم أنهم غير قادرين علي القتال.» فينانشال تايمز 11 أكتوبر عام 1973.
« لقد وضح تمامًا أن الإسرائيليين فقدوا المبادرة في هذه الحرب ، وقد اعترف بذلك قادتهم ومنهم الجنرال شلومو جونين قائد الجبهة الجنوبية في سيناء.» --مراسل رويترز - تل أبيب 11 أكتوبر عام 1973.
« لقد اتضح أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة، كما كانوا يحسبون، من رجال لا يقهرون.» ديلي صن 12 أكتوبر عام 1973.
«إن نظرية الحدود الآمنة التي تبنتها. إسرائيل ، منذ إنشائها حتى الآن بغرض التوسع ، قد انهارت تمامًا.» ديلي تلغراف 12 أكتوبر عام 1973.
« لقد محت هذه الحرب شعور الهوان عند العرب وجرحت كبرياء إسرائيل.» ديلي ميل 12 أكتوبر عام 1973.
« إن القوات المصرية و السورية قد أمسكت بالقيادة الإسرائيلية وهي عارية، الأمر الذي لم تستطع إزاءه القيادة الإسرائيلية تعبئة قوات كافية من الاحتياط لمواجهة الموقف إلا بعد ثلاثة أيام. لقد كان الرأي العام الإسرائيلي قائمًا على الاعتقاد بأن أجهزة مخابراته هي الأكفأ، وأن جيشه هو الاقوى .
والآن يريد الرأي العام في إسرائيل أن يعرف ما الذي حدث بالضبط ولماذا .
والسؤال الذي يتردد على كل لسان في تل أبيب الآن هو لماذا لم تعرف القيادة الإسرائيلية بخطط مصر و سوريا مسبقًا.» مراسل وكالة يونايتد برس- تل أبيب 12 أكتوبر عام 1973.
« لقد واجه الإسرائيليون خصما يتفوق عليهم في كل شيء ومستعدًا لحرب استنزاف طويلة، كذلك واجهت إسرائيل في نفس الوقت خصما أفضل تدريبا وأمهر قيادة.» --مراسل وكالة الاسوشيتد 20 أكتوبر عام 1973.
« لقد سادت البلاد قبل حرب أكتوبر مشاعر خاطئة، ألا هو شعور صقورنا بالتفوق العسكري الساحق لدرجة أن هذا الاعتقاد قادهم الى طمأنينة عسكرية على طريقة: سنقطعهم إربًا إذا تجرئوا على رفع إصبع في وجهنا.» علهمشمار الإسرائيلية 20 أكتوبر عام 1973.
« إن الكفاح الذي يخوضه العرب ضد إسرائيل كفاح عادل.» «إن العرب يقاتلون دفاعًا عن حقوقهم.» صحيفة تسايتونج الألمانية 19 أكتوبر عام 1973.
«لقد فر الجنود الإسرائيليون من خط بارليف وهم يلتقطون أنفاسهم ، وقد علت القذارة أبدانهم وشحبت وجوههم، فرت فلولهم من الجحيم الذي فتحه عليهم الهجوم المصري الكاسح.» أنا بيللا الإيطالية البريطانية 30 أكتوبر عام 1973.
« إن جولدا مائير اعترفت- في حديث لها بعد حرب أكتوبر بأنها فكرت في الانتحار.» يديعوت أحرونوت 28 سبتمبر عام 1998.
«إن هذه الحرب تمثل جرحًا غائرًا في لحم إسرائيل القومي.» --مجلة بماحنيه الإسرائيلية 20 سبتمبر عام 1998.
" لقد أوجدت حرب أكتوبر مفهوما يبدو أننا لم نعرفه من قبل منهكي الحرب ويقصد به أولئك الذين عانوا من الصدمات النفسية والمنتشرين الآن في المستشفيات ودور النقاهة يعالجون من أجل تخليصهم من الآثار التي خلفتها الحرب الضارية. " «لقد عرف الجنود الإسرائيليون خلال تلك الحرب ولأول مرة في حياتهم تجربة الحصار والعزلة أثناء القتال وعار الأسر والخوف من نفاد الذخيرة» هاريتس 2 نوفمبر عام 1973.
«إن الشعور السائد في إسرائيل اليوم يتميز بالحزن والاكتئاب، كما أن عدد أسرى الحرب العائدين من مصر كان أمرًا أكثر مما كان متوقعًا، وهو الأمر الذي يعني وقوع الكثير من القتلى.» جويش كرونيكل البريطانية 7 أكتوبر عام 1973.
«إن صفارة الإنذار التي دوت في الساعة الثانية إلا عشر دقائق ظهر السادس من أكتوبر عام 1973 كانت تمثل في معناها أكثر من مجرد إنذار لمواطني إسرائيل بالنزول الى المخابئ، حيث كانت بمثابة الصيحة التي تتردد عندما يتم دفن الميت. وكان الميت حينذاك هو الجمهورية الإسرائيلية الأولى وعندما انتهت الحرب... بدأ العد من جديد... وبدأ تاريخ جديد... فبعد ربع قرن من قيام دولة إسرائيل، باتت أعمدة ودعائم إسرائيل القديمة حطامًا ملقى علي جانب الطريق. » معاريف 20 سبتمبر عام 1998.
« إننا حتى يوم وقف إطلاق النار على جبهة سيناء لم نكن قد استطعنا إلحاق الضرر بالجيش المصري.
