الجمعة 07 فبراير 2025

السفير مصطفي الشربيني يكتب : سفراء المناخ... دفاعًا عن حقوق السكان الأصليين وسط أزمات التهجير والتغير المناخي

د. مصطفي الشربيني
د. مصطفي الشربيني

كتب : السفير مصطفي الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ ورئيس الكرسي العلمي للاستدامة والبصمة الكربونية بالألكسو بجامعة الدول العربية والمراقب باتفاقية باريس لتغير المناخ

في ظل التحولات المناخية المتسارعة والتحديات البيئية المتزايدة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الشعوب الأصلية وتفاقم أزمة التهجير البيئي تأتي هذه الجولة الأوروبية التي يقودها السفير مصطفى الشربيني بمشاركة ثلاثين من سفراء المناخ لتكون خطوة محورية نحو تعزيز دعم القيادة السياسية المصرية في جهودها للدفاع عن حقوق السكان الأصليين من خلال المشاركة الفاعلة في المؤتمرات الدولية الكبرى وتقديم رؤى تحليلية تستند إلى التجربة المصرية في التعامل مع تداعيات تغير المناخ  

هذه الجولة تأتي في توقيت حرج حيث يواجه العالم ضغوطًا متزايدة لتحقيق التوازن بين الأهداف التنموية والاستدامة البيئية وتشهد المؤتمرات الدولية حراكًا مكثفًا لمراجعة مدى التقدم المحرز في تنفيذ اتفاق باريس للمناخ خاصة في ظل الأزمات البيئية العالمية التي باتت تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي لمختلف الدول وتتمثل أهمية هذه الجولة في كونها منصة استراتيجية تتيح لمصر طرح رؤاها وتعزيز شراكاتها مع الأطراف الدولية الفاعلة في هذا المجال  

يُعد مؤتمر الأمم المتحدة السياسي رفيع المستوى حول المحيطات الذي يُعقد في نيس بفرنسا نقطة انطلاق رئيسية لسفراء المناخ حيث تم توجيه دعوة رسمية لمؤسسة الفريق التطوعي للعمل الإنساني برئاسة السفير مصطفى الشربيني لحضور المؤتمر بمشاركة عشرة أعضاء بهدف تقديم رؤية متكاملة حول التأثيرات المناخية على النظم البيئية البحرية ومدى تأثيرها على المجتمعات الساحلية في إفريقيا والشرق الأوسط  

تركز المناقشات في هذا المؤتمر على عدة محاور رئيسية تتعلق بتدهور الموارد البحرية نتيجة الاحترار العالمي والتغيرات الكيميائية التي تهدد التنوع البيولوجي البحري مما يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا لإعادة تأهيل النظم الإيكولوجية وضمان استدامتها كما تُناقش القضايا المتعلقة بالاقتصاد الأزرق وتعزيز استثمارات الطاقة المتجددة في المناطق الساحلية وهو ما يمثل فرصة لمصر لعرض مشاريعها الرائدة في مجال الطاقة النظيفة وإدارة الموارد البحرية  

تتمثل أهمية هذا المؤتمر في كونه أحد المؤتمرات التمهيدية لقمة المناخ المقبلة ويُعتبر منصة حيوية لمناقشة كيفية حماية المحيطات من مخاطر الانبعاثات الصناعية والتنموية غير المستدامة وتقديم مقترحات لتعزيز التعاون الدولي في الحد من تلوث البحار وتقليل المخلفات البلاستيكية التي تشكل خطرًا بيئيًا داهمًا ويأتي حضور مصر ضمن هذا الإطار لتعزيز دورها في دعم الحلول البيئية الإقليمية والعالمية  

