دكتور عبد الله العوضي يكتب:" ترامب " .. و منطق العقاب ؟!

باور بريس

منذ الفترة الأولى، و من ثم في الفترة الثانية من تولي ترامب لزمام الأمور في اميركا ، فإن منطق العقاب و الحساب لم يفارق تفكيره ، بدءا من تمزيقه للاتفاقية النووية مع إيران و مرورا باتفاقية باريس للمناخ  .
و بدأ كذلك فترته الرئاسية الحالية  ، كأنه لم يكن رئيسا من قبل ، فقد سارع منذ اليوم الأول للتوقيع على 200 أمر تنفيذي، في سابقة لم نعهدها لدى الرؤساء السابقين، بما فيهم ترامب ما قبل اثنا عشر عاما .
لم هذه العجلة التي في نهايتها العرقلة  ، في إصدار أوامر بحاجة إلى سنوات طويلة لتطبيقها ، و التي لا تسعها فترة ترامب الحالية.
و لم يترك العالم في حال سبيله كي يدبر أموره وفق سجيته ، سرعان ما تأثر ترامب بفكرة " الضم " الإسرائيلية , و يريد تطبيقها على كندا " الولاية 52 “ هكذا بجرة قلم ، و هو ما لم يستطع القيام به " نتيناهو " في غزة والضفة خلال أكثر من سبعة عقود لم تخل من القتل و السحل حد  الإبادة ؟! 
الصين هي الشوكة العالقة في حلق ترامب في الفترتين ، عندما تفاجأ  بفارق الميزان التجاري بين البلدين ، وضع لا يصدق و لكنه واقع مشهود ، خمسمائة مليار دولار لصالح الصين و خمسين مليار دولار لصالح أميركا ، فلجأ فورا إلى سيف العقوبات التجارية دون أدني تفكير  ، خاصة و أن معظم الدولارات الأميركية في الخزانة الصينية ، رغم ذلك فرض رسوما جمركية كبيرة بمقدار 25% على الواردات الصينية إلى أميركا ، اليوم ترامب يعيد ذات القرار  مع الصين و بنسبة 10% إضافية ؟ 
بالمقابل فرضت الصين رسوم جديدة على الواردات الأميركية ، في خطوة تعيد إلى عالم التجارة الدولية حربا الكل في غنى عنها!
إعلان الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 15% على واردات الفحم و الغاز الطبيعي المسال الأميركية ابتداء من 10 فبراير  ، إضافة رسوم أخرى بنسبة 10% على واردات النفط الخام و المعدات الزراعية و بعض السيارات ستدخل حيز التنفيذ في اليوم نفسه.
إعلان خدمة البريد الأميركية تعليق استلام الطرود من الصين  . 
و عندما لم يستطع " ضم " كندا على وجه السرعة ، ألحقها بالصين في المعاملة التجارية ، حيث فرض عليها رسوم جمركية بقيمة 25  
% . 
ما هي المؤسسة التي يمكن أن تقف في وجه ترامب و تقول له : كفى ؟!
قف " للقضاء " و وفه التبجيلا ، كاد القضاء أن يكون عدولا ، مع الإعتذار للشاعر !
في الفترة الأولى لترامب أوقف القضاء الأميركي معظم القرارات التنفيذية و التي لم تتعد أصابع اليد الواحدة، و من أهمها وقف طرد سبع جنسيات مسلمة من أرضها ؟!
في فترته الثانية كذلك حدث انتكاسة قضائية جديدة لترامب على خلفية رفض محكمة الاستئناف الأميركية طلبا طارئا للسماح بتنفيذ قرار ترامب بشأن إلغاء حق الجنسية بالولادة .
توقعات برفض المحكمة العليا الأميركية طلب إلغاء " الجنسية بالولادة " ، المنصوص عليه دستوريا منذ عام 1868 .
( مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية ) 
روج ترامب لنفسه أثناء الحملة الانتخابية بأنه جاء إلى الحكم لتصفير الحروب و انهاء الصراعات السياسية، لبدء عهد للسلام العالمي لا قِبل له من قَبل ؟ 
بعد أن تثبتت أركان رئاسته صار وضعه كما نقول في أمثالنا ، أسمع كلامك يعجبني ، أرى فعلك أستعجب ، و تسمع بالمعيدين خيرا من أن تراه اختصار كل ذلك في قوله تعالى " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " لا يظنن أحد بأن هذا التوجيه الرباني خاص بالمسلمين فحسب، بل هو للناس بكل أجناسهم و أديانهم ، لأنه شأن إنساني محض ؟!
لم يترك ترامب بقراراته التنفيذية التي نفث فيها من خبث سياسته الشيء الكثير الذي يصعب وصفه ، لم يترك أحدا في حاله ، لقد أضر بالقريب قبل البعيد و الصديق قبل الغريب و الحليف قبل المختلف ، و الشقيق قبل المشاقق و المسالم قبل المحارب و المتسامح قبل المتطرف و الجار قبل الجائر ، تعرف كل ذلك في مضامين قراراته الملتبس على فهم الشعب الأميركي و الأوروبي قبل العوالم الأخرى؟!