ومن المؤكد أنه حتى بدون التوصل إلى وقف القتال، لم نكن سننجح في وقف أو تدمير الجيش المصري.
وبهذا يمكن القول إننا خلال حربنا الرابعة مع العرب لم نحقق شيئًا.» --هارتس 8 نوفمبر عام 1973. ( وكيبيديا )
" طوفان الأقصى "
دارت الأيام دورتها لخمسين عام ، و كانت على موعد مع القدر عند " طوفان الأقصى " في السابع من أكتوبر ، و قد تجاوزت الشهر الأول .
ليس هنا فروقات سبع كما يقال بل هنا المفارقات الشداد ، الحرب هنا تخوضها الفصائل الفلسطينية و " حماس " يعد فصيلا واحدا منها . فالحرب المشتعلة اليوم ضد الشعب الفلسطيني و ليس ضد فصيل واحد ، لذا الشعب الفلسطيني ممثل في جميع فصائله ، باستثناء السلطة الفلسطينية التي تنتظر إسرائيل لتهديها حمامة السلام التي ذبحت في العام 1917 بين سطور " وعد بلفور " .
الحرب في غزة لها مآرب أخرى غير التخلص من " حماس " ، و هي حرب تدور عكس عقارب ساعة موازين القوى التي تدرس في الكليات الحربية المتخصصة بشهادة كل المحللين العسكريين في المشهد الراهن. .
حرب دولة ضد فصيل ، عسكريا غير مستقيم ، كيف و إسرائيل ليست وحدها في ميدان المعركة ، أميركا التي قفزت من راع للسلام إلى عهد رعاة البقر في تاريخها السالف ، و انحازت بشكل صارخ مع " المحتل " وفقا لكل قرارات الشرعية الدولية التي ألغتها القوة الوحشية و البربرية الحقيقية لإسرائيل و معهم رؤساء أميركا الأعضاء في منظمات القراصنة الذين نصٍّبوا يوما حكاما و ملوكا على الدول التي احتلوها و ليست فلسطين وحدها فحسب .
و أضرب مثلا ب " بوش الابن " الذي ارتبط اسمه بعَلم القراصنة لأنه كان عضوا في جمعية " سكل آند بونز " ( جمجمة و عظام ) ، و هي جمعية شبه سرية في جامعة ييل ، حيث درس بوش الابن ، تتخذ من مقبرة تاريخية مقرا لها.
( المصدر : كتاب " قراصنة الصومال : إسرائيل.. أمريكا .. و مسمار جحا !! "
المؤلف : مجدي كامل - 2009 / دار الكتاب العربي : حلب )
و دول الاتحاد الأوروبي لا تستطيع أن تخالف أميركا التي أنشأت " صندوق مارشال " لإعادة إعمارها بعد حربين عالميتين لم يكن للعرب و المسلمين فيها ناقة و لا بعير .
و لا يظنن القارئ بأن أميركا أعادت بناء أوروبا المدمرة من أجل زرقة عيون الأوروبيين ، بل من أجل بريق ذهب المستعمرات التي حملته في عشرات البواخر عدا و نقدا ، ليس إلا .
هناك لحظات في التاريخ ، تظهر مكنونات الدول و لا أقول سياساتها على ظاهر الحقائق ، و تنكشف كلية على العالم لأنها تصل إلى بقوتها إلى السطح و تغفل بأن الجزء الأعمق هو الذي يسحبها للقاع من دون أن تشعر .
دولة جيش .. تمنع العيش
إسرائيل ، جيش لديها دولة ، و ليس العكس كبقية دول العالم ، بأي ميزان قوى يمكن التعامل معها ، لا مع فلسطين و لا غيرها من الدول التي على تماس دائم معها منذ أن فرضت وجودها رغم أنف دينها اليهودي الذي يحرم عليها ذلك .
أبدأ سريعا في سرد القوة العسكرية لإسرائيل ، وفق آخر الإحصاءات لعام 2023
يصنف الجيش الإسرائيلي ضمن أقوى 18 جيشا في العالم، وفقا لإحصائيات موقع "غلوبال فاير بور" الأمريكي لعام 2023 .
و أن مستوى القوة البشرية للجيش الإسرائيلي يشمل القوة السكانية للدولة وتكوينها، إضافة إلى حجم الأفراد العسكريين سواء كانوا في الخدمة أو ضمن القوات الاحتياطية إضافة إلى القوات شبه العسكرية.
إجمالي عدد السكان 8.9 مليون نسمة ، و عدد من يصلحون للخدمة العسكرية يقدر بـ 3.1 مليون نسمة ، و كذلك يصل سن التجنيد سنويا نحو 125 ألف نسمة .
و أما إجمالي عدد الأفراد المنتمين للجيش يصل إلى 646 ألف فرد بينهم:
173 ألف فرد قوات عاملة .
465 ألف فرد قوات احتياطية.
8 آلاف قوات شبه عسكرية.
وفيما يلي تصنف القوة البشرية للجيش الإسرائيلي وفقا لنوع السلاح التابعين له ويشمل ذلك القوات العاملة والاحتياطية:
تضم القوات الجوية الإسرائيلية 89 ألف جندي .
يضم الأسطول الحربي 20 ألف جندي.
تضم باقي أفرع الجيش 200 ألف فرد.
ويصنف الجيش الاسرائيلي في المرتبة الـ 17 بين أكثر جيوش العالم إنفاقا بميزانية دفاع تقدر بـ 24.3 مليار دولار في العام الجاري. ( المصدر : Sputnik - يونيو 2023 )
الفصائل بم .. تقاتل ؟!