تنتقل جولة سفراء المناخ بعد فرنسا إلى ألمانيا حيث تعقد الدورة الثانية والستون للهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية SBSTA والهيئة الفرعية للتنفيذ SBI تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ UNFCCC في مدينة بون خلال الفترة من 16 إلى 26 يونيو 2025 وهي إحدى المحطات الأكثر أهمية في مفاوضات المناخ الدولية حيث يتم خلالها مراجعة الالتزامات المناخية للدول وإجراء مناقشات علمية معمقة حول القضايا الأكثر إلحاحًا في مجال التغير المناخي  

تُعد هذه الجلسات الفنية بمثابة المرحلة التمهيدية لمؤتمر الأطراف COP30 حيث يتم تقديم توصيات علمية وتقنية لصناع القرار لمساعدتهم في وضع سياسات أكثر فاعلية للتعامل مع تغير المناخ وخلال هذه الاجتماعات سيركز وفد سفراء المناخ المصري بقيادة السفير مصطفى الشربيني على قضايا حقوق السكان الأصليين وتأثيرات التغيرات المناخية على المجتمعات المحلية بالإضافة إلى مناقشة آليات التمويل المناخي العادل وضمان استفادة الدول النامية من المساعدات المخصصة للتكيف مع المناخ  

أحد المحاور البارزة في أجندة هذه الاجتماعات هو تعزيز إدماج المعرفة التقليدية للسكان الأصليين في سياسات المناخ حيث تؤكد الدراسات العلمية أن المجتمعات الأصلية تمتلك نظمًا بيئية مستدامة أسهمت عبر العصور في تحقيق التوازن البيئي وهو ما يجعل من الضروري الاعتراف بدورها وإدماجها في خطط التكيف مع التغيرات المناخية  

تكتسب مناقشات اللجنة SB 62 أهمية كبيرة في رسم ملامح السياسات المناخية المقبلة حيث تركز الاجتماعات على تقييم مدى التزام الدول بأهداف خفض الانبعاثات وطرح خطط للحد من التأثيرات البيئية على الشعوب الأكثر تضررًا من تغير المناخ حيث تمثل حقوق السكان الأصليين أحد أبرز القضايا المطروحة للنقاش خاصة في ظل تصاعد المخاوف بشأن تزايد أعداد المهجرين بسبب الكوارث الطبيعية والأزمات البيئية  

ويؤكد السفير مصطفى الشربيني أن نجاح اتفاق باريس للمناخ لا يمكن تحقيقه دون مشاركة فاعلة للشعوب الأصلية وضمان موافقتها الحرة والمسبقة على المشروعات البيئية التي تؤثر على أراضيها حيث أن هؤلاء السكان يمتلكون معارف بيئية تقليدية قادرة على تقديم حلول عملية لتعزيز التكيف مع المناخ وتحقيق الاستدامة البيئية  

ويشدد على ضرورة الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية في مواردها وأراضيها ومنحها القدرة على الوصول إلى التمويل المناخي وإدماجها في القرارات البيئية الدولية حيث لا يمكن تحقيق عدالة مناخية حقيقية دون ضمان حق هذه المجتمعات في تقرير مصيرها والمشاركة الفاعلة في صنع السياسات المناخية  

تمثل مشاركة مصر في هذه الاجتماعات امتدادًا لجهودها المستمرة في دعم العمل المناخي الدولي حيث تأتي هذه التحركات في إطار استراتيجيتها لتعزيز التعاون الإقليمي والعالمي من أجل تحقيق العدالة المناخية وضمان تنفيذ اتفاق باريس بآليات أكثر إنصافًا للدول النامية وتسعى مصر من خلال هذه الجولة إلى تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في مفاوضات المناخ الدولية وطرح حلول مبتكرة تعتمد على التكامل بين السياسات البيئية والتكنولوجيات المستدامة  

وتؤكد هذه الجولة الأوروبية أهمية التعاون بين الحكومات والمنظمات البيئية والمجتمع المدني في بناء منظومة مناخية أكثر شمولية حيث لا يمكن مواجهة التحديات المناخية إلا من خلال شراكات دولية قائمة على العدالة والاستدامة ومشاركة جميع الفئات المتضررة في وضع الحلول المناسبة