السبت 21 ديسمبر 2024

دكتور عبد الله العوضي يكتب:فلسطين.. ماذا يعني " حل الدولتين " ؟!

باور بريس

 

هذا السؤال مطروح على طاولة المفاوضات منذ قرابة 76 عام ، و لم يحصل أحد على الإجابة الشافية و الكافية و الوافية حتى اللحظة الراهنة في حرب "غزة " 7 اكتوبر 2023 ، فضلا عن تحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أرض الواقع .
فيما الحرب على غزة مستعرة ، في الجانب الآخر يدور الحديث الممل عن ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية كحل نهائي لمشكلة القضية الفلسطينية برمتها ! 
ماذا يعني " حل الدولتين " اليوم؟!
السيناريوهات المحتملة و المتوقعة، تنحو باتجاه حلحلتها قبل تأسيسها ، بعثرتها قبل لم شملها في حكومة  وحدة وطنية جديدة، تجمع الفرقاء . 
قرابة ثلاثة أرباع أعضاء الأمم المتحدة من المحبين للسلام و الاستقرار قدموا بين يديها الإعتراف بدولة فلسطين، و مع ذلك لا وزن لها أمام " الفيتو " الأميركي.

الإجماع.. العربي

مرجعيتنا في ذلك عند بعثة دولة الإمارات لدى هذه المنظمة الأممية ، مندوب دولة الإمارات بصفته رئيس المجموعة العربية لشهر مايو 2024 قال :  لقد أعربت المجموعة العربية عن بالغ أسفها وخيبة أملها إزاء استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ، حيث أكدت أن حق فلسطين في نيل عضوية الأمم المتحدة لا جدال فيه، وأن أكثر من 140 دولة اعترفت بالفعل بدولة فلسطين ( 2/5/2024 ) 
دولة الإمارات تشارك مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، والشركاء من السعودية وقطر والأردن ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، الذي عقد في "بروكسل"
حيث  مثلت الدولة في هذه الاجتماعات، لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ومبعوثة وزير الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي؛ حيث دعت خلال المناقشات إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، والإفراج غير المشروط عن الرهائن، واحترام القانون الدولي، وتجديد التزام إسرائيل والسلطة الفلسطينية بعد إصلاحها بحل الدولتين (  وام - 30 / 5 / 2024 )
الإمارات والصين يصدران بيانًا مشتركًا بمناسبة زيارة دولة قام بها صاحب السمو رئيس الدولة "حفظه الله" إلى الصين. وفي ما يلي أبرز ما جاء فيه:
أكدنا على دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية (  وام - 1 / 6 / 2024 )
و كذلك سمو الشيخ عبدالله بن زايد، يبحث خلال اتصال هاتفي مع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، آخر المستجدات في الشرق الأوسط. وجاء خلال الاتصال: بحث جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار وتعزيز الاستجابة الإنسانية لاحتياجات المدنيين في غزة ، و السعي نحو إعادة المفاوضات بهدف تحقيق السلام القائم على أساس "حل الدولتين" (  وام - 2 / 7 / 2024 ) 
أما عن  ردة فعل الحكومة الفلسطينية على هذا الموقف الأميركي غير المسؤول، فقد جاءت من الرئيس عباس  حين رفض عقد لقاء مع وزير الخارجية الأميركي بسبب " الفيتو " ضد عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة .
و قد تم هذا الرفض للقاء "بلينكن" في رام الله وعلى هامش اجتماعات المنتدى الاقتصادي في الرياض ، فهو يريد التعبير عن الغضب الفلسطيني من مواقف واشنطن المنحازة لتل أبيب (  الشرق - 1/5/2024 ) 
و عن مصدر أوروبي قوله بأن: الرؤية العربية المطروحة في بروكسل تتضمن إقامة دولة فلسطينية ومناقشة قضايا الحل النهائي في إطار زمني محدد (  سكاي نيوز عربية - 27 /  5 /  2024 ) 
و في الاجتماع الوزاري الأوروبي-العربي حول فلسطين: نؤكد أهمية اعتراف المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية( 26 / 5 / 2024 )
و أهم ما جاء خلال مؤتمر صحفي لـ"وزير الخارجية النرويجي"، ونظيره السعودي، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي:
وزير الخارجية السعودي قال بأن: 
أمن إسرائيل يتم من خلال بناء دولة فلسطينية ، و نشجع بقية الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية . 
و أما مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فقد ذكر بان : 
حل الدولتين ليس تنازلًا مؤلمًا لإسرائيل ولا تهديدًا لأمنها . ( 26 / 5  / 2024 ) 
و لم تغب فلسطين لحظة عن أي قمة عربية، ففي  الدورة الـ33 في البحرين أكد ولي العهد السعودي على : دعم إقامة دولة فلسطينية والاعتراف الدولي بها .
و أضاف العاهل البحريني قوله بأن : إقامة دولة فلسطينية مستقلة ستنعكس إيجابًا على المنطقة  ، و تظل منظمة "التحرير" هي الممثل الشرعي للفلسطينيين (  16 / 5 / 2024 ) 
و أعلنت القمة العربية الـ33 في المنامة عن الدعوة لنشر قوات حفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين . ( 16 / 5 2024 )
و كذلك في مؤتمر دولي بالأردن للاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة: قال عباس بأن : الحل السياسي المبني على قرارات الشرعية الدولية يتطلب حصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة
نشكر الدول التي اعترفت بدولة فلسطين وندعو المزيد من الدول للحذو حذوهم ( 11 / 6 / 2024 ) 
و صرح السيسي قوله : نؤكد ضرورة انخراط كل الأطراف للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بما يسمح بالتقدم نحو حل الدولتين . ( 1 / 6 / 2024 )