إذا نحينا الأساطيل الأميركية جانبا مع عناصر قوات الدلتا فورس ، و معها بريطانيا و فرنسا و ألمانيا و آخرين من أمثالها أشكال و إشكال ، فما هو وضع قوة الفصائل أمام هذه القوى غير المتكافئة قتاليا و لا منطقيا !
نستعرض هذا التقرير المفصل و الذي يوضح ، بأن موازين القوة غير المتكافئة هي التي تتحكم في سير العمليات القتالية في ميدان " غزة " ، و ليس غيرها .
رغم التفاوت الهائل في موازين القوى العسكرية بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، المسيطرة على قطاع غزة، إلا أن الهجوم المفاجئ "طوفان الأقصى" الذي نفذته الحركة يوم السبت 7 أكتوبر/ 2023 كشف عن مستوى جيد من التسليح والتدريب، وظهور أسلحة نوعية بيد حماس كما يرى مراقبون.
وجاء الرد الإسرائيلي سريعا بعملية "السيوف الحديدية" باستخدام أسلحة مدمرة ومتطورة سواء من ترسانتها العسكرية أو من الترسانة الأمريكية، بعد أن قررت الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بذخائر وأسلحة حديثة للرد على الهجوم المباغت .
أسلحة حماس
كشفت حماس خلال عملية "طوفان الأقصى" عن أسلحة نوعية جديدة فاجأت الجميع - حتى الإسرائيليين أنفسهم، كان منها الطائرات المسيرة محلية الصنع، والطائرات الشراعية التي حملت مقاتلي حماس إلى مسافة 25 كيلومترا داخل البلدات الإسرائيلية، وقنابل حارقة دمرت آليات ودبابات إسرائيلية، بالإضافة إلى صواريخ جديدة بعيدة المدى وصلت تل أبيب، ومنظومة دفاع جوي محلية الصنع أطلقت عليها اسم "متبر ١ "
وأثيرت العديد من التساؤلات عن كيفية حصول الحركة على الأسلحة وتطويرها بهذا الشكل والتدريب عليها، رغم أنها محاصرة في منطقة مساحتها 350 كيلومتر مربع وتحت رقابة إسرائيلية صارمة وحصار بحري وجوي وبري.
وقال علي بركة، رئيس العلاقات الوطنية لحماس في الخارج، لبي بي سي من لبنان: "لدينا مصانع محلية لكل شيء، للصواريخ التي يتراوح مداها 250 كم، و160 كم، و80 كم، و10 كم. لدينا مصانع لمدافع الهاون وقذائفها .
وأضاف: "لدينا مصانع للكلاشينكوف ورصاصها. نحن نصنع الرصاص في غزة".
وكانت حماس تستغل المواجهات السابقة مع إسرائيل لتطوير أنظمة التسليح، خاصة الصواريخ والطائرات المسيرة.
وأظهرت الصور المتداولة عن عملية "طوفان الأقصى" أسلحة قديمة ومتطورة مع مقاتلي حماس، منها رشاش سوفيتي قديم من طراز دوشكا، عيار 0.50، تم تعديله وتجهيزه ليناسب شاحنة صغيرة ويشغله شخص واحد.
ويصف الخبير العسكري اللواء صفوت الزيات، هذا السلاح بأنه "مصمم لاختراق المركبات والطائرات العسكرية خاصة المروحيات".
وحصلت حماس على كميات منه من عدة مصادر مختلفة مع آلاف البنادق الهجومية الروسية والصينية وحتى الكورية الشمالية، سواء من سوريا أو العراق أو ليبيا وتدفقت الأسلحة إلى غزة بعد سقوط نظم القذافي في ليبيا عبر شبكات التهريب، بحسب تقارير صحفية سابقة.
كما استخدمت حماس صواريخ كورنيت الروسية الصنع المضادة للدبابات، وقد أثبتت الصواريخ الموجهة بالليزر فعاليتها ضد دبابات ميركافا الإسرائيلية، وكذلك نظام صاروخي مضاد للدبابات يسمى بولسي BULSAE، وهو فعال في التصدي للآليات والمدرعات الإسرائيلية، حسبما أفاد موقع إنسايدر الأمريكي.
وأشار الموقع أيضا إلى هناك بنادق القناصة بعيدة المدى، مثل بنادق Steyr HS.50 النمساوية، التي ظهرت مع مقاتلي حماس.
وتم التعرف على قاذفة الصواريخ التي يحملها أحد المقاتلين على أنها من كوريا الشمالية من طراز F-7 .
المسيرات
كانت المسيرات، سواءً القاذفة أو الانتحارية، من المفاجآت التي أظهرتها حماس في هذه المواجهة، ونشرت الحركة فيديو لعملية استهداف جنود إسرائيليين بقنبلة أسقطتها مسيرة محلية الصنع، وفيديو أخر لاستهداف أبراج مدافع رشاشة في موقع إسرائيلي على طول الحدود.
وأوضح اللواء صفوت الزيات: " يبدو أن الطائرات بدون طيار في هذا الفيديو تستهدف أجهزة الاستشعار التي تراقب السياج الذي يفصل غزة عن إسرائيل، وهو ما يعني التمهيد الذي سبق الهجوم".
