الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
أحمد ابو القاسم

الدكتور عادل اليماني يكتب : الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، والْفَوْزُ الْكَبِيرُ ، والْفَوْزُ الْمُبِينُ

باور بريس

طريقُ الْفَوْزِ  خُلاصتُه  : مَنْ أصلحَ مابينَه وبينَ اللهِ ، أصلحَ اللهُ ما بينَه وبينَ الناسِ ، ومَنْ أصلحَ سَرِيرَتَه ، أصلحَ اللهُ علانيتَه ، ومَنْ انشغلَ بأمرِ آخرتِه ، كفاه اللُه أمرَ دُنياه وآخرتِه.
وأشدُ أنواعِ الخَسارةِ ، أن تكونَ الجنةُ عرضُها السمواتُ والأرضُ ،  ولا تجِدُ  لكَ مكانٌ فيها !!
يَذْكُرُ اللهُ  سُبْحَانَه وتَعَالَى ، ثلاثةَ أنواعٍ من الفوزِ : يذكرُ الْفَوْزَ الْعَظِيمَ ، والْفَوْزَ الْكَبِيرَ ، والْفَوْزَ الْمُبِينَ . 
وبترتيبِ قوةِ الفوزِ ، يأتي الْعَظِيمُ أولاً ، ثم الْكَبِيرُ ، وأخيراً الْمُبِينُ .
نبدأُ من الخلفِ للأمامِ ، من الأقلِ للأكبرِ ، فَهَذَا  (الْمُبِينُ)  والذي يعني فقط ، واحداً من أمرين ، أو كليهما معاً  ، يعني صَرفَ العَذابِ ، أو الدخولَ في الرحمةِ  ، أو صرفَ العذابِ ، والدخولَ في الرحمةِ مُجْتَمِعَين :
(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) الأنعام) 
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) الجاثية) .
المستوي إلي هَذَا القَدرِ ، يرتبطُ بالنجاةِ من العَذابِ ، وهَذَا فوزٌ ، والتَنَعُّمِ برحمةِ اللهِ تَعَالَى ، وهَذَا فوزٌ آخرُ ، وكلاهُما رائعٌ ، يدعو إلي الفرحةِ والسعادةِ :  قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ .
ورَغمَ قوةِ ذَلكَ الفوزِ ، إلا أنَّه يبقي قبلَ  الجَنَةِ ، وأقلَ منها ، إذْ هو فوزُ النَجاةِ  .  
أما ( الْكَبِيرُ  ) فقد وردتْ في موطنٍ واحدٍ ، في سورةِ البروج : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)). 
مُقامٌ أعلي ، هو مُقامُ الجَنةِ ، التي تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ، ولذلكَ هو فوزٌ أكبرُ من الْمُبِينِ ، هو الْفَوْزُ الْكَبِيرُ  .
ويقيناً لا يأتي بعدَ الْمُبِينِ والْكَبِيرِ ، إلا ( الْعَظِيمُ ) : ( قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) المائدة).
ما الزيادةُ عن الْكَبِيرِ ؟ 
في الْفَوْزِ الْكَبِيرِ : هُناك جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ  .
وفي الْفَوْزِ الْعَظِيمِ : هي نَفسُ الجَنَّاتِ ، ونفسُ الأنهارِ ، ومعها أمرانِ غايةٌ في الخُطورةِ والعَظَمةِ والروعةِ : معها الخُلودُ ، ومعها رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عنهم ، ورضاهم عنه سُبْحَانَه .
جَمالٌ يفوقُ الخيالَ ، واحترامٌ للعقلِ ، يتخطي كُلَ الحدودِ ، فَمِنَ المنطقيِّ ، أنْ تبدأَ رحلةُ المؤمنِ مع السعادةِ من : 
الفرارِ من العذابِ ، إلي دخول الجنةِ مع عُمومِ المؤمنين  ، ثم  إلي دخولِ الجنةِ مع الصَفوةِ المُنتقاةِ .
يعني درجة ثالثة وثانية وأولي ، حتي لو في المكانِ نفسِه !
منتهي السعادةِ ، الراحةُ الأبديةُ . 
عشْ مائةَ عامٍ ، عُمْرٌ طويلٌ ، ومع طُولِ هَذَا العُمْرِ ، قد تبقي في قبرِك ألفَ عامٍ ! ماذا لو لم تكنْ من أهلِ الجَنَةِ ؟! لا قدرَ اللهُ ، ثم ماذا تصنعُ يومَ الْفَصْلِ ، عندَ نصبِ الموازينِ ، ونشرِ الدواوين ؟! 
إذنْ الفوزُ هدفُك الأوحدُ  ، الذي يبقي بعدَ مماتِك ، ولذلكَ  : فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ.
ويَبقي السؤالُ ، كيفَ يتحققُ الفوزُ ؟ 
الإجابةُ بسيطةٌ : في سورةِ الفاتحة التي نقرأُها في كُلِ صلاةٍ : 
الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ، تطلبُ الرحمةَ ، أليسَ كذلكَ ؟ 
من اللهِ وحدَه ، الذي هو مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ ، فهل أنتَ متيقنٌ من هَذِه الحقيقةِ ؟ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ  ؟
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، هل عَبدتَ غيرَه ؟ ولو دونَ أن تدري ؟! بشركٍ خَفيٍّ ؟
هل اعتقدتَ يوماً ، أن هُناكَ غيرَه ، يمكنُ أن ينفعَك أو يَضُرَك ؟ 
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، هل هَذِه الهِدَايةُ ، قضيةُ حَياتِك ؟  
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ، هل أنتَ من هؤلاءِ ، تُحبُ هؤلاءِ ، تقتفي أثرَ هؤلاءِ ، البعيدين عن الشِركِ  والضلالِ ؟
إذا كانتْ إجاباتُك : أنا استجدي رحمةَربي ، لأنَّه الملكُ وحدَه ، لا أرجو غيرَه ، ولا استعينُ إلا به ، ولا أعبدُ سواه ، استقيمُ في الدنيا ، لاستقيمَ علي الصراطِ يومَ القيامةِ ، أُحِبُ الصالحين ، وأفعلُ الخيرَ مثلَهم ، وأكرهُ الشركَ والكُفرَ والضلالَ .
إذا كانتِ الإجاباتُ كذلكَ ، فأنتَ من الفائزين فَوْزَاً مُبِينَِاً وكَبِيراً وعَظِيماً ..