في الصدارة.. دول أوروبية

أوروبا التي ذاقت ويلات الحروب الأهلية و العالمية، تدرك تماما المعنى الحقيقي لاستقلال الدول بعد معاناة طويلة مع الصراعات التي أسفرت عن نتيجة صفرية وفق موازين النصر و الهزيمة،  و بالنظر إلى العلاقات الدولية. 
لن نحصي ، بل نضرب أمثلة بينة ، لقد صرح رئيس وزراء سلوفينيا قوله : سلوفينيا ستعترف بالدولة الفلسطينية بحلول منتصف يونيو  ( 10 / 5 / 2024 ) ، و ذهبت
وزيرة خارجيتها ذات المنحى بقولها : نعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ونطالب إسرائيل بوقف استهداف المدنيين  (6/5/2024 ) 
حتى فرنسا التي كانت مندفعة سياسيا و عاطفيا في بداية الحرب، بدأت في التراجع نوعا ما، و هو ما صرح به " ماكرون عندما قال : 
أنا مستعد للاعتراف بدولة فلسطين لكن يجب أن يكون ذلك في لحظة مفيدة وليس اعترافًا عاطفيًا ( 29 / 5 /  2024 )
لقد وضع الرئيس الفرنسي قيد الوجوب و ليس ال "ينبغي  " ، فمن الذي يقرر زمن " اللحظة المفيدة و لو قال فرضا " اللحظة المناسبة " لكان وضعه أفضل .
نرى هنا بأن  علو صوت المعركة هو الحد الزمني الفاصل لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة.
و هذا الأمر بعيد عن نداء " العاطفة " التي لا علاقة لها بالسياسة. 
إسبانيا الحاضر ، أندلس الماضي العريق و الحضارة الملهمة ، من أوائل الدول الأوروبية التي حثت العالم بضرورة وجود دولة فلسطينية مستقلة في مقابل " دولة إسرائيل " ، و هي أعلم بما فعلت " يهود بها في القرون السالفة.
صرح  رئيس وزراء إسبانيا قائلا  : اعترفنا بدولة فلسطين لدعمنا حل الدولتين ولضمان حماية إسرائيل والمنطقة ( 11 / 6 / 2024 ) 
نقول حتى لو استمر الصراع قائما بين الطرفين، فهو أهون بين دولتين من انفلات الأمن والسلام بين فصائل متقاتلة . 
و يردف رئيس وزراء بريطانيا قوله  بأن: الدولة الفلسطينية حق لا يمكن إنكاره كجزء من عملية السلام ( 7 / 7 / 2024 ) 
و عندما وافقت إسرائيل على بناء نحو 5300 منزل في مستوطنات الضفة الغربية ( العربية- 5 /7 / 2024 ) 
علق وزير الخارجية النرويجي قائلا بأن: المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية تقوض الجهود الجماعية لتحقيق حل الدولتين ( 5 / 7 / 2024 )

أميركا.. على استحياء؟!

الخطاب السياسي الأوروبي مباشر ،  أما عجائب السياسة الخارجية الأميركية، أن خطابها " مخاتل " و هي تختبئ خلف " إسرائيل " عندما تكون فلسطين في المقدمة .
حقا ، الولايات المتحدة الاميركية دولة عظمى، و لكنها في مسألة فلسطين دولة " عظْمة" تقف في حلق العالم من أجل إرضاء اللوبي الصهيوني الذي جعل  مصلحة أميركا العظمى بين يديه، بل نستطيع القول على " كف عفريت " إن لم تكف أميركا الجري وراء إسرائيل على عمى ؟! 
تعمق في لغة " بلينكن " عندما يقول أنه : بالإمكان وجود دولة فلسطينية مع الحفاظ على أمن إسرائيل  ( 4/5/2024 )
استخدام مصطلح ب " الإمكان " ، أضعف لغة للتعبير عن تحقيق السلام، لو قارناه بمصطلح " ينبغي أو يجب " لعلمنا حقيقة موقف أميركا من إقامة " الدولة الفلسطينية " في صيغتها الناعمة ، أي منزوعة السلاح و السيادة و الإرادة . 
بلينكن شدد لنظيره الأردني على التزام واشنطن بإقامة دولة فلسطينية مع ضمانات أمنية لإسرائيل (الخارجية الأميركية- 3 / 7 / 2024 )

" إسرئيل "  .. العقبة ؟!