وقال : "حماس دخلت عصر منصات القتال غير المأهولة، وطورت مسيرات بتكنولوجيا بسيطة وجلبت مكوناتها بشكل لا يثير الشك ومن قطع غيار الدراجات النارية والسيارات، مثلما صنعت إيران مسيرات شاهد بإمكانيات بسيطة".
وكان هناك تطوير أيضا للمسيرات الانتحارية بحسب الزيات، وأظهر مقطع فيديو إطلاق هذه المسيرات من جانب مقاتلي حماس لتصيب أهدافها خارج حدود قطاع غزة.
ويوضح اللواء سمير راغب، الخبير العسكري والمتخصص في التسليح، أن "حماس حصلت على التكنولوجيا من إيران، والمسيرات الفلسطينية من طراز "الزواري" تصنع من معادن بسيطة وفيبر جلاس"، وهي تكلفة رخيصة جدا وبإمكانيات بسيطة .
وعن محركات الأجزاء المعقدة، قال راغب إن "المحركات بسيطة جدا وغير معقدة من الدراجات النارية أو بعض قطع غيار السيارات التي تسمح إسرائيل بدخولها".
وأضاف: "وبالنسبة للتوجيه فإنها تعتمد على أجهزة بسيطة موجودة في الأسواق وتباع للمستهلك العادي، بعضها يأتي من لعب الأطفال التي تنتجها الصين ودول أخرى، لكنها فعالة في المسيرات الانتحارية التي لا تحتاج لتطور كبير".
الطائرات الشراعية
كشفت حماس عن سلاح نوعي هام وهو الطائرات الشراعية، التي نقلت مقاتلي حماس إلى داخل البلدات الإسرائيلية ومعهم الأسلحة والمتفجرات، وبحسب تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية، فمن الصعب أن يرصدها الرادار الإسرائيلي لضعف بصمتها الرادارية فضلا عن طيرانها على ارتفاعات منخفضة.
وقالت الشبكة إنها تستخدم الرياح للدفع للأمام وللأعلى، أو المظلات التي تعمل بالطاقة، والتي تحتوي على محرك، وغالبا ما تُستخدم للترفيه، لكن حماس حولتها إلى سلاح فعال.
وعن مدى فاعليتها يقول اللواء الزيات، إنها حققت عنصر المفاجأة والانتقال السريع لمقاتلي حماس من غزة إلى أهدافها بعيدا عن العوائق المختلفة مثل السياج العازل أو حقول الألغام، فضلا عن تحديد مواقع محددة للسيطرة عليها داخل البلدات الإسرائيلية لحين عبور بقية المقاتلين.
يقول بوليمروبولوس ضابط سابق في الاستخبارات المركزية الاميركية لسي إن إن، أن استخدام الطائرات الشراعية مؤخرا يذكرنا بهجوم مماثل للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في إسرائيل عام 1987، وأسفر عن مقتل العديد من الجنود، وأن التدريب على استخدامها تم خارج غزة، ثم انتقل الخبراء لتدريب العناصر بالداخل.
الصواريخ
تمثل الصواريخ القوة الضاربة لحركة حماس في هذه الحرب، واستطاعت استخدام أنواع مطورة منها "عياش 250" الذي ضرب أهدافاً بعيدة المدى ووصل إلى تل أبيب، بجانب منظومات أخرى مطورة محليا تسببت في إرباك منظومات الدفاع الإسرائيلية.
ويوضح اللواء الزيات أن حماس "تمتلك الآن ترسانة صواريخ متطورة، وعياش 250، الصاروخ الأحدث في منظومة تسليح حماس، وهو تطوير للصاروخ الإيراني فاتح 10، لكن بخبرة فلسطينية، واستخدم في ضرب مركز قيادة المنطقة الشمالية في صفد".
وعن كيفية تطوير حماس هذه المنظومة يقول الزيات: "منذ 2005 وانسحاب إسرائيل من غزة، لم تكن حماس تملك شيئا ثم طورت صواريخ القسام 1، 2، ولم يكن مداها يتجاوز 19 كيلومتر، ثم جاءت مواجهات عملية "الرصاص المصبوب" في 2009 وما بعدها من مواجهات وعمود السحاب في 2012 وحارس الأسوار في 2021، لتشهد تطوير منظومات تسليح أخرى".
في 2012 كشفت حماس لأول مرة عن صاروخ يقصف تل أبيب من طراز إم 75، ثم أر 160 (الرنتيسي) ومداه 160 كيلومتر، صاروخ أية 120 (العطار 120)
وأكد راغب أن التطوير لم يشمل فقط منظومة الصواريخ بل أيضا "تقنيات استخدامها لإرباك إسرائيل"، حيث "يتم التصنيع والتوجيه من داخل الأنفاق، وهي ضخمة جدا وتستوعب منصات صواريخ وورش لتصنيعها".
ويضيف: "يتم القصف من تحت الأرض، عبر بوابات تفتح للإطلاق ثم تغلق مرة أخرى، وتتحرك المنصة تحت الأرض، ولا يمكن اكتشاف مكانها".
وكشف اللواء الزيات عن "برنامج تطوير تعمل عليه حماس حاليا، لأنظمة تشويش واستشعار، ولو حدث ذلك فسوف يقلب موازين الحرب"، فالوصول لمنظومات الحرب الإلكترونية سوف يكون "تهديدا مباشرا لإسرائيل وقدرتها على كشف الردارات وخداعها وحتى ضربها".
الدفاع الجوي
نشرت حماس فيديو لمنظومة صواريخ دفاع جوي "متبر 1" لاستهداف الطيران الإسرائيلي، وكذلك لمجموعة من عناصرها تحمل صواريخ على الكتف للدفاع الجوي، وعمليات التصدي لطيران إسرائيل عن طريق صواريخ محمولة على الكتف، وأخرى أُطلقت من منصات أرضية.
لكن صواريخ حماس من دون أي أجنحة للمناورة، مما يضعف قدرتها على الاستهداف، وهي مخصصة أكثر للمروحيات والمسيرات ولا تتعامل مع الأهداف المرتفعة والسريعة.
أسلحة إسرائيل
أخرجت إسرائيل كل ما بجعبتها في هذه المواجهة، واستخدمت أحدث ما في ترسانتها من قنابل وصواريخ موجهة وخارقة للتحصينات، والتي دمرت أكثر من 30 ألف منزل ومبنى سكني في غزة خلال خمسة أيام فقط، بحسب إحصاءات رسمية فلسطينية.
ويقول خالد ماجد، من داخل غزة لبي بي سي، "منزلنا قصف ثلاث مرات من قبل وكان التدمير بسيطاً، ونعيد في كل مرة البناء والترميم، لكن هذه المرة المنزل إنهار تماما من قنبلة واحدة، ولم يعد له وجود، إنه أمر مرعب فعلا".
وبحسب صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، فإن إسرائيل استخدمت كل ما تملك في القصف المركز، من قنابل خارقة للحصون وصواريخ لضرب الأنفاق من نوع "هالبر"، حصلت عليها من الولايات المتحدة.
وحصل الجيش الإسرائيلي منذ سنوات على " 750 قنبلة خارقة للحصون والأنفاق و3000 صاروخ من نوع "هالبر" المخصصة للمروحيات الهجومية، وآلاف القنابل الموجهة بنظام GPS بهدف تدمير البنية التحتية للقطاع، بالإضافة إلى 50 قنبلة خارقة للحصون من نوع BLU-113 و700 أخرى من نوع BLU-109.
ويوضح اللواء الزيات، أن إسرائيل تنوي هذه المرة إعادة غزة للوراء 50 عاماً، وإعادتها إلى عصر المخيمات، وهي تستخدم أحدث ما في الترسانة الأمريكية المفتوحة الآن أمامها.
هيومان رايتس ووتش قالت إن إسرائيل استخدمت الفوسفور الأبيض المحرم دوليا في غزة
منذ هجوم حماس على إسرائيل، قالت إدارة بايدن إنها تزود إسرائيل بمعدات لتحويل "القنابل الغبية" أو غير الموجهة إلى ذخائر موجهة بدقة بالإضافة إلى قنابل صغيرة القطر (SDBs) التي يقول الخبراء إنها أسلحة فعالة لضرب أهداف تحت الأرض، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
ويؤكد الزيات أن إسرائيل "تكثف من استخدام الأسلحة المحرمة دولياً مثل الفوسفور الأبيض واليورانيوم المنضب"، في عقاب جماعي لسكان غزة، كما تعتمد الأسلحة الإسرائيلية على مواد مشعة ومحظورة دوليا، لإلحاق أكبر قدر من الدمار بالمباني وإسقاط أكبر عدد من الضحايا.
وقالت صحيفة واشنطن بوست، إن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر لبيع أسلحة دقيقة التوجيه لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار.
واختار الجيش الإسرائيلي زيادة ترسانته من قنابل GBU-28 الأمريكية، والمصممة لاختراق أهداف محصنة في أعماق الأرض، على الرغم من أن القنابل تترك حفراً هائلة ويمكن أن تلحق خسائر فادحة في صفوف المدنيين.
وتستخدم إسرائيل أيضا طائرات إف 35 الشبح، وقال ضابط إسرائيلي لصحيفة يديعوت أحرنوت، إن قدرات إف 35 الشبح تم استخدامها لأول مرة في غزة للرصد الاستخباراتي لبعض الأهداف، وهي تستخدم بالأساس على الجبهة الشمالية، وفي مناطق بعيدة جدا عن حدود إسرائيل.
وعلى الرغم من أن إسرائيل تمتلك تكنولوجيا متطورة للكشف عن أنفاق حماس، فإن الشبكة تحت الأرض ستشكل تحديات خطيرة للجيش الإسرائيلي، وفقاً لبرادلي بومان، مدير مركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
وقال برادلي للصحيفة الإسرائيلية، إن "حماس ربما قامت بتخزين كميات كبيرة من الغذاء والماء والأسلحة والذخيرة في تلك الأنفاق، انتظارا للمعركة الأرضية، لذلك فإن استخدام طائرات الشبح هام".
واستخدمت إسرائيل أيضا قنابل "جدام" الذكية، وتستخدم القنابل الذكية التي تسمى "جدام" JDAM بكثرة خلال غاراتها العنيفة التي تشنها على قطاع غزة، والتي خلّفت دمارا كبيرا، وهي من قنابل الهجوم المباشر المشترك عالية التدمير التي تقدمها الولايات المتحدة دعما لإسرائيل.
وتعمل قنابل جدام على تحويل القنابل غير الموجهة إلى سلاح "ذكي" دقيق، إذ تستخدمها لضرب أهداف في غزة من الجو، ويصل مداها إلى 28 كيلومترا، ويتراوح وزنها بين 558 رطلا و 2000 رطل، ويمكن إطلاقها من ارتفاع 13.5 كيلومتر، أما توجيهها فيتم بالقمر الصناعي ويمكنها خرق التحصينات.