" و ما أدراك ما العقبة " ليست هنا فك رقبة ، بل رفض ملك " مملكة اليهود " المزعومة " نتنياهو " يقول بملئ شدقيه :  أعارض باستمرار إقامة "دولة إرهاب فلسطينية" ووقف الحرب وبقاء حماس ( 23 / 6 / 2024 ) 
بينما نصب نتنياهو نفسه ملكا على " إسرائيل " ، نعته معارضيه " ساحرا كذابا " لأنه يلعب على جميع الحبال و لا يوجد أمامه اليوم عصى موسى لتبلعها ، و هو من الأصل لا يؤمن بموسى و ما معه و إن تمسح في حرب اليوم بالتوراة و التلمود المحرفان  لممارسة أبشع أنواع الإبادة مقارنة ب " الهولوكوست " المشكوك في أمرها ، أما هذه فلم تغفل عنها عين العالم أجمع ذاك تاريخ مضى و هذا واقع مرير يرى على مدار الساعة ؟! 
إذا ماذا كان الهدف من " أوسلو " في نسختيه، طوال أكثر من ثلاثة عقود من المناقشات و اللقاءات و المؤتمرات و المفاوضات المضنية، أليس الوصول إلى " الدولة الفلسطينية " المجاورة للعيش بسلام و وئام ؟!
لقد اعترف عرفات رحمه الله قبل رحيله لأحد مقربيه بأن " أوسلو " كانت خدعة كبرى و طعم بلعناه . 
نصل إلى وزير خارجيته يكمل مسيرة " الملك " نتنياهو في قوله بأن :  رئيس وزراء إسبانيا متواطئ في التحريض على قتل الشعب اليهودي باعترافه بدولة فلسطينية .
كلام غير مسؤول و لا مسبوق يجر أذيال تاريخ بعيد يوم أن عانت إسبانيا من عبودية حكم اليهود و مجيء " صقر قريش " لإنقاذهم من الذلة و المهانة إلى العزة و الكرامة . 
انظر إلى رد وزير الخارجية الإسباني كيف أن : سلوفينيا تعاني من ضغوط إسرائيلية منذ اعترافها بدولة فلسطين ( 3 / 6 / 2024 )  
و سرعان ما ذهب الكنيست إلى المصادقة على مشروع قانون يمنع الدول من فتح بعثات دبلوماسية للفلسطينيين بالقدس (  إذاعة الجيش الإسرائيلي - 5 / 6/ 2024 ) 
و لم تقف الحكومة الإسرائيلية عند هذا الحد، بل تمادت في ذلك و صرح وزير ماليتها بأن : الحكومة ستوسع مستوطنات في الضفة الغربية  وتتخذ إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية ردًا على التحركات الفلسطينية ضد إسرائيل على الساحة الدولية .
أما المجلس الوزاري الأمني لإسرائيل فقد قام بإلغاء تصاريح وامتيازات مسوؤلين في السلطة الفلسطينية وتقييد حركتهم ( 28 / 5 / 2024 )

صدى " إسرائيل " ؟!

ليس هناك إجماع عالمي في قضايا السياسة و خاصة ما يختص بفلسطين من انتهاكات على كافة المستويات .
نطوف قليلا حول هذه النقطة، عندما ذكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنها قد تصوت على مشروع قرار يعترف بأهلية فلسطين للحصول على عضوية كاملة ( رويترز- 7/6/2024 ) ، ماذا حصل ؟ قام 20 عضوًا في مجلس الشيوخ الأميركي بتقديم مشروع قانون يقيد التمويل للأمم المتحدة أو أي منظمة تعطي السلطة الفلسطينية أعلى من صفة مراقب . (  الشرق -  10 / 5 / 2024 )  
فعل  هؤلاء أقرب إلى  عمل " قطاع الطرق " الذين يمنعون وصول اللقمة إلى فم المستحق.
حتى سياسيا لا يمارسون فعل السياسة ، بل   " النخاسة  " و هي لا تمت إلى النظام الديموقراطي بصلة .
و يلحق بهؤلاء برلمان الدنمارك الذي صوت ضد مشروع قانون للاعتراف بدولة فلسطينية .(  رويترز- 29 / 5 / 2024 ) 
تصدر إسرائيل الأوامر لأميركا ماذا تعمل و ما لم تفعل بطريقة سماها الأميركان أنفسهم بأنها مهينة و مذلة ، و من ذلك ما ورد عن مصدر إسرائيلي بأن : واشنطن رفضت طلبًا إسرائيليًا بمقاطعة اجتماع مع النرويج لاعترافها بالدولة الفلسطينية " أكسيوس "