ويجري التنسيق بينها وبين الولايات المتحدة لوضع خطة الاجتياح والتعامل مع الأسرى لدى حماس ومنهم أمريكيين.
وعن العملية البرية وأسلحتها، يقول اللواء الزيات إن "الجيش الإسرائيلي غير معتاد على حرب المدن، وينتظر مساعدات أمريكية وغربية تساعده في القتال في المناطق السكنية وفي الأنفاق".
وأضاف أن من هذه الأسلحة "معدات الاستشعار والرادارات البشرية وأجهزة التصوير الحراري، وطائرات مسيرة دقيقة الحجم، واسلحة تساعدها في القتال داخل المنازل .
ومن الأسلحة الرئيسية التي تعتمد عليها إسرائيل حاليا سواء في القصف الجوي أو الأرضي، أو في عمليات الاقتحام، دبابات ميركافا، وهي دبابة القتال الرئيسية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن النموذج المرشح للاستخدام بقوة في غزة Mark 4، لأنه الأفضل حاليا من حيث التكنولوجيا والتسليح والتدريع ويمكنه التصدي لهجمات حماس وقاذفاتها أثناء الاقتحام الأرضي.
هذا بالإضافة إلى ناقلات الجنود المدرعة، أو APCs، وهي أخف بشكل عام من الدبابات القتالية الرئيسية، وكذلك ناقلة الجنود المدرعة إيتان الجديدة، ذات عجلات 8 × 8 متعددة الأغراض، وتهدف إلى استبدال ناقلات الجنود المدرعة M113 الأقدم التي استخدمها الجيش الإسرائيلي سابقًا .
وتتمتع "إيتان" بقدرات عالية من القوة النارية والقدرة على الحركة، بما في ذلك في أنواع مختلفة من التضاريس.
وتتلقى إسرائيل أيضًا مساعدات عسكرية من دول غربية أخرى. وفي ألمانيا، وافق المسؤولون على استخدام طائرتين بدون طيار من طراز Heron TP في غزة من أصل خمس طائرات مؤجرة للبلاد، حسبما ذكرت رويترز. (
عبدالمنعم حلاوة - بي بي سي - القاهرة - 16 أكتوبر/ 2023 - بتصرف )
“ ولولة “ إسرائيل.. والطائرة الورقية !
مسؤولي الحرب والدفاع عن إسرائيل الضحية، يولولون ويتوعدون الفلسطينيين بالويل والثبور من قوة سلاح الجو الفلسطيني، وبالأخص، الطائرات الورقية التي دمرت قرابة 25 ألف دونم من الأراضي الإسرائيلية المزعومة، وقرابة 450 مزرعة في غضون أيام مسيرة يوم الأرض الذي قتلت كل أسلحة الدولة المحتلة 120 شهيد، ولم يستطع سلاح الجو الفلسطيني المرعب جرح جندي واحد خلال هجمة المسيرة السلمية التي لم تتحول إلى حربية بعد.
دولة إسرائيلية تعيش غرائبية الواقع المفروض على أصحاب الأرض بلا شركاء، وعندما يتحول هذا الصراع إلى مواجهات حربية ضد السلمية، تضع إسرائيل كافة عقبات التبرير، وترتعب من ردة الفعل بالمقلاع وحجارة الطرقات وزجاجات الأطفال الرضع، المرصعة بالإيمان الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية التي كانت غولدمائير حاملة لجواز الدولة الفلسطينية من قبل ' وعد بلفور'المشؤوم والذي دفع الفلسطينيين إلى الشتات في الأرض، بعد حرق المستندات والممتلكات أمام شهود العدالة الدولية التي أنشأت ' عصابة الأمم' ومن بعدها ' الأمم المتحدة ' التي اتحدت على إعطاء صك بيع فلسطين عبر قراراتها غير النافذة لدى المغتصب منذ أكثر سبعة عقود ولا زالت القضية قيد التداول الديمقراطي، كمشروع سلام .
لقد إعترف بعض ساسة إسرائيل أنهم وضعوا الفلسطينيين كلهم في زجاجة كالصراصير ولم يدركوا أنهم مع مرور الزمن تحولوا إلى دبابير تحاربها إسرائيل بالدبابات وطائرات الf 16 المعدلة والصواريخ ومروحيات الأباشي وكافة الأسلحة المتطورة التى لم تستطع أن تقضي على هذه الدبابير، حتى وصل بإسرائيل الأمر ، إلى تقديم شكوى لمجلس الأمن تطلب الإنصاف مما تعانيه من لسعات الدبابير التي تستخدم سلاح الطيران الثقيل ضدها في كل مناسبة إحياء ذكرى الأرض المسلوبة.
إذا كانت إسرائيل تدرك هذه الحقيقة الفلسطينية، فلماذا تماطل في اعادة الحق إلى أصحابها، وفق مشروع السلام المجمع عليه إقليميا ودوليا .
وفقا لميزان القوى بين طرفي الصراع المستدام، فمن حق الفلسطينيين على المحتل ألا يختل في التعامل مع المغلوب على أمره ولا يملك حق الدفاع عن نفسه حتى بالمقلاع.
أقول لو كان المحاصر في مثل هذه الظروف قطا أليس من حقه وفق لوائح حقوق الحيوان أن يدافع عن حق البقاء ولو قتل محاصريه من الأعداء الذين يبحثون عن سراب السلام وسط الألغام.
إسرائيل لا تعمل أي حساب ل 22 دولة عربية تضعها في خانة الأغيار وهو كجزء من ضريبة الإستكبار في الأرض.
ولكن تعمل ألف حساب لسلاح الطيران الفلسطيني ، و تواجهها بأعتى وأفتك الأسلحة التي مرت على البشرية منذ الخليقة .
هذا سلوك عصابة تقوم الهاجانا فيها ببقر بطون الحوامل، وسجن الأطفال القصر مع عتاة المجرمين، ويقوم أمثال بيجن بإطلاق الرصاص الحي على رؤوس الفلسطينيين تلذذا، ويقوم نتنياهو بتأليف نظريات أسماك القروش التي تدخل الرعب إلى قلب كل فلسطيني يقوم بمجرد التفكير في إطلاق الطائرة الورقية على تل أبيب !
يعتقد البعض مع إسرائيل ، بأنها قوة جبارة لا تقهر ونحن نتحداها أن تمارس الديمقراطية الوحيدة كما تزعم في الشرق الأوسط مع الفلسطينيين مرة واحدة في تاريخها المصنوع بأيدي أميركية وأوروبية.
بدل أن يعلوا صراخها وعويلها حول سلاح الجو الفلسطيني التي لا زالت ترعب إسرائيل على مسافة شهر من حدودها المجهولة.
لم تصبح إسرائيل إلى هذه الساعة دولة طبيعية وفق القوانين والأعراف الدولية التي تنظم علاقات الدول في كافة المجالات ، السيادية أولا ثم السياسية وتوابعها.
فهي أقرب في سلوكها مع العالم من حولها، وبالأخص من غرست خنجره المسموم في قلبها ، ومزقت شرايين الوصال فيما بينها، فهي أكثر صلة بأفراد عصابة إختلفت على تفتييت الغنيمة حتى تضيع بين القبائل في غابر الأزمان .
أكثر من سبعة عقود عجاف من تصادم صراع الإرادات مع الإدارات المتغيرة أسفرت عن انهزام الثانية واستمرار الأولى في انتصاراتها ، وإن استخدمت الورق كسلاح جوي لتحطيم الإرادة الإسرائيلية قبل إداراتها، أليس في هذا قمة الإعجاز والتعجيز؟!
توازن القوى مع المحتل .. مستحيل كيف ؟!
شعب قد احتلت أرضه عنوة من إسرائيل منذ عقود ، مطالب أن لا تختل لديه موازين قوى طرد المحتل من أرضه !
كل الحروب البشرية ، دارت عبر مسارات غير متكافئة ، و نحن العرب و المسلمين ميزاننا في القرآن الكريم و ليس في ما يدرس في الأكاديميات الحربية شرقا و غربا " و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة " إذا غُزيتم .
و إن كنت معدوما من جميع أنواع الأسلحة بقوة الحظر و الحصار ، و تستطيع أن تدافع عن أرضك بأسنانك و أظفارك و جب عليك ذلك ، لأن هذا هو حد استطاعتك و إن مت ، مت مكرما و ليس بهيما .
نقرب المسافة ، حتى لا نذهب ركضا إلى العصور الغابرة ، أول معركة في حياة نبي الرحمة و الملحمة ، في " بدر " نتلوا تفاصيلها في سورة " الأنفال " إلى يوم الدين ، أين ميزان القوى بين جيش الإيمان ، و جيش الطغيان ، ثلاثمائة مجاهد ، مقابل ألف كافر ، لم ينظر الله إلى صور المسلمين المستضعفين ، و لا إلى ملابسهم المهترئة ، و لا أرجلهم الحافية ، و لا إلى بطونهم الخاوية ، بل نظر إلى قلوبهم ، فكافأهم بثلاثة آلاف من الملائكة مسومين .
أما في حنين فقد اغتروا بكثرتهم على أعدائهم ، فهزم المسلمون ، لأن الغرور و الكبرياء يشلان من مفعول الإيمان في القلوب ، القلة و الكثرة في العدد و العُدد ليست ميزانا معتبرا عند الرحمن سبحانه .
نأتي إلى معركة " ملاذ كرد " التي قادها السلجوقي " ألب أرسلان " ، حين وقعت في أضعف فترات حكم الخلافة العباسية ، التي كان يحميها 2000 من الجند ، فاستعان الخليفة بالسلاجقة لحماية عرشه من غزو الصليبيين الذين جيشوا جيوشا لا قبل لأحد بها في ذاك الزمن .
كان تعداد جيش " أرسلان 25 ألف مجاهد ، إضافة إلى ألفي محارب عند الخليفة العباسي .
أما تعداد جيوش الصليبيين فقد قارب 650 ألف محارب سلاحه الأول الحقد الدفين على الإسلام و المسلمين .
موازين القوى هنا تفصح عن عملية إبادة جماعية اشتركت فيها كل الدول الأوروبية آنذاك للتخلص من هذا " الإسلام " الذي ذات القوم اليوم يسمونه " السرطان "
هذه عملية انتحارية بكل المقاييس البشرية التي ليس لديها عقيدة صحيحة تبذل الغالي و النفيس للذود عنها ، فأي عاقل لا تخطئها البصيرة بضرورة الانسحاب ، نقول عندما يتعطل مفعول العقل تتدخل موازين الإيمان " و ليربط على قلوبكم و يثبت به الأقدام "
لقد استطاع " ألب أرسلان " سحب تلك الجيوش الجرارة إلى منطقة " ملاذ كرد " الجبلية ، و من ثم محاصرتهم في زاوية ضيقة على هيئة قوس ، محاطة بسلسلة جبال لا يستطيع فأر أن يعبر منها ، فتحلق حول ذلك الجيش الذي ظن أنه لن يُهزم أبدا قياسا على ماضيه الدموي ، إلا أنهم وقعوا في كمين متين و مَهين ، حيث قتلوهم عن بكرة أبيهم في معركة دفاعية صرفة ، بمعنى أن الجيش المسلم لم يذهب إلى ديار الصليبيين لقتالهم ، هم المهاجمين و المسلمين لم يقوموا إلا بفعل الدفاع لا غير فهزموهم بإذن ربهم .
و يقر بهذا كل الخبراء العسكريين في هذا العصر الذي اختلت فيه موازين القوى بحق القوة الدولية الغاشمة و ليس بقوة الحق العادلة .
في كل الحروب الكونية عبر التاريخ الإنساني المدافع عن أرضه و عرضه و ماله و نفسه أقوى من أعتى أسلحة المهاجمين .
يقول الخبراء في الشأن العسكري ، بأن ميزان الالتحام بين الفرد المدافع و المهاجم عند بداية الحرب يكون بمعدل ، واحد يصرع ثلاثة ، و كلما اشتد الالتحام حتى يصل أقصاه الصفري ، فواحد هنا يغلب 26 ، و هذا ينطبق حرفيا على ملحمة " ملاذ كرد " التي أرعبت أوروبا ذلك الزمان لقرون ، و هو مصداق حديث المصطفى " نُصِرت بالرعب مسيرة شهر "
و لكن من المهم للغاية أن نذكر أيضا ، بأن هذا القائد الذي انتصر على الصليبيين في " ملاذ كرد " ، لم يهزمه بعد ذلك إلا الكبر كيف ؟!
بعد فراغه من الحروب الخارجية ، تفرغ للمزعجين من الداخل و كانت الدولة " الخوارزمية " واحدة من هؤلاء .
حارب قائدها حتى قام بأسره ، ثم نظر إليه قائلا : أهذه معاملة يعامل بها من قاتل قتال الرجال ؟
و أجفل " ألب أرسلان " ، كأن عقربا لسعته ، و تناول قوسه و وتر بها سهما ، و قبل أن يطلقه أمر الحراس بترك الأسير ، و لكنه لم يصبه فانقض عليه ، طعنا في خاصرته بسكين كانت مخبأة في ثيابه .
و الحق أن " ألب أرسلان " مات بعد أربعة ليال من الاحتضار اعترف أثناءها بسبب هزيمته قائلا : " كنت أمس استعرض عسكري من فوق تل فشعرت بالأرض ترتجف تحت وقع أقدامهم فقلت في نفسي : أنا سيد الدنيا ! فمنذا يستطيع أن يَعْدِلني ؟ و لقد بعث الله إلي على صلفي و غروري بأحقر الناس ، بمغلوب أسير في طريقه إلى الموت ؛ و تبين أنه أقوى مني فضربني و أوقعني عن عرشي و قضى على حياتي " ( المصدر : ص 65-66 / من رواية " سمر قند " - أمين معلوف : الطبعة السابعة/ الناشر : دار الفارابي - بيروت )
نظرية.. " النمل و الفيل " ؟!
أعود من ميدان المعركة إلى السياسة التي يفترض لها أن توقف صوت المعارك ، حتى يتفرغ العالم للسلام ، و لكن ما يجري اليوم في غزة ، نرى بأن العالم الذي يتشدق بالسلام و على رأسه أميركا تحلل الأسلحة المحرمة دوليا لإسرائيل و هي التي ترسل إليها المحرمات الثقال .
نرى في وسط هذه الأزمة بأن العالم العربي و الاسلامي هو " النمل " ، و العالم الغربي هو " الفيل "
و لكن من غرائب هذه النظرية السياسية ، بأنها تفترض بأن هذا النمل بعد سنوات طويلة من التعامل مع الفيل المخيف بضخامته ، أدرك نقاط الضعف في عدوه أو خصمه و كذلك حليفه و صديقه .
ترى ما هي خلاصة هذه النظرية غير الحربية ؟!
لو وضعت الفيل و النمل في غرفة مغلقة ، و دارت بينهما معركة مصيرية ، فإن الغلبة لا محال للنمل ، بالرغم من أنياب الفيل التي لا يستهان بها ، و طول خرطومه الذي لا حدود له ، و ضخامة أرجل الفيل و قدرته على سحل العدو ، إلا أن المعركة التي تدور في هذه الغرفة الضيقة نتائجها كارثية على الفيل ، ما أن يدخل النمل أذن الفيل و يستقر في قاعها ، حتى تشتعل المعركة بينه و بين النمل المتحصن في قعر أذن الفيل ، فيثور الفيل في موجة دوران حول نفسه ، حتى يرتطم بجدران الغرفة ، بلا جدوى إلا أن يستسلم للموت الزؤام .
هنا لا نتحدث عن الحروب ، عن نظرية النمل المنتصر على الفيل الهائج ، فأين موقف العالم العربي و الاسلامي من هذه النظرية السياسية في حل الصراعات طويلة المدى كالصراع الدائر اليوم على أرض فلسطين بين النمل الفلسطيني و الفيل الإسرائيلي .